مقدمة

أحسست بشئ من الاستغراب والدهشة وأنا أسمع أعضاء لجنة التحكيم في شاعر المليون يعترفون بقصور فهمهم وقلة إدراكهم لقصيدة الشاعرة القديرة عيدة العروي في المرحلة الأخيرة من شاعر المليون . وينصحونها بالنزول إلى مستوى المتلقي العادي .. ومصدر دهشتي هو أن هذه اللجنة ما فتئت تنصح الشعراء بالابتعاد في تصويرهم الشعري عن المباشرة والتسطيح وتؤكد لهم أن الشعر ليس كالكلام وأن المتلقي يجب ألا يصل للمعنى إلا بعد تفكير عميق وتأن دقيق .. فما بالهم الآن قد تخلوا عن هذا المبدأ عندما سمعوا هذه القصيدة والأغرب أن أحدهم ادعى بأن المشكلة أن المترجم لا يستطيع أن ينقل المعنى إلى لغة الإشارة !!

أما كان الأولى بهم أن يأخذوا فرصتهم في البحث والتنقيب حتى يصلوا إلى معاني كيومرت وأورمزد وزرادشت ومزدك وماني والنيروز والبشتاه والزند والبازند والشهنامة وغيرها لا سيما والشاعرة تعطيهم طرف الخيط وتقول أن قصيدتها تقليب متأن وجل لصفحات التاريخ .. حتى لا يظهروا بمظهر العاجز فيلجؤون إلى إسقاط العجز على الشاعرة

لا أخفيكم أنني أيضا لم أدرك معاني هذه الألقاظ ولكني سجلتها وطفقت أبحث عنها فتكشفت لي أبواب متعددة من ثقافة لا أعرفها وعلم لم أسمع به كما فوجئت بأن أغلب الصفحات التي تؤدي إلى هذه المعرفة في جوجل محجوبة !! ولكني لم أعدم الوسيلة في البحث

إلى أن عرفت بأن القصيدة وثيقة تاريخية تحمل دفاعا مستميتا عن السنة ضد أعدائها وحثا بأن نقرأ التاريخ وأن نستلهم العبر حتى لا ننخدع ببعض العبارات الزائفة في الدعوات التي تدعو إلى التقارب بين المذاهب

إذن هو موقف جهادي بطولي ظهرت به شاعرتنا في هذا المحفل الكبير لتؤدي واجبها في استنهاض الهمم واستثارة العزائم للذود عن الإسلام وفضح أعدائه وقد نجحت في ذلك وسجل لها هذا الشرف العظيم

وفيما يلي سوف أقدم لكم بشكل شامل ما تشير إليه القصيدة على حلقات متتابعة . وستعرفون إن شاء الله كل المغازي والمرامي والألفاظ التي وردت فيها ولكني أنصح بأن تقرأ الحلقات بتتابع أولا بأول لأن البحث طويل ومنقول من عدة مصادر سنشير إليها في نهايته


الحلقة الأولى




الباب الأول: نظرات تاريخية في إيران
[align=justify]


لماذا نقدم هذه الدراسة التاريخية :

في العالم الإسلامي اليوم حركات باطنية رهيبة : كالرافضة ، والنصيرية ، والدرزية ، والبهائية ، والإسماعيلية . وتقوم هذه الحركات بتنظيم نفسها على أساس انتمائها الطائفي ، ويتوارى قادتها خلف شعارات حديثة براقة كالقومية والديمقراطية والإسلام والاشتراكية . وتهدد هذه الحركات واقع ومستقبل الدعوة الإسلامية ، ولقد أقاموا نظامين لهم في كل من إيران وسورية ، وقادة هذين النظامين يقولون صراحة بأن حركتهم ستعم العالم الإسلامي ، وفعلاً نجد لهم ركائز في كل بقعة من العالم الإسلامي ، ومن المؤسف أن يعلق معظم المسلمين الآمال العريضة على ما يسمى بالجمهورية الإيرانية الإسلامية لا لشيء إلا لأنها ترفع الشعار الإسلامي ، ومن قبل رفعت حركة القرامطة الشعار الإسلامي ، وتظاهرت الدولة العبيدية في مصر بانتمائها للاسلام ، وعندما ملك العبيديون والقرامطة أمر المسلمين افسدوا الحرث والنسل ، ونشروا الكفر والإباحية ، واستباحوا دماء المسلمين في حج عام 317هـ .
ومن أجل أن لا يعيد التاريخ نفسه رأينا أن نتقدم بهذه الدراسة التاريخية لنربط الحاضر بالماضي إذ لا يصلح لمن يتصدى لدراسة حركة وتقويمها أن يغفل عن تاريخ هذه الحركة . ومما لا شك فيه أن الدروز والنصيريين والبهائيين والاسماعيليين يعودون إلى أصل واحد هو التشيع ، وهذا التشيع يعود إلى أصول مجوسية وليست إسلامية ، وموطن المجوسية بلاد إيران أو الفرس . وفي هذه الدراسة التاريخية نتحدث عن تاريخ المجوسية في إيران ، وأثر هذه المجوسية على مختلف فرق الشيعة ، ونود باديء ذي بدء أن نسجل هاتين الملاحظتين :

1- هناك فرق واسع وبون شاسع بين شيعة علي رضي الله عنه الذين كانوا يرون أنه أحق بالخلافة من معاوية وأن الأخير قد بغى على أمير المؤمنين علي ، ولهذا وقفوا إلى جانبه وحاربوا تحت رآيته .. وبين شيعة اليوم الذين يقولون بعصمة الأئمة ، ويشتمون الصحابة ، وينكرون السنة ، ويعتقدون بالرجعة والتقية .

2- لا بد من التفريق بين الفرس المجوس الذين كادوا للإسلام وتآمروا عليه ، والفرس الذين دخلوا في دين الله ، وحسن إسلامهم وذادوا عن الإسلام بسيوفهم وعلمهم ومالهم ، فكان على رأسهم الصحابي الجليل سلمان رضي الله عنه وغيره من اعلام السلف الذين قال عنهم صلى الله عليه وسلم : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم فأنزلت عليه سورة الجمعة – وآخرين منهم لما يلحقوا بهم – قال : قلت : من هم يارسول الله ؟ فلم يراجعه حتى سأل ثلاثاً وفينا سلمان الفارسي وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على سلمان ثم قال : لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال أو رجل من هؤلاء رواه البخاري

وإذن فإن حديثنا في هذه الدراسة عن الفرس المجوس ، أما الفرس المسلمون الذين قصدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث فهم أخواننا وسلفنا وأعلامنا ونبرأ إلى الله من لوثة كل قومية :عربية كانت أو فارسية ونشكره تعالى الذي من علينا بالإسلام ونزع من قلوبنا عبادة الأصنام والأوثان .[/align]



يتبع