يابلدى
( 1 )

بلدى …

يتنفس آخر نسمات الصبح

يرتشف بقايا الشمس

يسبح فى الموج الليلي

يشعل نجمات الظلمات بوهج القلب

بتراتيل الكهنة

ونسيم القرآن على الصدر الملتاع

بلدى …

يرسل اطراف النخل الى السحب الفضية

ويوزع ماء الحب على الصحراء المنسية

وبأجمل مزمار يعزف للصمت

اتطاول نحو جبين البدر

تجذبنى كف ناعمة الملمس للقاع

مربوطا بحبال الأوجاع

اهبط للأرض

للناس

لعفاريت الجبانة

امشى فى الطرق المحظورة

يتسرّب منى الماضى الأخضر

والحلم الأزرق

يتسرّب منى العمر

يهرب منى الطفل الحلو المكحول العينين

تتدفق فى شريانى لوعات

بلدى يسكن فى شهقات جنونى

فى نبض عيونى

مرتحلا عبر الغيم الى الشمس الصفراء

ادخل فى جلد الريح

ابعد ابعد حتى تسكننى الآفاق

يسرقنى الإجداب من الحقل الواجم

من انشاد القمري

وبعيدا عن تحليق الفلاحين بصمت حول النار المنطفئة

اهوى فى الزمن اللامرئي تداهمنى الدهشة

مرتسما ظلاً فوق دروب المجهول

ارسل لحنا للنور المكسور

انصب تمثالاً فى قلب الصمت

يتنفس فى قلبى املٌ محروق

ازرع حلماً فى قلب الأطفال

ازرع طفلا فى جسم الأحلام

واكفّن اطفالى – املى – بالأشعار

بلدى يزحف تحت النبض الواهن للقلب اللاهث

وينام بعيداً فوق التل

( 2 )

يتمدد وجه العيد جريحا منتفخ الأجفان على الجبانات المملوءة بالأحلام الموؤدة والعظم المتناثر فى طيات الترب المتعفن والمكتنز الدود

تلهث انفاس الأشجار تباغتها صفعات الأجنحة المذعورة

تصرخ امرأة وامرأة وامرأة … يتمدد وجه العيد على اطراف الأشجار كليلاً معصوب الجبهة

بلدى يعزفنى ناياً اخرس

يأكلنى اضحيةً لليل العالق بالأفق

يتمدد وجه العيد على الحقل الشاحب

يرتفع نعيب الثور السأمان

وضجيج الأنغام المهزولة

صرخات الأطفال وراء الطيّارات الورقيّة

بلدى يرسلنى فوق الريح الى الشمس الملتهبة

ويدق طبولاً من جلد الماعز

كى اسقط امطاراً

يتفجّر وجه السطح الآسن للجدول

بفقاقيعٍ زبدية

يتمدد وجه العيد على الماء الأخضر

تزحف اغطية الرأس السوداء تشقّ النار

دقات الأقدام تمزّق انسجة الدرب

تصرخ امرأة وامرأة وامرأةٌ …تنقض الصرخات على القبر المهدود الركن

تتفصّد احجار القبر بملح صخري

بلدى يحملنى طفلا فوق الثدي الساخن

يزرعنى شوقا فى اعماق التربة

يغسلنى بالدمع وانّات المزمار

انمو منتصباً فى قلب الصحراء

يتشرخ وجه العيد

تخدش اغصانى النسمات العفنة

ترمينى الصحراء بحبات الرمل الملتهية

تنقض على اغصانى الريح السوداء

بلدى يسرى ماءً فى جذعى اليابس

يهجر عصفور العيد الأحمر غصنى

يهجر نحو اللامأوى

( 3 )

هاأنت تلاحقنى بعداواتك

بتعاليك المنسوج من الصخر الحاقد

هاأنت تلاحق اعشابى , ثمراتى , زهراتى بمناجلك المسمومة

هاأنت تلاحقنى برصاصاتك

لن املك الا الموت

لكن أنت ؟

ماذا تفعل من بعدى ؟

يابلدى ؟