بينما كانت تجلب الماء لسيدتها من ضفاف نهر أشبيلية , قرب مرج الفضة , وإذا بمحمد بن عباد , ابن حاكم
أشبيلية ينظر إلى الماء معجباً بتموجه قائلاً:

صنع الريح على الماء زرد

وطلب من مرافقه وصديقه الشاعر ابن عمّار أن يجيزه.
فأطال ابن عمّار الفكرة , وأفحم , ولم يأت بشيء !!

فما كان منها إلا أن قالت :

............................. أيُّ درع لقتالٍ لو جمد

فقال لها أعيدي , فقالت :

[poem=font="Simplified Arabic,6,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="http://www.alhejaz.net/vb/images/toolbox/backgrounds/20.gif" border="solid,4,green" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
صنع الريح على الماء زرد= أيُّ درع لقتالٍ لو جمد [/poem]

( والزرد : هو الدرع )


وغادرت المكان , فتصدى لها ابن عباد معجباً بذكائها وجمالها , فقالت له , لست من ذلك النوع من الفتيات
فقال لها أريدك زوجاً لي , فعند من أنت , فقالت جارية عند الرميك بن الحجاج.

فأغلى في سبيلها الثمن والمهر والهدايا , وتزوجها وكانت أما لأولاده الرشيد , والراضي , والمأمون , والمؤتمن.

ثم إنه عندما ولي الأمر أشتق أسم الملك من أسمها فتلقب بالمعتمد (من حروف اعتماد).

كتب اليها مقطوعة شعرية وهو بعيداً عن أشبيلية , يبدأ كل بيت من أبياته بحرف من حروف أسمها , كقلة قليلة من الشعراء الذين تغنوا بزوجاتهم:

[poem=font="Simplified Arabic,6,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="http://www.alhejaz.net/vb/images/toolbox/backgrounds/20.gif" border="solid,4,green" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
( ا ) أغائبة الشخص عن ناظري=وحاضرةً في صميم الفؤاد
( ع ) عليك السلام بقدر الشجون=ودمع الشؤون وقدر السهاد
( ت ) تملكت مني صعب المرام=وصادفت مني سهل القياد
( م ) مرادي لقياك في كل حينٍ=فيا ليت أني أعطى مرادي
( ا ) أقيمي على العهد ما بيننا=ولا تستحيلي لطول البعاد
( د ) دسست اسمك الحلو في طيه =وألفت فيك حروف اعتماد[/poem]
ثم إنها رأت ذات يومٍ , فتيات من شرفة قصرها يملأن الماء من النهر حافيات , فاستأثر ذلك انتباهها , فرأها زوجها المعتمد بن عباد وسألها فقالت له لقد تذكرت أيامي الأولى , فجاء بماء الورد وبالمسك والسكر ثم أمر بعجنها وجعلها في باحة القصر , فأخذت الرميكية وبناتها الصغيرات يسرن حافيات في هذا المزيج المترف على أنه طين.

قالت لزوجها ذات يوم : لم أر منك يوماً صالحاً . فقال لها : ولا يوم الطين.

خلع المعتمد بن عباد من الملك على يد المرابطين , ونفي الى أغمات في المغرب وكانت رفيقته.

عاشت اعتماد أولى حياتها تعاني من ذل الأسر والرق , ثم ترفلت مترفة في عز الملك والقصر , ثم عادت إلى ذل الأسر والقهر, حيث توفيت ودفنت في اغمات بالمغرب.