الجيل الجديد لا يعرق مدريحة الرجال التي كانت تقام في برحة العيد في حي الصور في مناسبات الأعياد فقد توقفت عن العمل منذ أكثر من خمسين عاما ولم يتسن لجيل هذا اليوم مشاهدتها أو الاستمتاع بركوبها

ولكنها عادت اليوم إلى نفس موقعها كفقرة ضمن فقرات مهرجان خير ينبع
هذه المدريحة كانت تستهوي المشاهدين من جميع الأعمار وكانت لها تقاليد وطقوس عجيبة حيث كان الطلوع فيها بالمزاد العلني بما يستثير التحدي بين المتنافسين يبدأ السعر بخمسة ريالات وقد يصل أحيانا إلى خمس وعشرين لطلعة واحدة مدتها خمس دقائق .. ولكم أن تتصوروا أن القيمة الشرائية للخمس والعشرين ريالا تعادل ألف وخمسمائة ريال بسعر اليوم

ويطلع فيها شخصان وقوفا يدفعهم القائمون على المدريحة أولا لترتفع مقدار مترين ثم يعتمد المتسابقين على جهودهما الذاتية ليصلا بها إلى علو يتجاوز بيوت الصور المقابلة لها من الجهة الجنوبية وسط صيحات المشجعين ودهشات المتابعين إلى أن يطلب منهم القائم على اللعبة التجليس بالنداء المعتاد ( جلّس .. جلّس ) .. والتجليس هو أن يكف اللاعبان عن دفع اللوح ويتحولا من وضع القيام إلى وضع الجلوس استعدادا للوقوف .. ولأن المدريحة لا تقف مباشرة فإن القائم عليها يقوم بالتعلق بمعلاق مثبت تحت اللوح وهي نازلة ليخفف من سرعتها .. وهذه اللقطة تستهوي المتابعين لأن المدريحة ترفعه عدة أمتار قبل أن يتركها لتعود ويكرر العملية مرة أخرى حتى تصل المدريحة إلى حالة السكون فيبدأ المزاد على اللوح من جديد

كان من المكلفين بالتجليس العم محمد خرشد رحمه الله وكان رجلا فكاهيا خفبف الظل يضفى على المشهد جوا من المرح بكلماته ورقصاته ونداءاته وطريقة تعلقه بالمدريحة لتجليسها .

وليت شعري هل يوجد اليوم من يستطيع ركوب هذه المدريحة وهل يعود لها نفس الوهج من التحدي والإثارة ؟

أتمنى ذلك .. وأشكر المشرف العام على المهرجان الأستاذ أحمد عيد الذبياني الذي أعاد لنا شيئا من ذلك الوهج الجميل .. ولا شك أن في جعبة أبو مهند الكثير وإنا لمنتظرون