الزير ويستخدم لحفظ الماء وتبريده أيضا


التحلية اليوم أوجدت وضعا جديدا يحمل ثقافة جديدة حلت محل ثقافة قائمة

لم يكن الماء متوفرا ولم يكن يصل إلينا عبر الأنابيب وإنما كانت كل أسرة تضع ( زيرا ) في أحد أركان البيت ويجلب إليه الماء بواسطة افراد الأسرة من الرجال والنساء على السواء أو بعض ممتهني السقاية باستخدام القربة أو التنكة أو الزفة كل حسب استطاعته .. وكل فرد من أفراد ألأسرة معني بالمحافظة على الماء والحرص على عدم إهداره لما يجده في جلبه من عنت ومشقة وبالتالي فهم ليسوا بحاجة لمن يرشدهم إلى عدم الإسراف في استخدام المياه .



إحدى طرق جلب الماء قديما ( التنكة )



القربة يحملها (السقاء ) لبيع الماء على أصحاب المنازل



اليوم أصبحت ( القربة والتنكة و الزفة والسقاء والبركة والصهريج والبازان ) من مخلفات الماضي ولم يعد يعرفها أحد من أبنائنا إلا في المتاحف أو قصص التراث بينما عانى الآباء والأجداد الأمرّين من حمل هذه الوسائط لتوفير قدر ضئيل من الماء لا يكاد يفي بحاجة اليوم الواحد وهو إن وجد في الآبار والصهاريج القريبة أو البعيدة فإنه لا يكاد يروي غائلة الأسرة من الشرب فضلا عن الوضوء أو الاغتسال .


ولكن من فضل الله ومنه على مواطني هذا الجزء من الجزيرة العربية أن قيض لها الملك عبد العزيز بن سعود حيث ما أن وطأت قدماه أي مدينة من المدن التي انضمت تحت لوائه حتى عمل كل ما في وسعه على أن يوفر لساكنيها الماء الذي يقيهم غائلة العطش في زمن كان شحيح الموارد المالية

حدث هذا في جدة بجلب الماء من آبار وادي فاطمة وعمل بازانات داخل الأحياء كنقاط توزيع . وحدث هذا في ينبع البحر بجلب الماء من عيون ينبع النخل وحدث هذا في أملج بجلب الماء من بئر الوحيدي .. ولكن المعاناة ما زالت قائمة بتوصيل الماء إلى البيوت الذي استمر على نفس الطريقة التقليدية ( التنكة والقربة والزفة ) قبل أن تنشئ الحكومة شبكة الأنابيب وتوصلها إلى البيوت وعندها أدرك الناس قيمة هذه المكرمة الملكية ورفعت أكفها لله بالدعاء بأن يجزي الله الملك عبد العزيز خير الجزاء


وما زال أبناء الملك عبد العزيز من بعده يواصلون البحث عن مصادر أخرى للمياه في ظل النقص الحاد والمتزايد عاما بعد عام في توفير مياه الشرب بجهود يحدوها العزم والتصميم في البحث عن إيجاد حل جذري عاجل لهذه المشكلة

ولقد تم فتح مجال التفكير في البدائل والحلول منها استجلاب جبل من الجليد ليستقر في مياه الخليج
ومنها أيضا الاقتراح التركي بمد أنابيب من جبال الأناضول
ومنها استخدام صهاريج السفن الضخمة القادمة للمملكة وهي فارغة أو مد خط أنابيب من الأنهار في الدول الشقيقة المجاورة
وأخذت الأفكار تتوالى حتى وصلت إلى حد إحداث تفجير هائل في الشطر الشرقي من الربع الخالي والذي سيؤدي إلى تكوين حفرة ضخمة تنقل إليها مياه بحر العرب حيث تسهم في استقطاب السحب الموسمية الجنوبية الغربية القادمة من الهند

كل هذه الأفكار والاقتراحات لم ترق إلى تطلعات المهتمين بقضايا المياه فليس هناك رغبة في التوسع في الخيال أو المخاطرة في تقدير الاحتمال فالماء عنصر حياة لا ينبغي التشكيك في نتائجه فكان خيار قبول التحدي واستخراج الماء من البحر نفسه

ومن المفارقات المضحكة أن الناس استقبلوا خبر الشرب من البحر بشئ من السخرية وعدم التصديق بل أن أكثرهم امتنع عن الشرب منه وظهرت العديد من الشائعات التي تفيد بأنه يسبب العقم !

ويقول العاملون في محطة تحلية الوجه وهي أول محطة تنشأ في المملكة العربية السعودية أنهم كانوا يرسلون بعض الزجاجات المملؤة بالمياه المحلاة إلى أصدقائهم في المدن الأخري كنوع من الهدايا والتندر ويشفعونها بقولهم
( اشربوا من البحر )





للحديث بقية إن شاء الله