أفد طبعك المكدود بالجد راحة * * * تجم وعلله بشيء من المزح


ولكن إذا أعطيته المزح فليكن * * * بمقدار ما يعطى الطعام من الملح


في حياة أي واحد منا ، حياته العامة كانت أو الخاصة ، تعرض له مواقف يكون فيها المزاح سيد الموقف ، ولعله من الرتم الاجتماعي السائد في الآنية الأخيرة كثرة المزاح بين أبناء مجتمعنا ، و فيما يبدو حتى الحيوانات - شركائنا في الطبيعة - تشعر أحيانا من تصرفاتها وكأنها تمزح ، بل تمزح !! لنبقى في موضوعنا مزاح الإنسان ، بل دعونا ننقل من التعميم إلي التخصيص ، فمجتمع ينبع تشعر أنه مجتمع تسوده روح الدعابة والمزاح ، ودعونا نخرج من التخصيص إلي الأخص ، أهل البلد القدامى تجد منهم من تقرأ الأريحية على قسمات وجهه ، وأناس معروفون بالاسم ولو شئت لأسميت بعضهم ، يمتازون بروح المرح والدعابة ، تبثها حواسهم قبل ألسنتهم ، تجده لا يقول كلاماً إلا ويضحكك كلامه ، حتى عندما يتكلم بشكل جدىّ في أمر ما تجبرك تعابيره ومفرداته على تقبله ، ولو أن آخر قال نفس الكلام لما قبلت قوله ولرددت عليه موقفه .

تجد من مخالطيك من يمزح ولكن بمجرد أن يُمزح معه يغضب !! وآخر يمزح ويقبل أن يـُـمزح معه ، وما من أحد ممن يقرأ هذا الموضوع الآن إلا ويعرف أصدقاء تفككت ما بينهم من أواصر الصداقة ووشائج التقدير بسبب مزاح عابر بل ربما لأصبحت بينهما عداء وشحناء .وقد قالوا قديماً : "لكل شيء بدء، وبدء العداوة المزاح".

وقد كان المزاح سببا في تحقيق كثير من الأمنيات ، حدثني أحد أبناء نجد أن لديهم قرية تسمى روضه عسعس فسأموا من المكاتبات ، وهم يطلبون بعض الخدمات ، والتي لم تصلهم فتبرع أحد الظرفاء وتوجه إلي أحد كبار المسئولين وعندما دخل عليه قال نحن ذكرنا في القرآن الكريم والآن نطالب ببعض الخدمات البسيطة ولا أحد يستجيب لنا ، فتعجب المسئول من كلامه وسأله وش الآيه التي ذكرتم فيها فقال ( والليل إذا عسعس ) فضحك المسئول وتعجب من قوله وأمر بإيصال الخدمات لتلك الهجرة أو القرية بأسرع وقت ممكن .
حتى والدنا خادم الحرمين الشريفين أسبغ الله عليه ثوب الصحة والعافية فقد أضحك شعبه في العيد وهو يصف عرق النساء ، قائلاً النساء ما رأينا منهم إلا كل خير هذا عرق فاسد .

وكان الصحابي نعيمان وهو ابن عمرو بن رفاعة الأنصاري ممن شهد بدراً والمشاهد بعدها كان كثير المزاح يضحك النبي صلى الله عليه وسلم من مزاحة ، يقول محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه قال: كان بالمدينة رجل يقال له نعيمان , وكان لا يدخل في المدينة رسل ولا طرفة إلا اشترى منها , ثم جاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله , هذا هدية لك .فإذا جاء صاحبه يطلب ثمنه من نعيمان جاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أعط هذا ثمن هذا , فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أو لم تهده لي " . فيقول يا رسول الله لم يكن عندي ثمنه , وأحببت أن تأكله , فيضحك النبي صلى الله عليه وسلم , ويأمر لصاحبه بثمنه .

الموضوع يتسع ويتشعب أمامي ويطول ولا أعرف كيف أختمه وغرضنا من الموضوع هو أن نستمتع بقصص مزاح من المجتمع الينبعي البسيط ، يتفضل الأفاضل بذكرها هنا .