[ينبع النخل]


لا تُطلق الأسماء على المواقع جُزافاً إنما يُستند في تسميته إلى عوامل عِدَّة ، منها : إما أن يكون شكل الموقع ونباته ، أو حدث وقع فيه ، أو نسبة إلى أحد الأشخاص ، الخ . . فيسمى بأحدها .

أما [ ينبع النخل ] فقد حضِيَت في تسميتها بعاملين أساسين قلما تحضى بها مدينة أُخرى ، فقد وُصفت بينبع لما حباها الله بها من ينابيع تجري فيها كالأنهـار " نسأل الله العلي القدير أن يُعيدها إلى عهدها السابق " فسميت [ بينبع ] ثم أنعم عليها سبحانه وتعالى بأن أوجد فيها شجراً من أفضل الشجر على البسيطة فزينها بها حتى أصبحت جنة من جنانه في الأرض ، وهذا الشجر هو النخيل والذي كرمه الله عز وجل بأن أورد ذكره في القرآن الكريم نصّا في 21 آية . ومن الأسماء التي وردت في القرآن الكريم [ نخيل ، نخلة ، نخلاً ، نخل ، ولينةٌ ] ولوجود النخل فيها أُضيف إلى اسمها الأول كلمة نخل ، فسميت بـ [ ينبع النخل ] ، فانفردت به بين المدن والقرى والهجر على البسيطة .

فماذا قيل في النخلة .

في القرآن الكريم .. قال تعالى :
( وَجَعلنَا فِيهَا جنَّاتٍ مِن نَخيلٍ وأعنابٍ وفَجَّرنَا فيهَا مِن العُيونِ ) يس آية 34.
( أوْ تكونَ لكَ جنَّةٌ مِن نخيلٍ وعنبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهارَ خِلالَها تَفجِيرَا ) الإسراء أية 91.
( أَيَودُّ أحدُكُم أنْ تكونَ لهُ جنَّةٌ من نخيلٍ وأعنابٍ تَجري من تحتِها الأنهارُ .. ) البقرة آية 266.

في الحديث الشريف :
جاء في الصحيحين : عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة ، فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليغرسها " .

ومن أقوال العرب :
وَصَفتِِ العربُ النخلةَ .. فقالوا فيها : تُخرج أسفاطاً وأسباطاً .. يتفتقنَ عن قضبانٍ الفضة .. منظومةٌ باللؤلؤِ الأبيض .. ثم تتبدل قضباناً من الذهب منظومةٌ بالزبرجدِ الأخضرِ .. ثم تصير ياقوتاً أحمرَ وأصفرَ .. ثم تصيرُ عسلاً في شَنَّةٍ من سماءٍ ليستْ بقربةٍ أو إناءٍ .. حَوْلهَا العذابُ .. ودونَها الحرابُ .. ولا يقربُها الذبابُ .. مرفوعةٌ عن الترابِ .. ثم تصيرُ ذهباً في كيسهِ ، يُستعانُ بهِ على العيالِ ..

وقال قيصر الروم .. متسائلاً عن شجرة النخلة :
هل صحيحٌ مَا قيل مِنْ أنَّ شجرةً مَا هِيَ بِخليفةٍ لشيءٍ ؟ ــ أي ليس لها أصلٌ معروف ــ تُخرِجُ مِثلَ آذانِ الحمارِ .. ثُم تتشقَّقْ مِثلَ اللؤلؤ .. ثم تَخْضَرُّ فتكُونُ كالزَّبرجَدِ الأخضرَ .. ثم تَحمَرُّ فتكونُ كالياقوتِ الأحمرَ .. ثم ينتفخ فيكونُ كأطيبِ فالوذَجٍ أُكِلْ ..ثم تَيْبسُ فتكونُ عِصْمَة للمُقيمِ وزاداً للمسافرين . فإنْ تَكُنْ رُسُلي صَدقتْني ، فَلا أرى هذِه الشجَرةََ إلا مِنْ أشجارِ الجنَّةِ .

وقال الشعراء في وصف النخلة :

فقال امرؤ القيس في معلقته الشهيرة التي مطلعها " قِفا نبكِ " :
وفرعٍ يُزَيِّنُ المُتنَ أســـــودَ فاحمٍ ** أَثِـيـْث كَـقِـــنـْوِ النخلةِ الـمُــتـعَثْكِل
غَدائِرهُ مُســتَشْزِراتٌ إِلى العُلَى ** تَضِلُّ العقاصُ في مُثنىَ وَمُرسَــلِِ

وقال السري الرفاء المتوفى سنة 366 هـ .
فالـنـخـلُ مِن باسـقٍ فـيـه وباسِــــقة ** يُضَاحِكُ الـطَّـلـْعَ في قِـنْـوانِه الرُّطبَا
أضْحَتْ شَمَارِيخُه في النَّحرِ مُطلِعَةً ** إمَّـا ثـُريَّـا وإمـا مِـعـصَـمـاً خَـضَـبا
تُريك في الظل عقيــاناً فإن نظرت ** شــمسُ النهارِ إليــها ، خِلتها لَهبــــا

وقال أحمد شوقي في قصيدته " النخلة " :
أرى شجراً في المساء احتجب ** وشـق العنـان بمرأىً عَجبِ
مآذن قــامت هنــا أو هنـــــاك ** ظواهرها درج من شـذب
وليس يؤذن فيـــها الرجــــــال ** ولكن تصـيح عليها الغُــرب
وباسقة من بنات الرمـال نمت ** وربت في ظــلال الكُثب
كســارية الفـلك ، أو كالمســلة ** أو كالفنـــار وراء العـبب
تطـول وتقصـر خلف الكثيب ** إذا الريح جـاء به أو ذهب
قد اعتصبت بفصوص العقيق ** مفصــلة بشــــذور الذهب
وناطـت قـلائد مرجــانها على ** الصدر، واتشحت بالقصب
وشــدَّت على ســاقها مئزرا ** تعـقَّد من رأســـها للذنب
أهذا هو النخل ملكُ الرياضِ ** أمير الحقول عروس العزب؟
طعــام الفقير وحــلوى الغني ** وزاد المســافر والمــغترب
فيا نخلة الرمـل ، لم تبخــلي *** ولا قصرت نخـلات الترب