أهلا وسهلا بك إلى المجالس الينبعاويه.
صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 12 من 35

الموضوع: قصة التحلية

العرض المتطور

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2002
    الدولة
    ج 0506343655
    المشاركات
    6,753
    معدل تقييم المستوى
    10

    قصة التحلية

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الصديق المهندس لطفي محمد حسن بخيت أحد أبناء ينبع النابهين الأوفياء يعمل مستشارا لمحطات التحلية ويقضي الليالي ذوات العدد في متابعة مشروعاتها المنتشرة على طول الساحل الغربي للمملكة العربية السعودية بدءا بضباء وانتهاء بجيزان وهو محب لعمله لدرجة العشق .. والإنسان إذا أحب عمله أبدع فيه وأنتج

    جمعني به مجلس تحدث فيه عن قصة التحلية في المملكة حديث خبير لا يخلو من المتعة والفائدة والعبرة .وأتى على مصطلحات جديدة تمر علي لأول مرة كالتناضح العكسي والتبخير الوميضي والنانو وغيرها

    فتحلية مياه البحر تقنية حديثة واختيار استراتيجي أخذت به المملكة العربية السعودية بين عدة بدائل حينما رأت أنه الأنسب والأقدر على تأمين الماء ضرورة لحياة سكانها .

    وكأنما أحس المهندس لطفي باهتمامي بما يقول فأهدى لي مشكورا عدة نشرات تخص التحلية مع الكتاب الذي أصدرته المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة بعنوان
    ( قصة التحلية في المملكة العربية السعودية ـ النشأة والتطور والازدهار )



    إحدى محطات التحلية المنتشرة في المملكة العربية السعودية








    هذا الكتاب ( قصة التحلية ) أتمنى على وزارة التربية والتعليم أن تدرجه ضمن المنهج العام لطلابها لما يحويه من تاريخ ومعلومات قيمة وما يغرسه في نفوس الأبناء من مبادئ وقيم فنحن اليوم عندما نطالب أبناءنا بترشيد استهلاك المياه ونقول لهم أن قطرة الماء غالية لا نقدم لهم ما يشفع لنا بهذه المطالبة من توضيح ما كان يعانيه الآباء والأجداد في سبيل الحصول على قطرة الماء ولا الطرق الشاقة التي يتكبدونها من جراء ذلك .. فأنّى لمواطن اليوم الذي يأتيه الماء سائغا عذبا نظيفا في منزله من خلال ضغطة زر أن يعرف قيمة الماء أو أن يحافظ عليه وهو لم يدرك ما وراء هذه الخدمة من عنت ومشقة




    للحديث بقية إن شاء الله

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2002
    الدولة
    ج 0506343655
    المشاركات
    6,753
    معدل تقييم المستوى
    10

    رد: قصة التحلية


    الزير ويستخدم لحفظ الماء وتبريده أيضا


    التحلية اليوم أوجدت وضعا جديدا يحمل ثقافة جديدة حلت محل ثقافة قائمة

    لم يكن الماء متوفرا ولم يكن يصل إلينا عبر الأنابيب وإنما كانت كل أسرة تضع ( زيرا ) في أحد أركان البيت ويجلب إليه الماء بواسطة افراد الأسرة من الرجال والنساء على السواء أو بعض ممتهني السقاية باستخدام القربة أو التنكة أو الزفة كل حسب استطاعته .. وكل فرد من أفراد ألأسرة معني بالمحافظة على الماء والحرص على عدم إهداره لما يجده في جلبه من عنت ومشقة وبالتالي فهم ليسوا بحاجة لمن يرشدهم إلى عدم الإسراف في استخدام المياه .



    إحدى طرق جلب الماء قديما ( التنكة )



    القربة يحملها (السقاء ) لبيع الماء على أصحاب المنازل



    اليوم أصبحت ( القربة والتنكة و الزفة والسقاء والبركة والصهريج والبازان ) من مخلفات الماضي ولم يعد يعرفها أحد من أبنائنا إلا في المتاحف أو قصص التراث بينما عانى الآباء والأجداد الأمرّين من حمل هذه الوسائط لتوفير قدر ضئيل من الماء لا يكاد يفي بحاجة اليوم الواحد وهو إن وجد في الآبار والصهاريج القريبة أو البعيدة فإنه لا يكاد يروي غائلة الأسرة من الشرب فضلا عن الوضوء أو الاغتسال .


    ولكن من فضل الله ومنه على مواطني هذا الجزء من الجزيرة العربية أن قيض لها الملك عبد العزيز بن سعود حيث ما أن وطأت قدماه أي مدينة من المدن التي انضمت تحت لوائه حتى عمل كل ما في وسعه على أن يوفر لساكنيها الماء الذي يقيهم غائلة العطش في زمن كان شحيح الموارد المالية

    حدث هذا في جدة بجلب الماء من آبار وادي فاطمة وعمل بازانات داخل الأحياء كنقاط توزيع . وحدث هذا في ينبع البحر بجلب الماء من عيون ينبع النخل وحدث هذا في أملج بجلب الماء من بئر الوحيدي .. ولكن المعاناة ما زالت قائمة بتوصيل الماء إلى البيوت الذي استمر على نفس الطريقة التقليدية ( التنكة والقربة والزفة ) قبل أن تنشئ الحكومة شبكة الأنابيب وتوصلها إلى البيوت وعندها أدرك الناس قيمة هذه المكرمة الملكية ورفعت أكفها لله بالدعاء بأن يجزي الله الملك عبد العزيز خير الجزاء


    وما زال أبناء الملك عبد العزيز من بعده يواصلون البحث عن مصادر أخرى للمياه في ظل النقص الحاد والمتزايد عاما بعد عام في توفير مياه الشرب بجهود يحدوها العزم والتصميم في البحث عن إيجاد حل جذري عاجل لهذه المشكلة

    ولقد تم فتح مجال التفكير في البدائل والحلول منها استجلاب جبل من الجليد ليستقر في مياه الخليج
    ومنها أيضا الاقتراح التركي بمد أنابيب من جبال الأناضول
    ومنها استخدام صهاريج السفن الضخمة القادمة للمملكة وهي فارغة أو مد خط أنابيب من الأنهار في الدول الشقيقة المجاورة
    وأخذت الأفكار تتوالى حتى وصلت إلى حد إحداث تفجير هائل في الشطر الشرقي من الربع الخالي والذي سيؤدي إلى تكوين حفرة ضخمة تنقل إليها مياه بحر العرب حيث تسهم في استقطاب السحب الموسمية الجنوبية الغربية القادمة من الهند

    كل هذه الأفكار والاقتراحات لم ترق إلى تطلعات المهتمين بقضايا المياه فليس هناك رغبة في التوسع في الخيال أو المخاطرة في تقدير الاحتمال فالماء عنصر حياة لا ينبغي التشكيك في نتائجه فكان خيار قبول التحدي واستخراج الماء من البحر نفسه

    ومن المفارقات المضحكة أن الناس استقبلوا خبر الشرب من البحر بشئ من السخرية وعدم التصديق بل أن أكثرهم امتنع عن الشرب منه وظهرت العديد من الشائعات التي تفيد بأنه يسبب العقم !

    ويقول العاملون في محطة تحلية الوجه وهي أول محطة تنشأ في المملكة العربية السعودية أنهم كانوا يرسلون بعض الزجاجات المملؤة بالمياه المحلاة إلى أصدقائهم في المدن الأخري كنوع من الهدايا والتندر ويشفعونها بقولهم
    ( اشربوا من البحر )





    للحديث بقية إن شاء الله

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2002
    الدولة
    ج 0506343655
    المشاركات
    6,753
    معدل تقييم المستوى
    10

    رد: قصة التحلية

    معاناة أهل جدة

    ولعل توفير مياه الشرب لسكان مدينة جدة كان الهم الشاغل لحكامها وسكانها على مدار تاريخها الطويل، حيث نشأت المدينة على شاطئ البحر الأحمر خالية لا نقول من العيون المتدفقة والأنهار الجارية بل من أبسط وأقل مصدر مياه عذبة، فسطح أرضها مشبع بالأملاح ودرجات حرارتها مرتفعة وأمطارها قليلة وغير منتظمة.

    فبالكاد يجد ساكن جدة ماء ليروي ظمأه، أما الاحتياجات الأخرى كالوضوء أو الاغتسال أو ترطيب الأجسام خاصة خلال فترات ارتفاع الحرارة والرطوبة، وما أطولها في جدة كل عام، فأهل جدة يرونها من رغد العيش الذي تنعم به النخبة فقط، وهذا بالضرورة دفع أهلها للبحث عن أي مصدر للمياه لسد احتياجاتهم الضرورية، وكانوا يلجؤون إلى حفظ مياه الأمطار بطريقة تجميعها من أسطح المنازل عبر مخارج أنبوبية تتدفق إلى خزانات أرضية بنيت لغرض تخزينها وهذه الطريقة كانت معروفة قبل مئات السنين عند أهل الشام، خاصة في فلسطين. إلا أن هذه الوسيلة كانت قاصرة عن حد الاكتفاء الأدنى. ويقومون بجلب المياه من الآبار البعيدة جنوبا عن جدة وبمسيرة يوم كامل. ويتم تخزينها في صهاريج داخل منازلهم. وقد اعتاد الحجاج أن يطلبوا الماء من أصحاب البيوت في جدة وأصحاب البيوت يرون أن تقديمه للحاج حق «للسائل والمحروم» فيؤثرونهم على أنفسهم بقليله على حاجتهم وإن كان فاقد الشيء لا يعطيه.


    صهريج لتجميع مياه الأمطار


    ويذكر بعض المؤرخين أن الصهاريج استخدمت في جدة قبل ظهور الإسلام وبعده، ويؤكد بعضهم أن جدة كانت محاطة بأعداد كثيرة من الصهاريج من داخلها ومن خارجها بمختلف المقاسات، خوفا من ضياع الماء، وظل استعمال الصهاريج أهم مصادر مياه الشرب في جدة، وكانت الصهاريج خارج أحيائها لحفظ المياه على شكل برك كبيرة وعميقة تمتلئ بالمياه عند هطول أمطار غزيرة. أما الصهاريج داخل المدينة فكانت لغرض الاستعمال المباشر، ويذكر المؤرخون أنها كانت أكبر حجما وأكثر اتساعا في عهد المماليك.



    بركة لتجميع المياه

    وفي بداية القرن العاشر الهجري اهتم قانصوه الغوري - آخر سلاطين المماليك - بمعالجة أزمة ندرة المياه في مدينة جدة، وقرر أن يجلب لها عينا جارية، فوفر مالا كثيرا، وأجرى دراسات مستفيضة، حتى تمكن من جلب مياه عين وادي قوص الواقع شمال الرغامة شرق مدينة جدة. وهي عين جارية تقع تحت جبل هناك.

    وسميت هذه العين بالعين الغورية، وأحيانا تدعى بالعين القنصوية. نسبة إلى اسم السلطان المملوكي، وبذلك عرفت جدة مياه العيون. بدلا من صهاريج تجميع مياه الأمطار وتخزينها ومن ثم نقلها إلى خزانات داخل المنازل في المدينة. وقد استمر جريان العين الغورية حتى القرن الحادي عشر الهجري، ولكن بشكل متقطع، وعلى فترات من الإصلاح تطول في بعض الأحيان إلى حد العجز التام عن توفير حاجة الأهالي من المياه.

    وفي نهاية العقد السابع من القرن الثالث عشر الهجري وبالتحديد في عام 1370هـ نهض تاجر من أهالي جدة اسمه «فرج يسر» وهو بالفعل اسم على مسمى فرج ويسر، وأخذ يجمع المزيد من التبرعات وذلك لغرض إصلاح العين «الغورية»، وإعادة جريانها، وقد تم له تحقيق ذلك، وجرت العين من جديد، واستقت جدة من المياه العذبة من هذه العين، واستمر جريانها إلى أن اعتراها الضعف وانقضى عمرها مع عمر من نهض بها - فرج يسر - يرحمه الله - وذلك في عام 1302هـ.


    عين فرج يسر رحمه الله

    وفي نفس العام اهتمت حكومة السلطان العثماني عبد الحميد الثاني بمعالجة ندرة المياه في مدينة جدة، فقام الوالي التركي على جدة بجلب المياه من عين تبعد عشرة كيلومترات فقط من المدينة سميت بالعين الحميدية، وبطبيعة تكوين هذه العين ولقربها من جدة المدينة، فإن مياهها مالحة وتتأثر مباشرة بهطول الأمطار، فإذا أمطرت السماء عذبت مياه العين، وإذا قلت الأمطار زادت ملوحة العين، وأهالي جدة بين هاتين الحالتين تغمرهم الفرحة بوصول مياه العين الحميدية عذبة أحيانا، وتشتد بهم الأزمة معاناة من ملوحة العين الوزيرية، كما يدعونها أحيانا أخرى.

    والجدير بالذكر أن العين الوزيرية أو الحميدية نسبة إلى اسم الوالي التركي على جدة، مرة، ونسبة إلى السلطان التركي مرة أخرى، وعند إيصال الماء منها إلى المدينة كان بأسلوب شبه حديث، حيث تمت عملية توزيع المياه في قنوات من أنابيب على جميع أحياء المدينة، ورغم كل السلبيات فإن أهالي مدينة جدة قد عمتهم الفرحة بوصول مياه هذه العين إليهم مباشرة.

    تلك كانت حال جدة البوابة البحرية لمكة المكرمة حيث بعث المصطفى صلى الله عليه وسلم وحيث بيت الله الحرام والمشاعر المقدسة في عرفة ومنى ومزدلفة.



    للحديث بقية إن شاء الله

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    May 2004
    الدولة
    ينبع البحر
    المشاركات
    2,442
    معدل تقييم المستوى
    23

    رد: قصة التحلية

    شكراً لطرح مثل هذه المواضيع والتي بحق هي مصدر من مصادر ثقافة المجتمع لكي يدرك

    شئ عن كل شئ ولعلنا هنا ندرك ان لكل مشروع نواة هي البداية ومهما طالها التطوير تبقى للذكرى

    لماذا لايصمم مجسم للكنداسة وهي أول نواة للتحلية بينبع حتى تظل معلم في ميدان من ميادين المحافظة
    السكوت في بعض المواضع حكمة

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Apr 2002
    الدولة
    ج 0506343655
    المشاركات
    6,753
    معدل تقييم المستوى
    10

    رد: قصة التحلية

    شكرا أخي العنيني على هذه الإشادة أعتز بها من تربوي مثلك وأحب أن أذكر أنني أستقي هذه المعلومات باختصار شديد من كتاب قصة التحلية الذي أصدرته المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة وأهداه لي الصديق المهندس لطفي محمد حسن بخيت وقد رأيت أنه جدير بالاطلاع لما يحمله من معلومات قيمة ومن أراد الاستزادة فليقتن الكتاب

    أما اقتراح إنشاء مجسم للكنداسة فهو اقتراح رائع أتمنى تنفيذه وحبذا أيضا لو تم إنشاء مجسمات لكل ما يذكر بالماضي كالقربة والزفة والصهريج وغيرها

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Apr 2002
    الدولة
    ج 0506343655
    المشاركات
    6,753
    معدل تقييم المستوى
    10

    رد: قصة التحلية

    الكنداسة كانت البداية

    ومع مطلع القرن التاسع عشر الميلادي، عصر الآلة البخارية، تحركت القطارات على السكك الحديدية وأبحرت السفن عبر البحار والمحيطات في رحلات طويلة تدوم أسابيع بل أشهر دون توقف تدفعها طاقة البخار الناتج عن احتراق الفحم الحجري، وكانت السفن تزود بآلة لتقطير مياه البحر لغرض استخدامات بحارتها وملاحيها وحتى لا تضطر للتوقف في خطوط ملاحتها بالموانئ للتزود بالمياه العذبة، وآلة التقطير هذه عبارة عن ماكينة أو غلاية أو فرن تعمل بالفحم الحجري يغلي فيها ماء البحر لدرجة التبخر ومن ثم يتم تقطير البخار لينفصل الملح عن الماء وسماها أهل جدة «الكنداسة» اشتقاقا من اسمها اللاتيني «condenster» وتعني المكثف.




    الكنداسة

    إبان تلك الفترة تحطمت إحدى سفن الدولة العثمانية قبالة شاطئ جدة بعد ارتطامها بشعبه المرجانية وكما قيل «مصائب قوم عند قوم فوائد» فقررت الدولة العثمانية انتشال آلة التقطير من حطامها ونصبها على شاطئ جدة دعما للعين الوزيرية أو الحميدية، في حالة انقطاع جريانها، خاصة أن مدينة جدة، أهم محطات الحجاج، وتضم مقار السفراء وقناصل الدول الأجنبية وحركة الاتصال عامرة منها وإليها، كان ذلك عام 1325هـ.

    استبشر أهل جدة خيرا بعد أن عملت الكنداسة وتدفق ماؤها عذبا نقيا وأوجدت نوعا من الاطمئنان في الحصول على ماء شرب صالح للاستهلاك البشري، وخالٍ مما تتعرض له عادة مياه الصهاريج والعين الوزيرية من كدر وتلوث نتيجة طول فترة تخزينه أو المسافة التي ينتقل فيها من مصدره إلى جدة.

    لقد كانت «الكنداسة» ذات إنتاج بسيط أقصاه 300 طن أو متر مكعب يوميا. وكان على كل شخص أن ينتظر طويلا ويبذل من الجهد والمشقة الشيء الكثير ليحصل على تنكة (صفيحة) أو تنكتين (زفة) حسب حجم العائلة - تكفي فقط للشرب والطعام وإعداد الشاي. وتدار «الكنداسة» بواسطة اثنين من الموظفين، رئيس ونائبه، ويساعدهما جهاز إداري صغير مهمته الإشراف على السقاة «ناقلي المياه من الكنداسة إلى المنازل».





    الزفة ( المردوف )

    لقد كان لهؤلاء السقاة رئيس «شيخ السقاية»، وكان قد وضع لهم نظاما دقيقا في ممارسة المهنة، خاصة من يعملون في حمل القربة ومن يعملون في حمل التنكة (الصفيحة)، ومن ضمن تلك الأنظمة الاجتماع اليومي. ويسمى نظام «البداية»، لأخذ التعليمات والالتزام بجدول كيفية نقل ماء الكنداسة إلى الناس. والظريف أن لهؤلاء السقاة رتبا فالسقاة الملتحقون حديثا بالمهنة يحملون الماء في صفيحة واحدة (تنكة) على رؤوسهم، ثم يرتقي ليصبح ساقي زفة، وهي عبارة عن صفيحتين متقابلتين معلقتين على حبلين مشدودين على عصا مرنة يحملها السقاء على كتفيه بعد أن يضع لبادة من القماش تعينه على تحمل ثقلها ونقلها بين السكك والطرقات إلى منازل طالبيها، والمرتبة الثالثة هم قدماء السقاة، وهم حاملو القرب، حيث تملأ القرب بما يعادل زفتين أي أربع صفائح (تنك) ويحملها السقاة على ظهورهم، وهؤلاء السقاة من أصحاب البنية الجسمانية الرياضية القوية، فوزن القربة بعد ملئها بالماء يتجاوز المائة كيلو. ثم تطورت وسيلة السقاة إلى نقل الماء بواسطة البراميل (الفناطيس) التي تجرها الحمير.



    الفنطاس

    وكما تطورت وسيلة نقل المياه تنوعت استخدامات المياه أيضا، فماء الكنداسة للشرب والطعام وإعداد الشاي، بينما ظلت مياه الصهاريج التي أصبح اسمها بعد أن دخلت الكنداسة الخدمة مياه «الرديخ» تستخدم للاستخدام والتنظيف، ومياه الرديخ أي غير النقية، وهي مياه الصهاريج التي تجمع من الأمطار أو تستخرج من آبار محفورة داخل مدينة جدة.

    ومن أشهرها: بئر المعمر وبئر مسجد المعمار وبئر أبو عنبة وبئر زاوية لؤلؤة وبئر زاوية أبو سيفين. علما أن الذين لا يستطيعون شراء ماء الكنداسة كانوا يستعملون مياه الصهاريج للشرب والغسيل. ورغم قلة مياه «الكنداسة» فإنها كانت تمثل المصدر الرئيسي لمياه الشرب بالطبع لمن يستطيع شراءه.


    للحديث بقية إن شاء الله


  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    الدولة
    ينبع
    المشاركات
    23,067
    معدل تقييم المستوى
    44

    رد: قصة التحلية

    بارك الله جهودك مشرفنا العام
    نتابع باهتمام
    دمت بخير



    لمشاهدة جميع مشاركاتي الشعريه (( كسرات ومعلقات ))

    http://www.alhejaz.net/vb/showthread...831#post254831

    ولتصفح مدونتي الشعريه والمشاركه اليكم هذا الرابط:
    http://almoallem2007.ahlablog.com/

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Apr 2002
    الدولة
    ج 0506343655
    المشاركات
    6,753
    معدل تقييم المستوى
    10

    رد: قصة التحلية

    أشكرك أخي المعلم
    ونسأل الله العون

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    الدولة
    JEDDAH
    المشاركات
    16
    معدل تقييم المستوى
    0

    رد: قصة التحلية

    موضوع رااااااااااائع جدا جدا

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Apr 2002
    الدولة
    ينبع > جوال 0505361378
    العمر
    79
    المشاركات
    9,249
    معدل تقييم المستوى
    10

    رد: قصة التحلية

    شكرا أبو رامي نحن متابعون هذه القصة التوثيقية ؛ لأنها إلى حد كبير تشبه قصة الماء في ينبع
    بالطريقة نفسها وبتطورها وصهاريجها وزفاتها ...يعطيك العافية .






  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Apr 2002
    الدولة
    ج 0506343655
    المشاركات
    6,753
    معدل تقييم المستوى
    10

    رد: قصة التحلية

    أخي عاشق عيونك
    الروعة هي وجودك بارك الله فيك


    مشرفنا العزيز أبو سفيان
    نعم هناك تشابه كبير بين معاناة أهالي جدة ومعاناة أهالي ينبع
    وستكون الحلقة القادمة عن ينبع بالتحديد بإذن الله

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Apr 2002
    الدولة
    ج 0506343655
    المشاركات
    6,753
    معدل تقييم المستوى
    10

    رد: قصة التحلية

    معاناة أهالي ينبع

    كما كانت جدة البوابة البحرية لمكة المكرمة كانت ينبع البحر فرضة (ميناء) المدينة المنورة وممر الحجاج القادمين لزيارة مسجد المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ينبع والمدينة المنورة ليستا في حال أفضل من جدة ومكة المكرمة في وفرة المياه، فندرة الماء النقي مشكلة عمت كل أرجاء الجزيرة العربية تقريبا، وإن كانت الحال في مناطق محدودة أفضل من غيرها فستظل محدودة وبكميات لا توصف بالوفرة، لكن وضع جدة وينبع يختلف لارتباطهما بمكة المكرمة والمدينة المنورة حيث أفئدة المسلمين تهفو إليهما في مواسم الحج والعمرة والزيارات الدينية.


    ويرد اسم ينبع في كتب التاريخ بصور متعددة «ينبع» و«النبع» و«الينبوع»، والصواب ما اتفق عليه المؤرخون هو «ينبع»، والاسمان الآخران تحريف للأول، فالأول يكثر في مؤلفات أهل القرن الثامن عشر كالمقريزي والقطبي وابن إياس الحنفي والنابلسي، بل إن أكثر مؤلفات المؤرخين قبل القرن الثامن عشر يذكرون الاسم الأول «ينبع»، وينبع على إطلاقه في مؤلفاتهم يقصد بها ينبع النخل، وينبع اسم دال على وفرة عظيمة للمياه، وهو ما يفسر كثرة بساتين النخيل فيها. وينبع البحر هي الفرضة (الميناء) الذي يستقبل زوار المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة والقادمين بحرا، وعلى عكس ينبع النخل بوفرة مياهها كانت ينبع البحر تعاني الأمرين من ندرة المياه العذبة، وقد زارها الرحالة الشيخ عبد الغني النابلسي عام 1105هـ.


    بازان لتوزيع المياه


    ومثل جدة كان أهل ينبع يعتمدون على صهاريج تجميع مياه الأمطار وبعض الآبار حولها يجلب منها الماء في الصفيح والقرب وعلى الدواب لتأمين احتياجاتهم الضرورية فقط، وكانت ينبع ليست استثناء من الحكم التركي للدول العربية في شخص الدولة العثمانية، هي ذات الصوت المرتفع للإغاثة من مخالب العطش المميت، خاصة ما حدث في موسم حج عام 1320هـ حيث قلت المياه وغلا ثمنها بل كان يرتفع كلما شاءت أهواء أصحاب البرك والصهاريج، الذين أغنوا أنفسهم من أموال المسلمين - فقراء ومساكين - وأصبحت ينبع، التي هي فرضة المدينة في أسوء حال، كما أن كثيرا من الحجاج قد نابهم من الشدة مثل نفس الحال، وكانت الحكومة المصرية تابعة للدولة التركية، وبحكم صلة القربى مع المصريين، عرقا ولغة ودينا، تقدم أهالي ينبع البحر في تاريخ 2 محرم 1321هـ بطلب إلى وزير الحج المصري اللواء إبراهيم رفعت باشا، يطلبون منه النظر في شكواهم من عدم توفر مياه الشرب، وكان الطلب إياه يتضمن اقتراحين: أحدهما إلغاء فكرة الاعتماد على جلب المياه من العيون، لما يسببه من تكاليف باهظة، وكونه مصدر استغلال لأصحاب البرك والصهاريج وعرضة للتلوث والاعتداء من قبل العابثين، والاقتراح الآخر: مدهم بآلة بخارية تخرج لهم من بحرهم ماء صالحا للشرب، وتكون تحت إرادتهم وإدارتهم عن قرب.

    وقد راق هذا الطلب الأخير للوزير اللواء إبراهيم رفعت باشا، وفعلا صدرت به الإدارة السنية بعمل «تصنيع» آلة لتقطير المياه من البحر لمدينة ينبع، وحدد لوصولها خمسة أشهر فقط، لكن مضت سنتان ولم تصل الآلة (الكنداسة) باللغة التركية، وطال الانتظار.

    وعندما تحدث وزير الحج المصري مع ناظر الداخلية تقرر إرسال الباخرة المسماة «ينبع» إلى ينبع المدينة لتقيم على ثغرها لمدة ثلاثة أشهر في السنة من أجل مد أهلها والمقيمين بها بالماء المقطر العذب، لكنها كانت فرحة لم تكتمل، أو يبدو أن المكلفين بهذا الأمر لم يدركوا أهمية التوفيق الزمني لسد حاجة المدينة من الماء الصالح للشرب، فالباخرة لم تصل ينبع إلا في 8 محرم 1322هـ أي بعد نهاية موسم حج عام 1321هـ بنحو شهر كامل.

    وفي آخر عهد الولاية التركية للحكم البلاد، أمكن جلب آلة (كنداسة) مقيمة على مرفأ ينبع لتقطير مياه البحر وإمداده عذبا للأهالي والمقيمين.

    وإذا ما حضر الحجيج في موسمه ضاقت مدينة ينبع ذرعا بحالها من نقص في الخزانات لحفظ الماء ونقص آخر في جهاز الآلة الإداري لتوزيع الماء، وبهذا كانت الجدوى من وجود آلة التقطير (الكنداسة) ضعيفة، لأن قلة العالمين فيها وقلة الصهاريج بها أدت إلى شدة الزحام، فضاع حق الضعيف، وتلوث المياه واشتد الصراع بين الأقوياء، فلم يبلغ الشخص العادي غرضه منها، ولم تعد آلة التقطير (الكنداسة) مع ما تكلفه من نفقة كبيرة، تفي بحاجة المدينة من المياه.

    وفي خضم الصراعات الإقليمية والدولية ونشوب الحرب العالمية الأولى خلال الربع الأول من القرن العشرين كانت النزاعات القبلية تعصف بالمنطقة العربية، حربا أهلية مدمرة تغذيها الفتن معقل الانقسامات، وكان (ابن سعود) عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود قد ظهر زعيما غيورا على وحدة البلاد بأكملها رافضا بشدة، وإن دعت الحاجة إلى محاربة من يدعو إلى خلاف الوحدة الوطنية للبلاد، لهذا المبدأ في شخص الملك عبد العزيز الذي كان دافعه صفاء العقيدة وقوة التوحيد هبت البلاد بقبائلها وكافة أطياف المجتمعات ولاء وطاعة، ولبت جميع الأقاليم دعوة هذا الرجل العظيم مدركين أهمية التآخي والتكاتف والتعاون متحدين تحت راية الزعيم القادم (ابن سعود) كما كان يسمى.

    ويذكر التاريخ أنه دخل المسجد الحرام عام 1342هـ فوجد أن الصلاة فيه تقام على انفراد لكل مذهب على حدة، أو ما يعرف بـ«المقامات»، فأمر بوحدة العقيدة، وأن يكتفى بإمام واحد أيا كان مذهبه من المذاهب الأربعة، ليؤم المصلين جميعا، فكانت الإمامة على المذهب الشافعي آنذاك..


    للحديث بقية إن شاء الله

صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •