أِشكر الإخوة الكرام المعلم والفارس على ترحيبهم بهذا الموضوع لصاحبه ناجي بن تركي الهجاري والله الموفق

تتممة الموضوع السابق


قال ابن سعيد( ): ((كان أبو عزيز ـ قتادة ـ أشهر وأدهى مَن ملك مكّة منهم، وكان يخطب للخليفة الناصر، ثم يخطب لنفسه .
ودام ملكه نحو سبع وعشرين سنة( )، وكان قد ابتاع المماليك والأشراف، وصيّرهم جنودًا يركبون بركوبه، ويقفون إذا جلس على رأسه، وله صيْت في العرب لم يكن لغيره .
وكانت وراثته الملك عن مكثر( )ابن قاسم الذي ورثه عن آبائه المعروفين
بالهواشم، ولم يكن أبا عزيز من الهواشم إلا من جهة النساء، وظهر في مدة مكثر فورث ملكه، واستقام أمرُه، ثم استقام في عقبه إلى الآن( ).




قال أبو شامة : ((كان شيخـًا مهيبـًا، طوالاً، وما كان يلتفت إلى أحد من الخلْق ولا وطئ بساطـًا لخليفة ولا غيره، وكان يقول : أنا أحقّ بالخلافة من
الناصر لدين الله، ولم يرتكب كبيرة على ما قيل؛ وكتب إليه يستدعيه ويقول : أنت ابن العم والصاحب، وقد بلغني شهامتك وحفظك للحجاج وعدلك وشرف
نسبك ونزاهتك( ).



سبب طمعه في الإمارة، ومتى كانت ؟

قال الفاسي : ((كان سبب طمعه في إمرة مكة ـ على ما بلغني ـ : ما بلغه من انهماك أمرائها الهواشم بني فليتة على اللهو وتبسطهم في الظلم وإعراضهم عن صونها ممن يريدها بسوء اغترارًا بما هم فيه من العز والفسق لمن عارضهم في مرادهم وإن كان ظلمـًا أو غيره))( ).
ويقال : أن سبب توليه مكة ومحاربته الأمراء الهواشم هو أنّ قتادة كان مقيمـًا بالينبع و قصده بعض التجار شاكيـًا من الأمير مكثر بن عيسى، وطلب منه الرأي في ذلك؛ فأطرق قتادة مليـًّا ثم قال له : إذا كان موسم العام المقبل فأتني بمكة تجد متاعك والنصفة . فشكر الرجلُ على ذلك، ولما قام من عنده طلب أصحابه، وقال لهم : خطر ببالي أخذ مكة، فإنّ ولاتَها جاروا وظلموا، فأجابوه جميعـًا بالسمع والطاعة، وقالوا : نحن منقادون لما تأمرنا؛ إلاّ أن هذا مستبعد باعتبار العادة لقلّة العدد، فقال لهم ... إن في رباطي من الخيل ما هو كذا، وعندي من النفقة ما هو كذا، فاستعدّوا ... فطار النبأ إلى مكة للسيد مكثر فلم يعبأ بذلك اعتمادًا على قوته وشوكته واستضعاف مقابله والاستخفاف به، فقيل له : إن قتادة بمرّ الظهران فلم يلتفت لذلك، أن قيل له : دخل من أعلى مكة فعند ذلك أفاق ولكن بعد فوات الوقت، فلم يصنع غير أن تجهّز للخروج من مكة، فتسلّمها قتادة صافية من الأكدار، وأكرمه بفضيلة الجوار))( ).



مدة ولايته :
قال تقي الدين الفاسي( ): ((ولي الشريف قتادة مكة عشرين سنة أو نحوها على الخلاف في مبدأ ولايته بمكة هل هو سنة سبع وتسعين وخمسمائة على ما ذكر الميورقي نقلاً عن العسقلاني( ) أو هو سنة ثمان وتسعين كما ذكر الذهبي في ((العبر))، أو هو سنة تسع وتسعين ـ بتقديم التاء على السين ـ على ما ذكر ابن محفوظ( )؛ وذلك بعد ملكه لوادي ينبع
قال القلقشندي : ((تعاظم أمرُه حتى ملك مكّة والينبع وأطراف اليمن ).أعمال المدينة وبلاد نجد، ولم يفد إلى أحدٍ من الخلفاء ولا الملوك)) .
وقال ـ أيضـًا ـ : ((ملك مكة من يد الهواشم بعد أن ملك ينبع والصفراء، ثم ملك اليمن وبلاد نجد))( ).





-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
( ) غاية المرام : ( 1/553 ) .
( ) الذيل على الروضتين : ( 123 ) .
( ) العقد الثمين : ( 7/42 ) .
( ) إتحاف فضلاء الزمن بتاريخ ولاية بني الحسن . لمحمد بن علي الطبري [ مخطوط ] .
( ) الفاسي : محمد بن أحمد بن علي، أبو الطيب الحسني، المكي، المالكي مذهبـًا : مؤرّخ، عالمٌ بالأًصول، حافظ للحديث؛ أصلُه من مدينة فاس، مولده ووفاته بمكة، من أبرز مَن كتب عن مكة؛ وله في ذلك الكثير من الكتب، أشهرُها : ((العقد الثمين))؛ مات سنة 832هـ . الأعلام : ( 5/331 ) . قلت : وكلُّ من جاء بعدَه فهم عيالٌ على كتبه ـ رحمه الله .
( ) عثمان بن عبد الواحد بن إسماعيل العسقلاني المكي، فخر الدين، القاضي؛ ولد
سنة 567ه . العقد الثمين : ( 6/29 ) .
( ) ابن محفوظ : محمد بن محفوظ بن محمد الجهني الشبيكي المكي، مات سنة 770هـ . الإعلان بالتوبيخ : ( 148 ) .
( ) الكامل : ( 10/426 )، العقد الثمين : ( 7/42 )، غاية المرام : ( 1/551 ) .