ت
كـُلنا جده ؛ رسالة إلى ( أعزائنا المُتسببين في عزاءنا )


......
ما كانت جده تحتاج المال يوم النكبة يوم الحزن يوم الكارثة يوم الأربعاء الواقع في أواخر سنتنا الهجرية الحالية 1430 تلك التي سـ نُأرخها بسنة " السيل " تلك التي لن تزول من ذاكرتنا؛ كنت أقول أن جده ماكانت تحتاج منا إلى الدراهم المعدودة والمصروره في أدراج الروتين المُمل حد أن تـُصرف بقدر ما كانت تحتاج لدعوة واحده فقط قد تكفي عن عشرات ومئات المحاضرات والتوجيهات والتصريحات خصوصاً إذا لا مست الجرح وداوته وأوقفت نزيفه فهل كانت حتى الدعوة أمراً يحتاج لـ تصريح ..!!؟
بعد نكبة جده عرفنا بأن هُناك إداريين وكأنهم وُلِدوا معوَّقين ليس ذلك وحسب بل تغلّبوا وبنجاح باهر على إعاقت حتى أصحاب الأصوات التي إنبحت من أجل تصحيح الكثير من الأخطاء التي نخرت جسد الوطن والمواطن معاً ؛ قبل نكبة جده كُنا نقرأ عن مشاريع التصريف الصحي وترتسم على وجوهنا علامات الرضاء والمسرة بأن ثمة أشياء سوف تزرع في نفس المواطن هناك الطمأنينة ؛ وأتكلم بالتحديد عن مشروع التصريف ذلك العمل " الورقي " الذي وضعتُ فيه الكثير من الفِكر والجهد حد أن كان للإداريين تأثيرهم علينا من خلال مقالاتهم وتصريحاتهم من خلال الصُحف وقنوات التلفزة تأثيراً هائلاً دفعنا للدعاء لهم ؛ كان كل هذا قبل أربعاء " النكبة " ؛ أما بعد الأربعاء فقد أصبح هناك أمرٌ واحد فقط قد يُفرِّق بين القرارات التي تمت في عهد الضمير وعهود اللامبالاة اللاحقة، وهو غياب " حُسن الانتقاء " .
أصدقائي الذين فقدتهم في كارثة جداً كُــُـثر لقد كانوا أحياءً وكلّموني قبل أن يصيبهم ما أصابهم بساعات قليلة وهي المرة الأولى منذ أنْ بدأتُ مسيرتي في الكتابة التي أجد فيها نفسي مُحاطاً بكل هذه الحيرة في كيف لي أن أكتب عنهم هل أخبركم بأن صديقي وائل الجعيد الذي لازمنا لسنوات في معمل الغاز بـ أرامكو السعودية بينبع قد غادرنا صباح اليوم المنكوب " غادرنا " ذاهباً لرؤية والديه وزوجته التي لم يمضي على إحتفاله بعقد قرانها إلا بضعه أشهر ..!!؟
أم أخبركم عن الرجل " الصابر " إبراهيم السُلمي الذي فقد زوجته وأخته الحامل في شهرها التاسع وأخته الأُخرى صاحبة العشرين عاماً وطفلته البالغة ست شهور وإبنه ذو السنوات الخمس وأخيراً إبنته ذات العامين والنصف ..!!؟
أم أخبركم عن الكثير من العوائل التي وصلتنا أخبارهم وقصصهم التي تلين لها القلوب ولو كانت من حجر ؛ أه من أعماق القلب على تلك الأكوام الهائلة من البشر الذين غادرونا دون عودة
وأخيراً رسالة لـ أعزاءنا المُتسببين في عزاءنا نرجوكم أبعدونا عن المحيط المادي فنحن حينما نطالبكم بتنفيذ أوامر قيادتنا نطالب بحقوقنا فــ نحن لا نـُطالبكم بشيء تمنحونه لنا من باب الشفقة بل أنتم من وضعتكم الدولة أعزها الله لـ خدمتنا ؛ وإن الوقت ليس مرتعاً لتبرير ماحدث فـ السيل لايُفرق بين بيوت آيلة للسقوط وبيوت مطلية بـ الذهب بل إن الحق وكل الحق أنكم مصابون بضآلة الشأن فلا نتقبل منكم شيئاً بعد اليوم إلا أن تصرفوا ما تدفعه لكم حكومتنا الرشيدة كاملاً دون أدنى تماطُل وتأخير فـ والله إن ربنا رزقنا ملكاً رجُلاً رحيم بـ أبناء شعبة ولكنه في ذات الحين رزقنا بكم متقاعسين عن أداء واجبكم بـ أكمل وجه رزقنا بكم وأنتم أصحاب الاتكاء على درهم يترنح في جبين التسويف؛
الـ (آه) في حروفنا أكبر من كل الحروف الـ (آه) في نفوسنا أكبر من كل الحزن الـ (آه) في عيدنا أكبر من كل شيء ؛ ولكن يبقى لنا الله ندعوه بأن يرحم أمواتنا وأموات المسلمين ؛ فـ يا الله يا حي يا قيوم إغفر لـ كل أبناء المسلمين في جدة الحبيبة اللهم إغفر لهم واغسلهم بـ الماء والثلج والبرد ونقهم من أثامهم كما يُنقى الثوب الأبيض من الدنس ؛


بقلم وألم / عتيق الجهني