التربية التعليمية
بينا سابقاً أن من المهم أن يحرص الأبوين على تعميق العبودية لله عز وجل في نفس ولديهما فينتهز الأب مثلاً فرصة تتقدم الأم بها الى ولده بشيء يحبه من هدية أو طعام أو كساء أو مال فيسأل ابنه: ما هو الواجب الذي يترتب على الولد تجاه أمه؟ ويأخذ بيده إلى معنى الشكر والاعتراف بالجميل ثم ينتقل الأب بولده إلى دائرة الشكر لله عز وجل فيسأل ولده عن رأيه بعينيه وهل هما غاليتان عليه وهل يمكن أن يوازيهما شئ في الوجود وكذا يسأله عن أذنيه ولسانه ويديه ورجليه حتى يتعمق في نفس الطفل الإحساس بقيمة هذه الجوارح ثم يطرح على ولده السؤال المناسب وهو:
من أعطانا هذه الجوارح؟ وكيف يمكن أن تكون حياتنا لو فقدناها؟ ويكون الجواب: أن الله هو الذي خلقنا وجاء بنا إلى هذا الوجود وخلق لنا أعضاءنا وجوارحنا وخلق الكون من أجله وسخر لنا وإذا كنا لا نرضى وقد قدمت لنا أمنا هدية إلا أن نشكرها، إليس جدير بنا أن نشكر الله على فضله وكرمه! وإذا كنا نفرد أمنا بالشكر لأنها هي التي قدمت لنا هديتها ولا نرضى أن نشرك معها الجاره فإنه جدير بنا وحقيق ألا نشكر إلا الله المنعم الواحد الحق.
يجب على الأب أن يغرس فكرة العبودية لله عز وجل بشكل عميق في نفس الطفل ويربط بين مظاهر الكون وفكرة العبودية حيث يقدم للطفل توازناً نفسياً رائعاً غير مباشر. ويغرس بالطفل سهولة المراحل التالية.
ازرع الخير فيهم
من أسباب الاعتزاز بالإسلام أن نختار أحد أسماء أبطال الإسلام كخالد بن الوليد أو حمزة بن عبد المطلب أو بلال أو صهيب أو عمر بن الخطاب فنكني أبناءنا بأحد هذه الأسماء ولا ننادي ولدنا إلا بذلك فلا يسمع مثلاً إلا: أقبل يا أبا عمار!، وخذ يا أبا عمار! وأذهب يا أبا عمار! وهكذا.. ونحن في هذه الكنية نسير على نهج الرسول عليه الصلاة والسلام الذي كنى الطفل الصغير فقال له: (يا أبا عمير ما فعل النغير) فضلاً عن أننا نشعر الولد بشخصيته فإذا حدثناه عن سيرة من كنيناه باسمه فقد أغنينا معارفه وزدنا من اعتزازه بدينه وأبطال دينه.
نذكر الآباء بضرورة اصطحاب الأبناء الى الدروس حتى يتعلم ارتياد مجالس العلم ونحن لا ننكر أن هذا السن صغير على مجالس العلم ولكنه إذا أخذ في فترات مختلفة فقد يزرع ذلك في نفسه حب هذه المجالس والتعود عليها وقد يكون ذلك سبيلاً إلى استفادته منها في مستقبل الأيام فإذا ما رأى الوالد عزوفاً من ابنه عن مثل هذه المجالس فيحسن به أن يشجعه ويشد من أزره فإن لم يغن ذلك فلا بأس أن يغض الطرف عنه لأن هذه القضية ستأتي بشكل آكد في المرحلة التالية من عمر الطفل حين تتسع مداركه.
ماذا يمكن أن يقدمه الوالد لأبنائه؟
قد يسهو الولد عن صلاته وقد يتهاون بها وهنا يبرز دور الوالدين كبيراً فإن الوالد إذا استيقظ صباحاً لصلاة الفجر وجب عليه أن يوقظ زوجه وأولاده ومن الخطأ والمحزن أن يأخذ الأب العطف والحنان نحو أبنائه بأن لا إيقاظهم. يحسن بالوالد أن يشرف على وضوء أولاده فيصحح ما أخطئوا فيه وبين لهم ما أنقصوا ويذكر لهم فضل الوضوء بحيث يختار الوقت المناسب لأخبارهم. دعوة الأبناء إلى طلب الأب منهم أن يصطحبونه الى الصلاة في جماعة. ويخض أبنائه على صلاة السنة. عليه أن يصحح لأبنائه صلاتهم ويراقب حركاتهم ليرى أن كانوا يحسنون الصلاة أم لا فإذا وجد خللاً أو نقصاً نبه إليه وبين لهم الأمر الصحيح. بعد الصلاة يجب على الأب أن يجلس مع أبنائه ويجلس أبنائه أمامه ثم يطلب منهم أن يقرؤوا من مصاحفهم ويصحح لهم ما أخطئوا في تلاوته ويسعى شيئاً فشيئاً وبالتدريج في بيان أحكام التجويد والتلاوة. لا بأس بإعطاء الأب مصحفاً لكل واحد منهم يشجعه على التلاوة ثم يعده بالأجر والثواب عند الله ويعده بهدية أو كتب أو ثوب أو ما شابه ذلك. يجدر بالأب أن يقرأ على أبنائه كل يوم إن استطاع حديثاً شريفاً ويشرح لهم معناه مبسطاً فإن لم يستطيع يومياً جعل ذلك غَبّاً أو حسب حالة أولاده وقدرتهم على الاستيعاب. ولا بأس بإدخال دروس السيرة النبوية وسير الصالحين لما فيها من بث النشاط في نفوس الأبناء. هناك من الأبناء الذين لم يتجاوزون العاشرة من يحفظ عشرة أجزاء أو أكثر من القرآن الكريم فلا تتهاونون في قدراتهم.
القاعدة التعليمية
يجب أن تبني قاعدة تعليمية عظيمة في منزلك أصولها لدى الطفل، وذلك بترغيب الطفل من القراءة والمطالعة بإهدائهم الكتب ولا سيما القصص المفيدة. ومن المؤسف أن نرى الآباء يحرصون في هذه الفترة على إحضار المجلات المصورة التي تصدر للأطفال في عالمنا العربي أكثر من حرصهم على تقديم الكتب المفيدة. ونقرر وبما لا يقبل الشك ونتيجة الاطلاع على هذه المجلات أن كثيرا منها سيئ التوجيه ولا يقدم كبير فائدة لأبنائنا من حيث الناحية الدينية والتعليمية والتربوية ويمتد ذلك الى القصص المصورة ولا سيما المترجمة منها.
ماذا نجني من فوائد القراءة والمطالعة لدى الصغار؟
أننا ننمي في أبنائنا حب المطالعة والقراءة هذا الحب الذي فقدناه بسيطرة الرائي (التلفزيون) و (الفيديو) على حياة اطفالنا. أننا نعود أبناءنا على اقتناء الكتب ونبذر في نفوسهم عادة تشكيل المكتبات وإقامة قاعدة ثقافية شخصية للطفل. أننا نشعر أبنائنا باستقلال شخصياتهم حين يحسون أن لهم كتباً خاصة بهم لا يشاركهم فيها الأهل. ويلعب التشجيع هنا دوراً كبيراً في إثارة الحماس لدى الأطفال لاقتناء الكتب والمحافظة عليها إذا نلاحظ أن بعض الأطفال يتصفون بالإهمال فلا يعطون الكتب حقها من العناية فتتمزق أو يلقى بها على الأرض أو على الرفوف دونما اهتمام.
يجب أن ننمي حب الحفظ إلى جانب حب القراءة. كيف يكون ذلك؟ هذه اقتراحات لتنمية حب الحفظ لدى الأطفال:
تطلب الأم من أبنها أن يقرأ لها شيئاً من الكتب وتنصت له.. وتشجعه على ذلك.
أن تطلب من أبنائها أن ينشدوا لها ما حفظوه.. وأن تفتخر بهم أمام ضيوفها وأهلها ولكن بتعقل ليس فيه إسراف.. بل تشجيعاً لهم.
أن يذهب بهم الى المكتبات لاختيار الكتب بأنفسهم وتسجيل ما يلفت أنظارهم على دفتر صغير يحفظونه عندما يخلو كلاً منهم بنفسه.. واستخدامها في موضوعات الإنشاء والتعبير بالمدرسة.
حفظ الأناشيد الإسلامية الحماسية التي تزكي فيهم الأخلاق الحميدة وتدفعهم إلى الاتصاف بها.