علق رئيس تحرير صحيفة الوطن السعودية في العدد الصادر اليوم على كارثة جدة بأنها من الكوارث الطبيعية تأتي دائما خارج الحسابات والقدرات، وكثيرا في الوقت الخطأ، ولكنها ليست عذرا لتقصير ولا تبرر سوء تخطيط، أو تنفيذ.
ووصف خاشقجي ما حصل في شرق جدة بأنه كارثة, لم يكن بالإمكان تلافيها حتى لو جمعنا كافة إمكانات الدفاع المدني هناك قبلها بيوم, إنها نتيجة طبيعية لسوء تخطيط قديم، ولجشع الأراضي الذي انتابنا بعد الطفرة الأولى التي جعلت "الأرض" أسرع طرق الثراء.
واضاف خاشقجي ان منطقة شرق جدة مجموعة أودية, ما كان يجوز أن تتحول إلى أحياء سكنية بدون تخطيط مسبق يراعي الظروف الطبيعية, ولكن اجتمع إصرار المواطن على امتلاك قطعة أرض رخيصة حتى بالتعدي على أراضي الدولة مع فساد وتراخ سمح بعملية "غسل" لمخططات مزورة، وتعديات على أراضي الدولة.

ويضف قائلاً : عندما تحركت الدولة ممثلة في إمارة منطقة مكة المكرمة قبل نحو عامين لتصحيح الوضع كانت المنطقة قد تحولت إلى أحياء سكنية تضم مئات الآلاف من السكان, ومساجد ومتاجر وخدمات, ومطالبة بمزيد من الخدمات. لقد اتخذ أميرها الجديد خالد الفيصل وقفات شجاعة غير مسبوقة في وجه التجاوزات والمتجاوزين رغم ضجيجهم واحتجاجاتهم وتفننهم في الالتواء على الأنظمة، بل إنه سجن مطورين مزعومين وحاسب مسؤولين ساهموا في الفوضى، وحذر مرارا وتكرارا من خطر العشوائيات.

ويتابع خاشقجي القول "لكن الإمارة لم تستطع إلغاء وضع قائم بشكل سريع وإن وضعت له حلاً طويل الأمد، ثم عمدت بالوقوف بحزم أمام امتداد سرطان فوضى العشوائيات, ولكن ماذا تفعل أمام ما تحول منها إلى أحياء وأعطي أسماء وصكوكاً وعدادات كهرباء؟
التراخي وغياب البعد التخطيطي والبيئي تركا للمواطنين و"المطورين" –هذا إن صحت تسميتهم بذلك – تغيير معالم الأرض, فسطحوا هضابا واخترقوا جبالا حددت معالم مجاري السيول, ولكن عندما حصلت الكارثة وانفتحت السماء بحالة لا تحصل إلا كل خمسين سنة جرت السيول التي لن يردها أحد في أرض تغيرت معالمها, وجدت أمامها بيوتاً وسيارات وقوماً نُوماً فالتهمتهم, فهم الذين حلوا في أرضها دون تخطيط أو تدبير.

ويصف خاشقجي الحل على هذه المسألة وبخصوص مايمكن ان يعمل الان بالاجابة :
ننتظره من وزارة الشؤون البلدية والإمارة والأمانة, هناك عمل سريع لم تقصر الدولة في بذل كافة جهودها لمعالجته، فاجتمع الدفاع المدني والجيش والمواطن في تلاحم لإنقاذ إخوانهم.

ويضيف خاشقجي ...لكن ماذا بعد إحصاء الوفيات والبيوت الخربة؟
المواطن يريد سكنا وقطعة أرض, ومن يتجول في شمال جدة ير الأراضي البيضاء التي تحولت مثل "الودائع" في البنوك, لا تأكل ولا تشرب ولا ينفق عليها, وإنما تنمو قيمها باستمرار، لا يهم ببطء أو بسرعة، المهم أنها تنمو لصالح صاحبها وليس لصالح البلد, متناسين التوجيه الرباني الاقتصادي الأعظم ضد كنز المال "كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم". المواطن الذي بنى في قويزة أخطأ, ولكنه لم يبنِ فيها إلا بعد أن ضاقت عليه الأرض بما رحبت، فقليل من يملك مليون ريال قيمة قطعة أرض "غير نادرة" مثلها كثير، مجرد قطعة أرض في بلد ممتد امتداد قارة، لذا يعجز المواطن عن تملك قطعة أرض إلا خلسة في ليل وفي واد متحديا سيلاً لا يرحم يأتي كل بضع سنوات.