[align=center]بيروت - مكتب «الرياض» - سيمون نصار
خلص تقرير التنمية العربي في العام 2002، وهو التقرير الذي أثار الكثير من الجدل. خلص، الى أن مستوى الأمية بين النساء في العالم العربي وصل الى مشارف الخمسة والستين في المئة. كما أن الاحصاءات التي تصدرها اللجنة الاقتصادية لغرب آسيا (الاسكوا). تفيد، بأن 49 في المئة من النساء العربيات و 27 في المئة من الرجال الذين تجاوزوا الخامسة عشر عاماً هم من الأميين، وأن هذه النسبة المئوية تزداد سنوياً بشكل ملحوظ وخطير.
الرقم مهول، وهو كذلك، لأنه، حقيقي، جارح، ومأساوي أيضاً. اذ أكثر ما يبهر في موضوع هذه الدراسات، هي الأرقام التي تقشعر البدن حال قراءتها. ولكي لا تكون الكتابة تنظيراً كما الدراسات، ولا رثاءً للحالة التي عاينتها الدراسة الجديدة التي قامت بها الدكتورة ماري الدبس، بخصوص لبنان خصوصاً، يمكن القول بأن نتيجة هذه الدراسة مؤلمة جداً، فالكثير من النتائج التي خلص اليها التقرير السابق الذكر، كانت عامة حول العالم العربي برمته. أما الدراسة الجديدة التي نفذتها الدكتورة ماري ناصيف الدبس بدعم من (أوكسفام كيبيك)، وذلك من أجل طرح الحلول والطرق التي تخلص المجتمع من هذه الآفة. وهي حلول مبدئية تمكن الدولة مع السلطات المحلية والمجتمع المدني من وضع حد نهائي لها.

مشكلة الأمية تتفاون بين بلد عربي وآخر، ولبنان بحسب الدراسة التي أصدرتها (الاسكوا) تقول بأنه يقع في المرتبة الرابعة «ايجابيا» وهذا لا يعني أن نسبة الأمية في لبنان ليست كبيرة «20 في المئة من النساء فوق الخامسة عشرة عاماً و24 في المئة وفق دراسات أخرى»، الأمر الذي يعني أن هناك ما بين 350 الى 450 ألف امرأة في لبنان يقعن في خانة الأميات أو أشباه الأميات.

وتركز الدراسة التي اشتغلتها الدكتورة الدبس في منطقة الضاحية الجنوبية من بيروت وشملت 284 امرأة وفتاة أميات وشبه أميات وفقا لتقييم يستند الى عدد سنوات الدراسة، والدخول الى المدرسة أو عدمه، الا أن خصائص هؤلاء النساء بحسب الدراسة «تقارب مع نساء الضواحي الأخرى للعاصمة من حيث الانتماء المزدوج الريفي المديني وأيضا من حيث الموقع الطبقي والاجتماعي» بحسب ما تقول الدكتورة الدبس في مقدمة الدراسة.


أرقام ومعلومات احصائية:

وتقول الدكتورة الدبس أن أهداف هذه الدراسة «ليست معرفة نسبة الأمية في الضاحية الجنوبية وانما تلمس أسباب أمية هؤلاء النسوة والفرص المتاحة أمامهن للخروج من أميتهن ومدى استعدادهن أو تمكنهن من الاستفادة من هذه الفرص». وهي تذكر الضاحية الجنوبية لبيروت لأن نساء الدراسة ينتمين جميعهن الى هذه الضاحية، وهن نساء قدمن مع عائلاتهن في زمن الحرب من الجنوب اللبناني والبقاع أيضاً. وأن نسبة كبيرة منهن ولدن في الضاحية، وتتراوح أعمار هؤلاء النسوة بين 19 و 30 عاماً، بينهن 76 عازبة و 122 متزوجة و 49 أرملة و 37 مطلقة. وهؤلاء جميعا استخدمتهم الدراسة كعينة لموضوعها. وبينت هذه العينة أن 47 في المئة من هؤلاء النسوة هن في «سن النشاط» يعملن بينما بقيت 53 في المئة هن مهمشات اقتصادياً.

وقالت الدراسة أن 71,05 من العازبات وكذلك الأرامل يعملن. يلي هذه النسبة المطلقات بنسبة 46 في المئة. بينما تنخفض هذه النسبة بين المتزوجات الى 26,22 في المئة. اذ أن الأعمال المنزلية هي مصب الاهتمام الأول بينهن، وبحسب الدراسة فقد بلغت النسبة 99,49 في المئة. وأحد أسباب هذه النسبة المرتفعة هي رفض الأزواج لعمل المرأة، انما عليها التفرغ للتربية والاهتمامات المنزلية.

الدراسة التي قامت بها الدكتورة الدبس قسمت الوضع التعليمي بين النسوة الى أميات وشبه أميات. فقد توصلت الدراسة أن 21,47 في المئة من المستهدفات (بحسب تعبير الدكتورة الدبس) لم يذهبن الى المدرسة يوماً، في حين أن 17,95 ارتدن المدرسة لسنة واحدة فقط. و 15,16 في المئة واظبن على الدراسة لمدة سنتين و 45,42 لثلاث سنوات كاملة. وهذا يعني أن الجميع لا يقرأن ولا يكتبن.

وتقول الدكتورة الدبس ان هذه النتيجة (السابقة) تقودنا الى الاستنتاج أن هناك 39,42 في المئة من النساء اللواتي اعتبرن عينة للدراسة، لم يذهبن الى المدرسة ولو لمدة يوم واحد, في حين أن 60,58 في المئة منهن يعتبرن شبه أميات.


أسباب الأمية بالنسبة للعينة:

تعيد الدراسة الأسباب الموجبة وراء ظاهرة الأمية المتفشية بين النشاء الى عدد كبير من الأسباب من بينها الوضع العائلي والاجتماعي وظروف التهجير والأوضاع المالية المتردية بين النساء في لبنان. والأسباب التي تأتي بالأرقام أيضاً, فخصلت الدراسة الى أن 15,8 في المئة من عينة الدراسة يعود تركهن للمدرسة الى جهل الأهل بأهمية التعليم. و 31,69 في المئة الى الأوضاع المادية. و21,47 في المئة الى اضطرارهن الى العمل المأجور، بينما تأتي مساعدة الأم في المنزل والتدابير المنزلية في المرتبة الرابعة، والخضوع للزوج في المرتبة الخامسة. وتشير الدراسة الى أن 62,68 في المئة من نساء العينة أرغمن على ترك المدرسة، في حين أن 37,32 في المئة وافقن بكامل ارادتهن على تركها.

أما المشاكل التي تخص مسؤولية الدولة، فهي تتلخص في أن الدولة لم تقر الزامية ومجانية التعليم. ولعل مجانية التعليم هي السبب الرئيس في هذا الموضوع، أذ أن فاتورة التعليم في لبنان مكلفة جدا، خاصة، بالنسبة للعائلات الفقيرة أو تعاني من سوء الأوضاع الاقتصادية.[/align]