لاهلي في ينبع البحر وينبع النخل

اهدي هذا الرابط




لا زلنا نمشي مع قافلة الحج المصرية والركب الذي خرج من القاهرة قد قطع ثلاثة ارباع الطريق الى مكة ولكنه في أمسّ الحاجة الى محطة يرتاح بها …وينبع النخل هي الأمل المنشود.

source:www.journeytomeccagiantscreen.com
عندما نتكلم عن ينبع المحطة المهمة في درب الحج المصري فالمقصود هو ينبع النخل أو ينبع البر وهي تبعد 50 كم شرق شمال الميناء المعروف بينبع البحر. وينبع النخل هي الأصل ولم يكن ميناء ينبع معروفاً في القرون الأولى ولم يشتهر الا في القرنين الأخيرين بعد ان اصبح الحج بالبحر متيسراً.
كانت ينبع مورداً ومتبدى لقبيلة جهينة ثم أن علي بن ابي طالب رضي الله عنه احياها باستنباط عيون الماء في عهد الخلفاء الراشدين ومنذ ذلك الزمن ارتبطت ينبع بذريته من بني حسن . وشاركهم أهل المنطقة من جهينة وكذلك سكنها قوم من الأنصار.
لن نتوسع في الجانب التاريخي لكن يهمنا تطور ينبع كمحطة للحج وهانحن نقوم برحلة عبر الزمن نستعرض ما دونه الحجاج من انطباعات ثم زيارتنا نحن للموقع:

كانت ينبع على درب الحج المصري منذ عهد مبكر وقد عدها وكيع (القرن الثالث) في كتاب الطريق منزلة من المنازل الرئيسية للحج المصري.ولا غرابة أن تكون ينبع محطة رئيسية للركب المصري اذ انها هي المدينة الوحيدة التي تمر بها القافلة منذ خروجها من القاهرة فيمكن لهم التزود منها وشراء ماينقصهم ومايلزمهم ومن مميزات ينبع النخل للحجاج:.
  • انها مليئة بالعيون والماء الوفير فهي كالجزيرة التي يصل لها البحارة بعد معاناة اسابيع في خضم المحيط اليابس
  • انها تبشرهم بقرب الوصول الى الأمل المنشود مكة والمدينة لقربها النسبي منهما
  • انها نهاية الربع الثالث من درب الحج الذي هو أصعب المراحل ومابعد ينبع اسهل من غيره من ناحية وفرة الماء
  • يمكنهم التزود فيها بما ينقصهم من الأغراض
  • ايداع مازاد من العفش لدى أهلها لرحلة العودة
لهذا كله فان قافلة الحج تأخذ اجازة في ينبع تستمر من يومين الى 4ايام يقضيه الحجاج المنهكون في استعادة قواهم…ويشبه وضع ينبع من هذه الناحية بلدة العلا على درب الحج الشامي والربذة على درب الحج الكوفي.


صورة جوية تبين قرى ينبع النخل
البكري ينقل عن السكوني (القرن الثالث الهجري) ان ينبع بها 100عين ويسكن ينبع الأنصار وجهينة وليث.قال السكوني وكان العباس بن الحسين يكثر صفة ينبع لهارون لرشيد فقال له يوما قرب لي صفتها فقال:
يا وادي القصر نعم القصر والوادي
من منزل حاضر شئت او من بادي
تلفي قراقيره بالعقر واقفة
والضب والنون والملاح والحادي!
يقصد انها برية بحرية بدوية حضرية

ويبدو ان ينبع كانت في عصرها الذهبي في القرن الرابع كما قال البشاري المقدسي :ينبع كبيرة جليلة حصينة الجدار غزيرة الماء أعمر من يثرب وأكثر نخيلاً، حسنة الحصن حارة السوق، لها بابان الجامع عند أحدهما، الغالب عليها بنو الحسن.
الاصطخري مر ينبع في القرن الرابع (ت340هجري) ووصفها بقوله: (وينبع حصن و نخيل وماء وزروع، وبها اوقاف لعلي بن أبي طالب عليه السلام يتولاها أولاده؛ والعيص حصن صغير بين ينبع والمروة، والعشيرة حصن صغير بين ينبع والمروة، تفضل تمورها على سائر تمور الحجاز، خلا الصيحاني بخيبر والبرني والعجوة بالمدينة، وبقرب ينبع جبل رضوي، وهو جبل منيف ذو شعاب وأودية، ورأيته من ينبع أخضر، وأخبرني من طاف في شعابه أن به مياها كثيرا وأشجارا، وهو الجبل الذي زعم طائفة يعرفون بالكيسانية، أن محمد بن الحنفية بن علي بن أبي طالب حي مقيم به، ومن رضوي يحمل حجر المسن إلى سائر الآفاق،وبقربه فيما بينه وبين ديار جهينة وبلي وساحل البحر ديار للحسنيين، حزرت بيوت الشعر التي يسكنونها نحوا من سبعمائة بيت وهم بادية مثل الأعراب، ينتقلون في المراعي والمياه انتقال الأعراب، لا تميز بينهم في خلق ولا خلق، وتتصل ديارهم مما يلي المشرق بودان….)
ثم لا نجد وصفا لينبع في القرنين الخامس والسادس لانقطاع قافلة الحج المصري عبر الساحل لكن لما عادت القافلة الى استخدام الدرب مع قوة الدولة المملوكية عادت أهمية ينبع ولدينا مدونات جيدة عن تلك الفترة:
ذكر ابن فضل الله العمري (القرن السابع) وهو يصف درب الحج المصري ينبع وقال انهم يصلونها بعد 5 مراحل من نبط وانهم يقيمون بها ثلاثة ايام.

ثم مر بها القلقشندي (ت 821هجري) قال عن ينبع انها هي النصف والربع من الطريق، وبها تقع الإقامة ثلاثة أيام أو نحوها، وبها يودع الحجاج ما ثقل عليهم إلى حين العودة، ويستميرون منها مما يصل إليها من الديار المصرية في سفن بحر القلزم

ومن الأحداث التي وقعت للحجاج سنة 833 هجري:وفي ليلة السبت خامس عشره: ظهر للحجاج – وهم سائرون من جهة البحر الملح – كوكب يرتفع ويعظم، ثم يفرع منه شرر كبار، ثم اجتمع. فلما أصبحوا اشتد عليهم الحر فهلك من المشاة ثم من الركبان عالم كثير، وتلف من جمالهم وحميرهم عدد عظيم، وهلك أيضاً في بعض أودية ينبع جميع ما كان فيه من الإبل والغنم، كل ذلك من شدة الحر والعطش.

911هجري-توقف الحج بسبب أمير ينبع
خرج أمير ينبع على دولة المماليك وقطع الدرب فانقطع الحج يقول المؤرخ:جاءت الأخبار من مكة بأن الأحوال فاسدة وان اعراب بني ابراهيم قد التفوا على يحيى بن سبع أمير الينبع ومالك بن رومي أمير خليص وقد اشتد الأمر في ذلك جداً فلما تحقق السلطان (قانصوه الغوري)من ذلك أمر بابطال التوجه الى الحجاز في هذه السنة من مصر والشام وسائر الاعمال قاطبة وكانت هذه الواقعة من اعظم المصائب والثلم في الدين , وقد حضر الركب التكروري والركب المغربي ولم يحج منهم أحد في تلك سنة ثم ان السلطان ارسل كسوة الكعبة الشريفة وصرر الحرمين والزيت من البحر المالح في مراكب من الطور وتوجهوا من هناك الى جدة …..ولم يسمع من مبتدأ دولة الأتراك(المماليك) والى الان بأن الحجاج امتنع خروجهم الى مكة سوى هذه السنة
———–
عبدالقادر الجزيري(القرن العاشر)مر بينبع عدة مرات ووصفها في زمانه بقوله:

——-