طارق بن عبد الله الفياض



لطالما تعجبت ونقلت تعجبي للكثيرين ممن يناقشونني حول الهجوم على مناهج التربية الإسلامية .. كيف يفعلها كل الناس بحق وبباطل وخاصة من بعض طويلي الألسن
حتى أن البعض أخذ يتهجم على القرآن الكريم والسنة النبوية، فوجدت الأمر حريا بالنقاش..
لدي رصيد يمكنني من نقد منهج اللغة الإنجليزية منذ المرحلة المتوسطة وحتى نهاية المرحلة الثانوية .. ومع ذلك أجد ندرة ممن ينتقد منهج اللغة الإنجليزية ويطالب بتطويره مع أنه منهج سقيم جدا يضيع الوقت ويزيد العبء عدا غرور بعض معلمي اللغة الإنجليزية على المجتمع وعلى بقية المعلمين وكأنهم من سيصلح العالم وليعذرني بعض من أحبهم فمن رام الحقيقة ليجرب الترياق بعد شرب السم.
منهج مادة الرياضيات وعقد أصابت بعض المبدعين في فن الشعر والنثر ومع ذلك تجدهم قد تحولوا لباعة كلام التذمر والشكوى من منهج يعدنا بالصعود للقمر إن سرنا على منهج ديكارت ومنطق أرسطو.
ولا يلبث عجبي أن يزيد ممن هم من خريجي القسم الأدبي سابقا .. العلوم الشرعية لاحقا لتصبح مادة التربية الإسلامية هي مدار نقدهم فقط لأنهم ويا للأسف هربوا من منهج الجيولوجيا والفيزياء والكيمياء وغيرها مما تحتاج فعلا لإعادة نظر ، فمناهج التربية الإسلامية تستهلك الكثير من تفكيرهم ، لكونه الشيء الممكن فهمه لكن بقية المناهج لا تجد سوى النزر اليسير من النق .. هذا إن وجد فلذلك نعاني كثرة مسح السبورة من هؤلاء وان كنت احترم بعض من ينتقد بموضوعية لكن بهذه الصورة الممجوجة أصبح البعض يتعدى حدوده في التخصص ليصبح ابن تيمية زمانه ويضخ تصورا وخططا لبناء تربية إسلامية وفق تصور سقيم عنده وهو لا يعدو أن يكون احد ماسحي السبورة الأوائل .
ولو كان مميزا بحرف الدال الفخم الذي يعتبر (ماستر كي ) التحدث في كل قضية ولو كانت عن حجم ما لا يمكن تصوره .. معذرة سيدي الكريم ، فالقضية ليست كما تشتهي فاقتصر يا رعاك الله على ما تعرف ، فخريج البكالوريوس في علوم الشريعة يستطيع منافسة بروفسور أمضى كل عمره في دراسة أسباب التشنج عند الفئران ، بل لعل طالبا لم يكمل الثانوية قادر على إعطاء رأي أكثر جدية من خريج السوربون وغيرها في نقد المناهج الدينية .. في الحقيقة أتمنى أن أجد نقدا لمنهج الأدب في المرحلة الثانوية وأطروحات لتطويره ومنهجا لتطوير مادة التعبير ومادة العلوم والجيولوجيا ومعامل الفيزياء. نريد أطباء ونريد مهنيين ، فالنقد لا يتعدى نقد المناهج الدينية وأساليب العمل داخل المدارس وبقية الجوانب لا يوجد من يتحدث بصورة تطمئننا أن المتحدث يفهم عن ماذا يتحدث. وزارة التربية والتعليم أصبحت تسعى إلى تخريج طلاب ينفعون أنفسهم غالبا ، فقد وأدت الكثير من المشاريع الطموحة بسبب نوعية النقاد فالهجوم الشرس جعلنا نخسر الكثير من الوقت والجهد لنطور بقية الجوانب في علمنا التعليمي .. لا نريد أن نكابر ونبالغ، فردة الفعل على أعمال الإرهاب جعلتنا ننساق وراء اتهام القرآن والسنة وما يكتب من آيات وأحاديث في مناهجنا بينما الحقيقة أن كثيرا من أصحابنا النقاد لا يمكنهم الولوج لتلك الخطوط بسبب جهلهم بها فقلة من يذاكر لأبنائه تلك المناهج، لأنها توكل للمعلم الخصوصي أو يدبر نفسه ما حد حوله فلذلك لا يعرفون عنها شيئا ولو كانوا متخصصين فكيف إذا كانوا غير متخصصين ؟ أما مناهج التربية الإسلامية فهي لصيقة بهم جدا فلذلك يعرفونها وينقدونها وكأنها المناهج الوحيدة ، بينما النقد أرحب والمساحة أوسع..
فلن يستطيع المنتقدون أن يبينوا عن الخلل في منهج الكيمياء وثغرات الجدول الدوري والفلزات والنيوترونات .. أظنهم سيقولون لا تحرجنا لا نعرفها.. خل الطابق مستورا، فلذلك إن كنت راميا ماهرا للحجارة وبيتك من زجاج فسيرمونك قطعا ويكسرون جدرانك ..
نريد ناقدا لكل المناهج وليبدأ بالتربية الإسلامية لكن لا يمكن السكوت أنه لا يتعداها فالقصور والخلل يطال كل الجهد البشري .. فمرحبا بالنقد الموضوعي دون إلغاء أو اجتثاث فنحن ديننا الإسلام ولن يكون سحق الإرهاب بمزيد من إغراقنا في الجهل بأحكام الشريعة فنحن للعبادة خلقنا وبالموت والحياة ابتلينا وهذا نص قطعي الثبوت وقطعي الدلالة يا معاشر المنتقدين.