في جلسة ضمت كل من الأخ العزيز محب الموروث والأستاذ ناجي قروان وبمناسبة قصيدة الشاعر إبراهيم أبو جلاس الذكريات الخوالي التي نشرها الأخ المشكاة في هذا القسم جاء الحديث على أن الشاعر إبراهيم أبو جلاس قد نظم قصيدتين للذكريات الخوالي إحداهما لينبع النخل والأخرى لينبع البحر .. وقد ذكرني أخي محب الموروث بأنني قد سبق أن نشرتها في المنتدى .. ولكن عند البحث عنها لم نتمكن من العثور عليها ولما رجعت إلى محفوظاتي وجدت لدي نسخة منها يسرني أن أعرضها هنا بالمقدمة التي كتبتها حينذاك والقصيدة تحكي عن حال ينبع البحر في زمن التسنيدة

الشاعر الطريف إبراهيم خليل أبو جلاس .. شاعر فكه وخفيف الدم هكذا عرفناه في حياته الخاصه وفي مسامراته وجلساته .. تجري النكتة على لسانه مجرى الكلام العادي ولكن حين يصور أفكاره شعرا ينطلق شاعرا مجيدا لا يخلو شعره من حنين للماضي واسترجاع له وتجسيد لشخوصه .. وفي هذه القصيدة التي أقدمها لكم تتضح معالم الصور التي ما زال يذكرها كل من عاش في ينبع قبل أربعين عاما جلية تستثير كوامن الشجن .. وإليكم


[poem=font="Simplified Arabic,6,black,bold,normal" bkcolor="silver" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
زمان ينبع لها بابين = وسكانها باديه وحضار
على البحر درة الشطين = وأمواجها تبهر النظار
وشكلها يبهج العينين = بألوانها تجذب الزوار
ينصونها كل حين وحين = سواح من ساير الأقطار
فيها بيوت البلد من طين = والبيت يطلق عليه الدار
والناس في داخله ساكنين=علما بأن البيوت حجار
فيها ربينا ومتربين = من صغرنا لين صرنا كبار
عايشين في جوها مقعين = من صبرنا نشبه الصبار
واحنا والأصحاب متفقين = وقت المسا نشعل الأنوار
ومرزوق يخدج لنا سردين= أما آبو عامر يبيع بهار
حتى الذي ما معه قرشين =يخوض ويلم له محار
والبعض فالشط منتظرين = الفيد ومولعين النار
فيها الوكايل على الجنبين = لأهل السنابيك والتجار
تلقى المخازن لها وجهين = وارد لها ومنها الإصدار
أما الصهاريج صنع يدين = خزان لاشحت الأمطار
وبير العسيله على دلوين = نجذب بها الماء للأشجار
وبحر الدرج يا رفيقي بين = قهوة شكوكو وابو منقار
وابن عطا في جواره اثنين= حداد ومقابله نجار
وفـ( رقعة السمن ) دلالين = وبقال وبجانبه عطار
لأجل اللحم كل يوم اثنين = مخصوص يذبح جمل جزار
والشط مليان حواتين = والكل ماسك معه مقشار
وفـ ( بسطة العيش ) بياعين = جاهزين والخبز دايم حار
حتى المقاضي ناخذها دين = بيناتنا والمحبه شعار
مهما غلا الزاد والتموين = آخر شهر تنجلي الأكدار
حتى أسامي الحواير زين = والحي مشهور بالسمار
وننام بس العمد صاحين = عسه وحراس ليل نهار
جانا زمن يفصل الجيلين = جيلا بنى شيد الأدوار
وجيل التقدم أبو وجهين = من الطغى شتت الآثار
ولما أتاها غراب البين = مع الزمن والتطور سار
صارت أثر بعد ذاك العين = غير الصور منها تذكار
والآن لا مين يعرف مين = والجار ينسى حقوق الجار
ولو تسأله ليه يا مسكين = يجاوبك بالذي ما سار
أرغب أشوف البحر في حين = وفي حين أرغب أشوف بحار
وأحيان تمضي علي سنين = أعيش في وحدتي محتار
سيف الحضاره أبو حدين= هو الذي حطم الأسوار
خلى جميع المدن ما بين = ضجه وخلى سماها غبار
والحين لما دخل ألفين = ومقاولين العمار كثار
هدوا لنا كل معلم زين = بالأمر مع سابق الإصرار
واصبحت آنا واخويا وين = بيناتنا تكثر الأعذار[/poem]