كنتُ هذا المساء مع الشيخ / محمد الحميدي في قصر الأفراح وروى لي قصة طريفة وغريبة عندما سألته متى وصلت من جدة ؟؟ فقال ضاحكا :
ركبنا الطائرة المتجهة لينبع الساعة الثانية والربع ظهرا وبعد جلوس الركاب في مقاعدهم وإذا بسرب من النحل يكتسح الطائرة من الداخل وهات يا تلسيع في الركاب وغير الركاب وحيث أن النحل كان بكثافة كبيرة لم يستطع أحد السيطرة عليه فأمرونا بالخروج الفوري وبعضنا هرب فارا بنفسه لم ينتظر التعليمات لأن طاقم الطائرة والمضيفون كانوا مشغولين في أنفسهم لمكافحة النحل الذي تسرب لكابينة القيادة فلسع الكابتن بما تيسر من اللسع وعــرّج على المضيف الأول ولسعه لسعة جامدة حتى طلبوا له الإسعاف وبعض أفراد الطاقم جاءتهم لسعات خفيفة مثل بعض الركاب أيضا ..

قلت له المهم يا أبو سعد أنت وين رحت أثناء هذه المعركة غير المتكافئة ؟

قال : هي فعلا غير متكافئة لأننا لم نستعد لها ولم يخطر ببالنا أن هذا العدد من أفواج النحل يدخل الطائرة فجأة بهذا الشكل المخيف ..ولكنني نزلت مع مجموعة من الركاب فبعضنا ذهب في الباص من حيث أتى والبعض إلى الصالة القريبة وبعد ساعتين نظفوا الطائرة وأزالوا آثار العدوان وصعدنا إليها الساعة الرابعة ولكن وجدوا أن الكابتن غير مستعد للسفر بسبب تأثره بالحادث واحتجاجه على عدم تلبية طلبه بسرعة إحضار طبيب لمعالجته من اللسع فبحثوا عن كابتن احتياط وعندما وصل الكابتن الجديد كان المضيف الأول ما زال يتلقى العلاج ولا يستطيع السفر فبحثوا عن مضيف آخر لأنه ممنوع قيام الرحلة بمضيف أول ناقص فأحضروا البديل وأقلعت الطائرة الساعة الخامسة تقريبا ..

فعلا هذه قصة غريبة وطريفة ولا تخطر على البال ... قلنا سلامات للشيخ / محمد وبالصدفة جاء الأخ/ توفيق إبراهيم السيد ليسلم علينا وسمع بالقصة فقال معلقا : أنا الذي ذقت الأمرين هذا اليوم من النحل الذي كان سببا في تأخر الطائرة فلكم أن تتصوروا كم من الركاب لدينا في ينبع ينتظرون طائرة النحل هذه ومعظمهم لهم حجوزات مؤكدة على مدن أخرى بعضهم لمصر وهؤلاء فاتت رحلتهم وألغينا حجزهم وعادوا لبيوتهم ، وبعضهم للدمام وهؤلاء أسكنوهم في فندق مؤقتا بجدة ، وبعضهم لنجران الله يخلف عليهم في رحلتهم وهكذا كل الأمور سارت ملخبطة في مطار ينبع وكلهم كانوا على الكونتر يقفزون ويترجون أن نساعدهم ولكن لا فائدة لأن مثل هذه المواقف خارجة عن الإرادة .


قلت :
سبحان رب العالمين القادر المقتدر انظروا كيف هؤلاء جند الله الذين نستصغر أجسامهم وأعمالهم كيف استطاعوا قلب الأمور رأسا على عقب في دقائق معدودة ، وفي حياة النحل أسرار عجيـبة اكتشف الإنسان في العصر الحديث بعضا منها ، ومازال هناك الكثير من تلك الأسرار التي أودعها الله في ذلك الكائن الحي الذي أوحي إليه .
قال تعالى :
وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون ، ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مخـتلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون.

وما دام أن النحل مأمور بأمر الله حتى الأكل من الثمر يكون بوحي من الله إذن فهو مأمور أيضا أن يأتي لهذه الطائرة فيؤخر إقلاعها. ربما كان تأخير الطائرة حتى لا تقابلها عاصفة أو طائر جارح في السماء فيسبب لها كارثة وكل شيء عنده بمقدار ..
إنه رب العالمين الذي يقول : (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ) .