حلقات العلم ودورها التعليمي
لبروز دور التربية يحسن أن يصطحب الأب ابنه معه إلى حلقات العلم ودروسه فيجعل له كتاباً خاصاً به يقرأ فيه الدرس ويسجل عليه ملاحظات علمية قد يزجيها العالم المدرس ولا بأس أن يسأل الأب ابنه بعد انتهاء الدرس عن رأيه فيه وملاحظاته عنه وأن يناقشه فيها لينمي فيه ملكاته العقلية ومواهبه الفكرية. إلى جانب انه ينمي العلاقات بين الأب وابنه ويزيد من اقترابهما من بعضهما البعض ويجعل الابن يحس بشخصيته من جهة ويقوي الرباط بينه وبين أبيه ولا يقتصر الأمر على مجالس العلم بل يحسن أن يتعداد إلى مجالس الذكر القائم على التفكر بحكمة الله في خلقه وقدرته في سنعه وإدراك عظمة هذا الخالق وزيادة الصلة به وأشغال الفكر واللسان بذلك. وليكن الذكر كما جاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وليكن بعد كل صلاة مما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من تسبيح وحمد وتكبير وتوحيد وقراءة القرآن وكذلك الجلوس بعد صلاة الصبح وذكر الله حتى تطلع الشمس. ويوجه الابن في هذه الفترة إلى فضل الذكر في جوف الليل والدعاء عند السحر وقبل الفجر ويعلم أن الله تعالى ينزل في الثلث الآخر من الليل إلى السماء الدنيا فيقول: هل من مريض فأشفيه، هل من مبتلى فأعافيه وأن الدعاء في هذه الفترة هو من الدعاء المستجاب بإذن الله تعالى. والذكر والدعاء يحتاجان إلى ما يلهج اللسان به لذا كان من المفيد أن نوجه أولادنا إلى حفظ بعض أحاديث كتاب (رياض الصالحين) وكتاب (الأذكار) للنووي وأن نشرح لأبنائنا معنى هذه الأحاديث والأدعية والأذكار.
ولا يفوتنا أن نضيف إلى ذلك: حفظ بعض مواعظ الرسول صلى الله عليه وسلم وخطبه لأنها ترفق النفس وتشحذ الهمة وتسدد الخطا وتقوم اللسان وتزيد من البلاغة وتقوي الفصاحة وتمتن الأسلوب وتساعد التعبير وتعيين على حسن الكتابة. إضافة الى قراءة الابن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم للاطلاع على تلك الحياة العطرة. بالنسبة للبنت.. نسأل هل يمكن أن نرسل البنات الى حلق العلم والذكر؟ الجواب صعب لو طرح قبل ثلاثين سنة لفقدان هذه الحلق ولكن في يومنا هذا وبعد أن اتسعت الحركات الإسلامية وأدت المعاهد والكليات الشرعية دوراً فعالاً في المجتمع برز في كيان المرأة نساء حملن مسؤولياتهن أمام الله وتفرغن للدعوة إلى الله ونحن لا ننكر أن بين هؤلاء النساء من هي ضعيفة الثقافة الإسلامية أو العلم الإسلامي أو أنها ربيت تحت تأثير بعض المشايخ المنحرفين فكراً لكن ذلك لا ينفي وجود الصالحات وتلك مهمة صعبة للآباء كي يعرفوا أين يضعون فلذات أكبادهم وتحت كنف من؟!!
التحصيل والمراهقة
أن هذه الفترة هي من أغنى الفترات لمن أراد علماً وتحصيلاً لان العقول تكون نشيطة وتساعد على الفهم والحفظ والإدراك والوعي. ومثل هذه الفرص من الواجب استغلالها في توجيه الابن إلى حفظ أكبر قدر ممكن من القرآن الكريم ويا حبذا لو استطاع – كثير من يستطيع – أن يحفظ القرآن جميعه. أما إذا أردنا له انتقاء.. فإن آيات العقيدة والأحكام والجهاد والترغيب والترهيب تبرز في المقام الأول فيطلب منه: حفظ آية الكرسي وآخر سورة البقرة وأواخر سورة آل عمران وأول سورة المائدة والوصايا العشر من سورة الأنعام وسورة الأنفال وسورة الكهف وأواخر سورة الفرقان وسورة الحشر وسورة الواقعة وسورة الحجرات وسورة يس وسورة الملك وسورة ق وسورة السجدة وجزء عم وجزء تبارك. ويهتم الأب بأحكام التجويد فإن كان عاجزاً عن مساعدة ابنه في مجال الحفظ فإن عليه أن يستفيد ممن يجده من العلماء أو الجمعيات أو الهيئات في المساجد والمدارس والتي تتولى مهمة مساعدة الشباب وتدريسهم وتثقيفهم. ولله الحمد هي كثيرة حيث نشأت في البلاد الإسلامية واستطاعت تغذية عقول كثير من الناشئة والشباب بما يلزمهم للسير على نهج الله عز وجل.
دور الأبوين والمدرسة والتعليم
أننا مطالبين أن نعتني عناية شديدة بالمدرسة من خلال: مراقبة دوامه فيها حيث أن الطلاب في هذه السن وقد بدأت تتضح معالم شخصيتهم وتنمو فيهم الفردية يؤثر بعضهم على بعض في شئ من النشوز مقابل الأهل أو المدرسة إثباتاً لشخصياتهم فيفرون من المدرسة أو يتخلفون عن بعض الدروس. يجب على الأبوين أن يزورا مدرسة أبنائهم بشكل دوري فيطلع على سلوكهم فيها وسير دراستهم وموقفهم من أساتذتهم ورأي أساتذتهم فيهم.والكثير من الآباء لا يعيرون هذه الناحية أي أهمية فلا يدرون شيئا عن سلوك أبنائهم والتزامهم بدراستهم في مدارسهم وترى الواحد منهم يدهش لما يرى ورقة علامات ولده وأحر به أن يدهش من نفسه حيث أهمل ولده ونتيجة الإهمال الفشل والسوء دائماً. يجب على الأبوين أن يزرع في نفس أولادهم في هذه الفترة أن حياتهم لله تعالى وأنهم يعيشون لخدمة الإسلام وتطبيقه وأن ذلك لا يكون إلا إذا كان المسلمون أقوياء أصحاب عزة ومنعة والعزة والمنعة لا تأتي إلا من العلم مع الإيمان وإنما غلبتنا اليهودية العالمية والصليبية بالعلم وأننا إذا أردنا أن نكون أوفياء لديننا مطيعين لربنا أحراراً في عقيدتنا وسلوكنا فيجب أن نتمسك بأسباب العلم وأن نحرص عليه. ومن هذا المنطلق يجعل المسلم مأجور على دراسته ولأنه يحدد الهدف للشاب المسلم منذ بدء تفتحه العقلي وبذلك يكون أقدر على العمل من أجل تحقيق هذا الهدف. والكثير من الشباب ليس لهم هدف في الحياة مع استمرار دراستهم !! وإنما تكون الدراسة مفروضة عليهم أمثال هؤلاء يكونون مسيَّرون في علمهم فيكونون بعيدين عن الإبداع ملتصقين بالسير مع الواقع بحكم الاستمرار.
البنت والتعليم
بعض الآباء يرى انه ليس للفتاة أن تتعلم بعد المرحلة الابتدائية وقد كان أبو العلاء المعري سباقاً في هذا الميدان حين ادعى أن تعليم الفتاة (قل أعوذ برب الناس) أفضل لها من تعليمها سورة البقرة وحجة هؤلاء أن التعليم مضرة للفتاة يفتح عيونها على أمور قد تكون مبكرة وقد يجرها إلى الفساد وقد يبالغ بعضهم في انعدام الثقة فيرى أن الفتاة إذا تعلمت الكتابة فإن أول شئ تفعله أن تخط رسالة الى حبيبها!!! والحقيقة أن مهمتنا هنا ليست هي تفنيد حجج هؤلاء وأخطائهم فهذا ميدانه رحب في مؤلفات أخرى وقد كثر الكلام فيه وزادت المؤلفات عن حاجة القراء ولا نريد أن نعيد مكرراً مقولاً وحسبنا من هذا أمر واحد له شقان: الشق الأول: لنحسن تربية بناتنا ولنحسن مراقبتهن في وجه صور الضلال والانحراف التي تكاد تجرف كل أمر حسن في المجتمع. الشق الثاني: كيف يمكن أن تتعلم بناتنا إذا لم يكن لهن معلمات وأمهات متعلمات! وإن كنا نطالب في المراحل السابقة من تعليم أبنائنا بمطالب كثيرة تعطي المردود الأفضل في التعليم والتربية فكيف يمكن أن تتحقق هذه المطالب مع أم جاهلة أو معلمة جاهلة؟ وإذا كنا نطالب المرأة أن تذهب إلى طبيبة نسائية فمن أين نأتي بهذه الطبيبة إن منعنا الفتاة من التعلم؟
إننا نستيطع أن نقول وبكل الثقة: أن البنت كالفتى تماماً إنسان له مشاعر وإدراك وملكات عقلية وأن كان يغلب على المرأة الشعور العاطفي فأنها – وبقليل من التوجيه – قادرة على التحكم بهذا الشعور وأن أكبر الخطأ أن نعطي الثقة للذكر ونمنعها عن الأنثى بل أن أعظم النتائج الطيبة تأتي من ثقة الفتاة بخلقها وسلوكها وحسن تصرفها والتزامها بدينها. أننا أن احسنا تربية الفتاة وتعليمها وتوجيهها في المرحلتين السابقتين فإن هذه المرحلة ستكون امتداداً طبيعياً لهاتين المرحلتين وبمزيد من الإصرار على حسن التوجيه والتربية والتعليم في الفتاة ستكون صنو الرجل في هذه المرحلة. وهناك ملاحظة بسيطة هنا: أن الرجال لا يستطيعون أن يكونوا دائماً موجهين لإناث ولو كن بناتهم، لأن هناك اموراً في الحياة تقف حائلاً بين الرجل والمرأة فيكون عاجزاً عن معالجة بعض القضايا او الأمور بينما تتولى المرأة هذه المعالجة بكل يسر.