نهج البردة لمفرج السيد



ظبي من الإنس بين الحل والحرم**رمى فؤادي بسهم فاستباح دمي


يا رائش السهم من أهداب مقلته** هلاَّ رحمت فؤاداً في الصميم رمي


أوخفت رب الورى في مهجة تلفت** عاثت بها أعين مرضى بلا سقم


ولا عج من سعير الشوق أجَّجه** بعد النوى فاستحت العيس في سأم


إليه قد شد من وجد رواحله** والدمع من عينيه يسخو بمنجم


مسافر في فضاء الحلم قد سبحت** أفكاره جنّ للمختار من قِدَم


يا حادي العيس عجل في قيادتها** واصل بها السير بين الضال والسلم


وإذ رأى طيبة المختار بارزة** تلوح في مقلة الرائين كالعلم


وصاح داعي الهوى والشوق في سحر** هذي ديار الهوى يا عين فالتهمي


ألقى عن الرحل جسماً قد ضناه جوى** وراح نحو الحمى يسعى على قَدَم


هناك ألقى عصا التسيار من سفر** وآدرك الأمن من خوف ومن ألم


محمد صفوة الهادي وخيرته** من خلقه بين كل العرب والعجم


يا أعظم الناس في دنيا وآخرة** وأكرم الناس في الأخلاق والشيم


أحلك الله في الأخيار من نسب**أباً وأمَّاً لأهل المكرمات نمي


يا خاتم الأنبياء المرسلين ويا** زعيمهم حين يحيا الناس من رمم


ناداك ربك والأبصار شاخصة**أيا محمد عند الله فلتقم


وسدرة المنتهى زادتك منزلة** شُرّفْتَ من عزة المنان بالكلم


أسرى بك الله في ليل لرؤيته** على براق سرى كالبرق في الظلم


صبت بالملأ الأملاك تقدمهم** في باحة المسجد القدسيِّ من أَمَم


رفيق مسراك جبريل الأمين إذا** لك الدليل سما عن رتبة الخدم


حتى رأيت جلال الله ما وهمت** به الظنون ولا الأهواء بالتهم


ودولة ساست الدنيا برمتها** قامت على الحق في حين الوطيس حمي


للجيش والخيل في الآفاق همهمة** لما على الخيل شد الجيش باللجم


عليك قامت ودامت يا بن آمنة** للبعث إذ ينشر الديان للنسم


ملكت الدين والدنيا حباك بها** من جوده فوق كب الجود والكرم


دين تملَّك أرواحاً فألَّفها** وزاد في قرب ذى القربى وذى الرحم


وأمرهم بينهم شورى إذا وجبت** شورى وإن أوجسوا من حادث عمم


دستور أحكامه القرآن منهجه** من شرعة الله لا وضعية النظم


وحكمة العدل لا يرضى بمظلمة** يعيش ظلَّامها في المرقع الوخم


وسل سواداً . فقد أبدى لموجعة** فقال خذ كل ما قد نلت واحتكم


أنالك الله رضواناً ومغفرة** وجنة مثلها الإنسان لم يَرُم


لكن أقدامك الزهراء قد ركعت** لله حتى شكت من وطأة الورم


ركعت لله شكراً لنعمة** وكنت عبداً شكوراً في مدى القيم


تنام عين الكسالى في مضاجعهم** وأنت يا سيد الأكوان لم تنم


ومعجزات وآيات لهم ظهرت** أقرها كل ذي ريب ومختصم


إيوان كسرى تهاوى عند مولده** وهو الذي كان في البنيان كالْهرم


والنجم قد غاب ما كانت بظاهرة**موجودة أن يغيب النجم كالُّرجُم


وشقة البدر آي من نبوته**ما كان في أفقه يوماً بمنقسم


****


يا قائد الغر وسم جباههم غرر** محجلين بسيماهم في الأُمم


هي الصلاة لهم نور ومَّيزهم** وضوؤهم زان للأطراف والُّلمَم


يا أكرم السائلين الشافعين على** نوال مولاك ذي الأنداء والنعم


نداك يا سيدي للمرتجين ندًى** كالبحر في مده والفيض من ديم


لك الشفاعات قبل الخلق أجمعهم** والجمع قد سال في طوفانه العرم


إني إلى نهلة أحظي بها بندى** من حوضك المشتهي الثرا لروي ظمي


وسيلتي عند رب العرش أن يدي** مُدَّتْ له واشتياقي جد محترم


ومن حمى روضة من روض جنته** والروح قد أشرقت في خير ملتزم


في مسجد المصطفى المختار موقعة** من بعد مكة بيت الله في القمم


وأنني من ذنوبي بت في خجل** لكن قلبي يناجي في سناه قمي


يا رب قد جئت والأوزار تكتنفني** وقد تحملتها من مبلغ الحلم


بباك البر يا وهاب أوقفني** تقطع الزاد والإيغال في العشم


فما لذى الذنب من ركن يلوذ به** سواك يا خير مرجوٍّ ومعتصم


ضيوفك العبيد قد وقفوا** بين المشاعر نزَّالين في الخيم


بعد القصور التي بالعز فارهة** أو الرءوس التي تحتال في شمم


الأرض أضحت بساطاً في مضاجعهم** والأنف قد ذل للمعبود في رغم


تجردوا من ثياب غير ألبسة** بيضاء في اللون قد شُدَّتْ على الحُزُم


لا فرق بين سراة أو ذوي ملق** وبين ذاك الفتى والطاعن الْهَرِم


جاءوا إلى بابك المرجوِّ نائله** في موقف حافل بالناس مزدحم


يرجون للعفو والغفران خاشعة** قلوبهم ينهضون العزم بالهمم


قد رددوا في جميل الصوت تلبية** أكرم بلبيك في الترنيم من نغم


وكبرت يوم عيد النحر ألسنة** تلجُّ لله بالتقديس والعظم


يا رب فاقبل من الحجاج حجتهم** واكتب لهم أجرها في اللوح بالقلم


وردهم في رحاب الخير أوبتهم** للأهل والدار والأموال والحشم


يا رب إن يد الإرهاب قد عبثت** بالأمن في الأرض تقفو فكر مضطرم


ودولة الشر إسرائيل قد جأرت ** منها فلسطين بالشكوى ولم تُلم


وفي العراق تقاسامات تسببها** مطامع فهي تحيا في لظى الحمم


فرب من دولة للغرب طامحة** ترنو إلى فائض البترول في نهم
ورب من بسنة ترنو لهرسكها** مهيضة ما بأيديها سوى الندم



كشمير تسعى إلى الشيشان باكية** وبورما تشتكي والكل في صمم


يا رب إن بني الإسلام قد بعدوا** عن وحدة الدين كالقطعان من غنم


إن لم تعول على الإسلام وحدتنا**نعش مدى دهرنا في حال منهزم


يا رب فا جمع على الإسلام أمتنا** وشُتَّ اعداءها يا خير منعم