فجيعة أخرى نقلتها جريدة الحياة في عدد الثلاثاء الماضي، حيث أدت مطاردة من فرقة تابعة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (على طريق جديدة عرعر) إلى وفاة فتاة متأثرة بجراحها وإصابة الشاب (الذي كانت برفقته) بجروح وكسور عقب انقلاب سيارتهما أثناء محاولتهما الهرب، واستمرت المطاردة نحو ساعة لاشتباه رجال الهيئة في تورط الشابين في خلوة غير شرعية داخل سيارة.
هذه الحادثة أنهت حياة فتاة وألحقت بذويها العار والفضيحة بسبب تصرف الهيئة بغض النظر عن النية الحسنة أو السيئة. وهذه الحادثة تؤكد أيضاً للمرة الألف أن هناك أفراداً من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أدنى من مستوى مفهوم الإصلاح وأساليب الشرع في درء الفتنة والمحافظة على المسلم من الانسياق في الزلل، وكنت قد سبق أن كتبت عن مفهوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من كونه مفهوماً يسعى إلى الستر في المقام الأول، والتوجيه بما تحبه النفس لا إلى ما تبغضه وتدفع بالمرء على اقتراف ما هو أعظم وأنكى، إلا أن هذا المفهوم لا يزال غائباً عن عقلية بعض رجالات الهيئة حيث يقترفون أساليب بوليسية من تتبع وترصد ومتابعة وأخيراً مطاردة.. والجميع يعرف أنه ليس من حق أحد مطاردة شخص آخر باستثناء الجهات الأمنية حتى أن هذه الجهات لا تقوم بالمطاردة بل تتبع أسلوب المتابعة ونقل معلومات وأوصاف المتابعين إلى أجهزة وسيارات الأمن المتواجدة في كل نقطة.
ولأن المسألة لدى من طارد الشاب والفتاة هي مسألة قبض واتهام فقط لم يفكروا في الوسائل الأخرى التي تحافظ على سلامة المطاردين ويبدو أن همهم كان القبض على الشابين بالجرم المشهود..!! لا أعرف تحديداً كيف يتحرك بعض رجال الهيئة وبأي فكر أو منطق أو مصلحة يقدرونها أثناء مطاردة شابين داخل سيارة تجوب الشوارع (ويمكن اعتباره اختلاطاً وليس خلوة).. إن في هذا الفعل تربصاً واستعداداً للإيقاع بالضحية والحمد لله أن هؤلاء غير مسموح لهم باستخدام الذخيرة الحية، ومع افتراض أنه سمح لهم بذلك فأعتقد أن من طارد الشابين كان على استعداد لإيقاف الشاب بطلق ناري!!
الكارثة الآن هي استعداد الجهة المتسببة في الوفاة في دفع الدية فقط ينتظرون تقرير المرور في هذا الصدد.. أي دية تلك بعد أن ذهبت روح وزرعت فضيحة لأسرة فتاة لا نعلم تحديداً ماهية وجودها مع شاب ربما كانا يخططان لحياة أسرية.. نحن ننتظر التحقيق في هذه الحادثة ونشرها على الملأ فكم من حادثة متنوعة حدثت ولم نسمع ما حدث من الهيئة في شأن المتسببين لها.. نحن ننتظر.

حسبي الله ونعم الوكيل