أخي الكريم / المداوي موضوعك شيق وتربوي وهو يهم كل من يعمل في حقل التعليم ولعلمك فإن من أكبر مصائبنا التعليمية هو جهل الكثير منا وأنا لم أقل البعض متعمدا لأنني أعرف ذلك تماما 00 جهلهم بالجوهر الحقيقي لمعنى التربية والتعليم بعيدا عن الكتاب والمنهج والنظام المدرسي ووو000 إلخ لأن هذا الفهم إذا ما ترسخ على أصوله السليمة في ذهن المعلم أو المربي فهو بتوفيق الله سوف يعالج كل قصور في المناهج وغيرها وما تفضلت بسرده من أمثلة واقعية وما عقب به الأخ العزيز أبو تركي لهي نماذج حية لما يجب أن تسير عليه طرائقنا التعليمية وتطلعاتنا التربوية في مدارسنا 00
وهذا سيقودنا حتما إلى النشاط المدرسي المصاحب للمنهج والذي يعتبره البعض مضيعة للوقت وذلك عن جهل وسطحية ونتيجة انعدام العمق التربوي لدى هؤلاء

وهذا أيضا يجعلنا نتحدث عن الاندماج بين المؤسسات التربوية وبين فئات المجتمع فنحن في أمس الحاجة لهذا الإندماج مع المجتمع ، ونحن بحاجة إلى أن يعتبر ولي الأمر أن المدرسة مثل بيته وأن يأتي للمدرسة فيستمع لشكوى المسؤولين فيأخذ عشرة من الطلاب يدربهم على حسابه في دورة تدريبية بمعرفته وبمشاركته ونحن بحاجة إلى أن يتبنى أحد القادرين نشاطا صيفيا للمدرسة بجهده وبإسهامه ، وبحاجة لأن يتفضل مدير الميناء باستضافة مجموعة مختارة من طلاب الثانوية في رحلة بحرية يتعرفون فيها على الطريقة المهنية لعمل المرشد وما يستخدمه من علم ومهارة في إدخال السفن لحوض الميناء ، ونحن بحاجة إلى أن يقضي مجموعة من الطلاب يوما كاملا في مكتب رئيس البلدية ليتعرفوا على طريقة سير العمل والتعامل مع المراجعين 00 وقد يقول القائل إنّ هذه الأمور موجودة والزيارات لبعض الأجهزة متوفرة 00 ولكن نقول إنها سطحية بدون تقييم وبدون استنتاج وهي على هذا النحو ستكون مجرد نزهة أو تغيير جو لأنه ينقصنا المتخصص والفاهم لأساسيات هذه الأعمال وتوجيهه نحو الهدف التربوي 00 فقد يقوم الطلاب بزيارة لأي جهة بدون تخطيط ويصحبهم أي معلم حسب ظروف الجدول والفراغ 00 يعني مجرد تنفيذ للزيارة وتسجيلها في سجل النشاط دون معايير فنية أو تربوية 0
وهناك العقبات التي يضعها بعض مديري المدرسة وبعض المعلمين والمسؤولين بنظرتهم الضيقة لمثل هذه الأمور الهامة وقد تكون العقبات موجودة فهذه لا ننكرها ،، لكن أين المسؤول الذي يواجه التحديات ، ذلك لأنه يفترض ألاّ يتم عمل في المؤسسة التعليمية بمعزل عن معترك الحياة المعاصرة حلوها ومرها سيئها ورديئها، بل يعمل في غمار تلك الأحداث لأن مهمة المسؤول أن ينشئ أجيالا تتسلح بالعلم ويوجد أمما من المفترض أن تتعايش مع الواقع وتساير الركب البشري وإلا ضاعت هويتها ودفنت أصولها.
نعم … عندما أقول بأننا مطالبون بأن ندخل معترك الحياة المعاصرة ونستفيد منها، إنما ذلك لأن دورنا لا يعتمد على إدارة آلة عن طريق فنيين وخبراء، بل هو دور أكثر عمقا وأدق خطرا ألا وهو توجيه عقول ورعاية مشاعر فيطلب منا اليوم أكثر مما يطلب من مدير الشركة أو المركز التجاري، لأنه وبالأخص يتعامل مع مشاعر وخصوصيات وأفكار ولذلك تعنينا بالدرجة الأولى جودة هذا المنتج ولأن من أهداف التربية والتعليم اكتساب هذا الفرد للمعارف والسلوكيات والمبادئ والمعتقدات التي تحسّن هذا السلوك وتثري هذا المعتقد وتوجه هذا الفرد إلى المستقبل برؤية استراتيجية تستشرف المستقبل فيها تفاؤل وطموحات وواقعية وتحديات وفرص .أشكرك أخي على إثارة هذا الموضوع الهام وحتى لو أنك ركزت على مدرسة بعينها فهذا لا يضير أحدا ولكن لنقل تجربة واقعية ولك تحياتي 0