زائر كتب ----- "اعتدنا في تقاريرنا الميدانية أن نتكلم عن قضايا و مشاكل المجتمع، سواء كانت الثقافية أو الاجتماعية أو السياسية...الخ، و دائما نحاول بقدر الإمكان أن نلمس قضاياهم هذه، ونناقشها بشكل بناء، باحثين بكل ما أوتينا من قوة عن المسببات، سائلين من حولنا عن الآراء، حتى نتعاون معا لوضح الحلول و المقترحات المناسبة لها....
ولكن ------ يا ترى هل فكرنا بالشريحة الصغيرة المتواجدة في المجتمع، ألا و هي فئة ذوي الاحتياجات الخاصة؟
بالطبع القليل القليل فكر بهؤلاء، و نادر ما نرى كاتب يكتب عنهم، أو يتحدث عن إنجازاتهم، أو يناقش مشاكلهم...لذا فإني و بكل تواضع أسابق الجميع بوضع النقاط على الحروف، راجية من الله أن أوفق في طرح قضايا ذوي الاحتياجات الخاصة.....
كلنا يعرف أن الأم إن كان لها طفل عادي و طبيعي، تخاف على ابنها من أي وخزة، و لا تنام قبل أن ينام، و لا تهنأ إن مرض، ولا تتمتع إلا إن تمتع.....

أيضا أمهات ذوي الاحتياجات الخاصة لهن الدور نفسه... و لكن دورهم أكبر بكثير، حيث أن طفل ذوي الاحتياجات الخاصة بحاجة إلى رعاية و اهتمام أكبر، لا سيما إن كانت هناك إعاقات يصعب معها التعامل مع الطفل، مما يولد في نفوس الأمهات والآباء الشجون المكبوتة، على هذا الجهاد و الامتحان الذي وهبهم الله إياه، لسبب معلوم لا يعلمه إلا هو تعالى لقوله" و لله في خلقه شؤون"...
لذا، و من منطلق " التفضفيض" و التخفيف عن نفوس أهالي ذوي الاحتياجات الخاصة، و الترويح عن همومهم و أحزانهم، من أجل أن يشاركوا الجميع بما في قلوبهم من أحزان و آلام، فضلا أن هذه الشجون المتولدة من أهالي ذوي الاحتياجات الخاصة بحاجة إلى يد المجتمع، و إلى معونة الجميع، حتى تستقبل همومها، و ترحب بأفكارها المطروحة...
و لكي أكون أمينة مع الجميع، فإن فكرة عمل هذا التقرير لم تأتي من تفكيري أنا و حسب، بل جاءت ببادرة من الأخت الكريمة الأخت ليلى " أم عبد الله"...رئيسة جمعية المرأة الأردنية، و أم شاءت قدرة الله أن يرزقها بطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة " محمد"، و شاءت إرادة الرحمن أن يكون محمد سببا في كفاحها و نضالها على مر هذه السنين، و من هذا المنطلق، جذبنا كفاحها بالتحدث إليها، و بمعرفة قصتها، و من ثم ننتقل إلى قصص أخرى لأمهات من ذوي الاحتياجات الخاصة، كن لهن الدور نفسه في مسلسل الكفاح، و الجهاد المستمر مع أبنائهم...

الأخت ليلى"أم عبد الله": ارأفوا بنا، و أرحموا أبناءنا!!!
أنا أم لطفل من ذوى الاحتياجات الخاصة، عندما أكمل طفلي العامين أصيب بالعمى، و لكننا ولله الحمد تلاحقنا عليه، حيث أننا سافرنا به إلى الأردن، و أجرينا له عملية جراحية في عينه، و قام الأطباء بإزالة العدسات من عينيه نتيجة لوجود كسر بصري في عينيه، و الآن يعيش بعين بلا عدسات، ناهيك أنه مصاب بال " الحركة الاهتزازية".....
معاناتي بدأت حين بدأت رغبتي بإدخال ولدي للمدارس، فقد عانيت من هذا الأمر كون ولدي أدخل إلى ستة مدارس، حيث انه حين يدرس في مدرسة معينة، لا يلبث أن يتم عامه الدراسي إلا و يأتينا في نهاية العام خبر من المدرسة برفضهم لاستقباله للعام الدراسي القادم، بسبب إصابته بالحركة الزايدة، و للأسف نحن في مجتمعاتنا العربية، موضوع واحد هو المقرر على هذه الفئة: يا مركز لتقديم الرعاية....يا بيت يقدم الرعاية، و لا توجد مدارس تهتم بهذه الشريحة البسيطة من المجتمع، لتقدمه له ولو القليل القليل...إلا من رحم ربي....
الصرخة التي أود أطلقها عبر هذه المجلة الكريمة هي أن: يرأف بنا المجتمع....ويرحم أبناءنا و بناتنا من ذوي الاحتياجات الخاصة، و أن لا ينظروا إليهم و كأنهم مخلوقات قادمة من كوكب المريخ، بل -- ولترحمنا دور التربية و التعليم، و لترفق بنا المدارس، و لترفق بأبنائنا المحرومين من تقديم و تطوير منهج خاص لذوي الإحتياجات الخاصة...
و الفكرة التي أود أن أناشد بها الجميع: لم لا تبنى المدارس صفوفا للأسوياء و صفوفا لذوي الاحتياجات الخاصة، يدمجون مع بعض، ليعرف الطفل السوي من يكون طفل ذوي الاحتياجات الخاصة، و ليثقف الطفل السوي و ذوي الاحتياجات الخاصة معا، بالتأكيد بالوسائل العلمية و التعليمية المختلفة، حتى ينشأوا معا، ليكافحوا معا في بناء معالم المجتمع القويم، و لإزدهار هذا وطن الخير و دار زايد الخير......

و لا ننسى طبعا دور هذه المؤسسات التعليمية و أهميتها الكبيرة في تثقيف أمهات ذوي الاحتياجات الخاصة، فكل طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة لا بد أن يكون لديه أم مثقفة و متعلمة، وعلى دراية بأمور و أوضاع ابنها و ابنتها، ففي مجتمعاتنا نادرا ما نجد الأم المثقفة الواعية و الدراية بمثل هذه الأمور " إلا من رحم ربي"، و الحمد لله أنه وجدت مراكز في دولة الإمارات ساهمت في احتضان الأمهات و تثقيفهم و توعيتهم و تقديم لهم الدورات التي يحتاجونها، و لكن هذا لا يمنع من أن نوسع هذه الدائرة شيئا فشيئا، حتى تصير الأم واعية و مثقفة و على دراية بأن ابنها ليس حملا عليها، و لا عار عليها أبدا أبدا، بل على العكس، أبناءنا من ذوي الاحتياجات الخاصة هم أناس عاديين، لهم حق التصرف و الخروج و التنزه مثل الأطفال الباقيين، و كون الأم و الأسرة قد ميزت من كثير من الأسر بهذا الطفل، فهذا التمييز ما هو إلا بمشيئة الله سبحانه و تعالى حتى يميز كل أم و أسرة يوم القيامة بأجر و ثواب عظيم، لا يعلم به غير رب العالمين.....فمن هذا المنطلق يجب على آلام الصبر و الاحتساب، و الطمع بالأجر من خلال الصبر على تربية الأبناء، و الحرص دائما و أبدا على تثقيفهم و إفادتهم بكل ما هو مفيد....
و أنا أشدد على النقطة السابقة و بشكل كبير، كوني أعرف أماً ---- للأسف، حبست ابنها لمدة 12 عاما، لأنه من ذوي الاحتياجات الخاصة، و لأنها تخاف من أن يحرجها أو يسبب الأسى لباقي أبناءها، أو يمنع بناتها من الزواج!!!
والله إنه غيض من فيض، بأن تكون من هذه النماذج موجودة من بيننا، و ذلك فقد لشح مثل هذه المراكز و النوادي التي تثقف المراة و تنمى قدراتها.......

و إنكم لتستغربوا أن بعض دول الغرب و بعض الدول العربية حين تفتح فنادق الخمسة نجوم و السبعة نجوم للحيوانات، و تهتم بهم اهتمام كبيرا، و تحرص دائما و أبدا على إرضائها، بينما ذوي الاحتياجات الخاصة مهملون و غير مهتم بهم، ناهيك إلى نظرة المجتمع لهم ما هي إلا نظرة شفقة و اشمئزاز منهم، و الجدير بالذكر هنا موقف تعرض له ابني، حيث أن المدرسة التي يدرس فيها منعت عنه المواصلات بالباص، نظرا لشكوى أولياء الأمور الأسوياء من وجوده معهم على نفس الباص؟؟؟؟
فأي كلام هذا؟ و أي فعلة هذه من أن يمنع طفل من اقتناء الباص، أو المشي في الشارع، أو اللعب مع الأطفال، أو طلب القليل من المجتمع...لأنه من ذوي الاحتياجات الخاصة؟؟؟
نحن الحمد لله نعيش في مجتمع متقدم و راقي في جميع المجالات، و لكن للأسف هناك تأخر بسيط في مجال ذوي الاحتياجات الخاصة، هذه الفئة التي تمثل للمجتمع فئة صغيرة في مجتمع كبير، و نتمنى و نتمنى أن تكون لهذه الصرخات أصداء تكسر القيود، و تفك الأغلال، لإحلال الحواجز التي تحد من بين الأسوياء، ليدمجوا معا، و ليتفوقوا معا.....
و الله إن الكلام كثير، ولا تكفيه الوريقات للتعبير عنها، و لكن أملنا بالله كبير، و الأجر كبير و محتسب عند الله سبحانه و تعالى، و نتمنى و نتمنى من فيض قلوبنا، و من صادق دموعنا، أن تصل هذه الصرخات لأولى الأمر، و للمؤسسات التعليمية، لكي ترفق بأبنائنا، و لكي ترحم أعيننا من الدموع، و لكي تخفف علينا ألم السنين و ألامنا النفسية، و لكي تكون يدا قوية معنا، تساهم و بشكل فعال في تقدم ذوي الاحتياجات الخاصة و ارتقائهم إلى الأمام دائما و أبدا، كون هذه الفئة قد ميزها الله سبحانه و تعالى بطاقة مهولة من الإبداع، يجب استغلالها و إخراجها لإثبات وجودهم في المجتمع....

أم عزي: نريد صوتا لنا!!
نعم نحن الأهالي نريد صوت لنا --- لنتحدث عن العقبات التي وتواجهنا وسأبدأ أنا كأم لطفل توحدي، و باقتراحي ---- الكل يعلم أن الطفل التوحدي يحتاج لتشخيص ويحتاج لفحوصات كاملة، وللأسف لا توجد أماكن مختصة، وأنا أطالب بإنشاء مراكز خاصة بالفحص الطبي لأطفال التوحد في جميع الدول، يكفي ما يمر به الأهالي من معاناة مع أطفالهم، فيزيدها عدم وجود من يستقبل هؤلاء الأطفال لإجراء الفحوصات الطبية اللازمة.
التعامل مع ابني وهو مصاب بالتوحد صعب جدا لأنه لا يركز، والمشكلة بالعلاج انه باهض الثمن بمراكز علاج التوحد وأنا زوجي الحمد لله قادر انه يدفع لكن أفكر بغيري ------ صعب عليهم جدا...
و المجتمع إما يشفق بقوه أو يرفضه بقوه، وأخذت حلاً ---- أن لا اخرج من المنزل !!!! --- إعاقة التوحد الغامضة، وصعب اشرح لهم فرداً فرداً، أتمنى تخفيض رسوم المراكز وان يكون هناك مختصين بالتوحد....كما أتمنى ألقى اختصاصين توحد وعندهم قدرة لقياس التوحد ----- لان هنا مع الأسف لا يوجد --- سوى إجتهادات
و أوجه إلى كل أم وكل أب لطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة رسالة --- بأنه من المؤكد أنكما مررتم بموقف تسبب بألم في قلوبكم بسبب أن طفلكم معاق ---- إما نظرة من متطفل، أو كلمة من غير مجرب، أو فلسفة لشخص لا يفهم شئ، الكثير منا مر بهذه المواقف التي قد تتسبب لنا أرقا أو حزناً واكتئاب، فمثلا في يوم من الأيام، كنت اجلس مع إحدى المعلمات في مدرستي وتسألني عن عزي وحالته وأنا أتحدث معها مرت بنا أحدى المعلمات وبدأت تتباطأ في مشيتها لتسمع ما أقول وكنت أحدث زميلتي عن لغز هذا المرض وانه لم يتم الوصول لسبب مقنع له، فإذا بالمعلمة الأخرى تقاطعني وتقول بكل عدم مبالاة بالمشاعر: يالله تتزوجين ولد عمك( لان والد عزي قريب لي ) وبعدين تقولين ما سبب إعاقة عزي ثم ذهبت!!!!
من المواقف أيضا إن إحدى الضيفات في إحدى التجمعات العائلية عندما يمر من أمامها عزي تقول موجهة الحديث لام زوجي يا أم فلان ---- هذا الولد اللي تقولون ما ندري وش مشكلته !!!!! وكل هذا وأنا جالسة والمجلس ملئ بالنساء--- ولكن للأسف لا يوجد من يراعي الشعور وكأنهم يأمنون أن لا يرزقوا بطفل مثله!!!!

أحب أيضا إن أوجه كلمة مهمة جدا لكل طبيب نفسي وأقول له---- لا تتعجل بالحكم على الطفل التوحدي من خلال القراءة بل يجب النزول إلى ارض الواقع والتعرف على الطفل التوحدي على الطبيعة ----وحبذا لو يبتعدوا عن التشخيصات الجارحة --- فكم أم وأم صدمت بآراء تبعد عن الأمل--- فمنهم من يقول : حياة الطفل التوحدي قصيرة ،، منهم من قال لي أنتي تقرأين الكتب النفسية وتطبقين على طفلك ،، ومنهم من قال لا تقولي عن طفلك توحدي فالتوحد هذه الأيام موضة وللأسف غالبيتهم من الاستشاريين في الطب النفسي
وكذلك أوجه كلمة للام وأقول ---- أنتي طبيبة طفلك ----- فألام أول من تكتشف وجود اضطراب عند طفلها---- فلا تجعلي الصراع الداخلي في البداية يأخذ وقتك ---- وكلي الأمر لله وابحثي عن الأسباب المعينة لتخطي هذه الصدمة بالاحتكاك بأمهات لديهن نفس طفلك ---- وأيضا سارعي إلى إتباع أسس علاجيه لطفلك تعليمية أو دوائية حسب ما يحتاج فكلما كان العلاج من الصغر كل ما كان أفيد وأجدى...

الأخت أم جيهان: مواقف و تعليقات ثقيلة على قلبي...
والله هي نقطة حساسة شوية وبالرغم من أنني لا أحب أن أتذكر هذه المواقف فأنا أحب النظر الأمام ---- ولكن إذا كان في ذلك نوع من التخفيف من وجهة نظركم فليس لدى مانع.... في الحقيقة لقد تعرضت لنوع من التعليقات التي قد تكون ثقيلة على قلب الأمهات عندما يتكلم أحد في حق طفلها---- فقد كنت في زيارة وكانت هناك سيدة لم تراني منذ زمن فرأت أبنى عمر وقالت" ماله أبنك؟! هو ماله عبيط كدة ليه؟!" فضحكت وقلت لها عبيط بئة حعمل له إيه؟؟ وهنا وجدت أنه من الطبيعي أن لا أدخل مع السيدة في نقاش حول حالة الطفل-----

يتبع ............