من تاريخ ينبع ودعمها المقاومه ضد الفرنسيين في في مصر
وجدتها لزميل فنقلتها شكرا لأهل ينبع والحجاز وفخرا بالاجداد من اهل ينبع
شهر فبراير وذكري انتصار القصير على أسطول نابليون بقيادة الشيخ محمد الجيلاني
ايام قليلة تفصلنا عن اهم ذكري تاريخية في تاريخ مدينة القصير واعتبر هذا اليوم هو بمثابة يوم مفصليا في تاريخ المدينة ودورها ولابد ان يحتفل به في كل عام ليظل خالدا في اذهان الاجيال القادمة ويروا حجم تضحيات الاجداد على هذه الارض واليكم قصة هذا اليوم
﴿كان من الضروري الاستيلاء على القصير لسد هذا المنفذ الذي ترد منه الإمدادات المتلاحقة. وفي الحقيقة فإن الغزو الفرنسي لمصر قد أحدث دوياً وصدىً عميقاً لدى الأقطار العربية والإسلامية، مثل بلدان شمال أفريقيا والسودان وشبه الجزيرة العربية، لاسيما حجاج شمال أفريقيا الذين كانوا يمرون بمصر في ذهابهم الى الأراضي المقدسة في الحجاز، وكذلك المعتمرون الذين يسلكونها كذلك في طريق عودتهم إلى بلادهم، فاحتلال مصر من قبل دولة غير إسلامية اعتبروه خطراً على الإسلام والمسلمين. ومن المحتمل أن يحرم هؤلاء الحجاج من الوصول إلى الحجاز عبر مصر. ومن ثم يجب عليهم دفع هذا الخطر﴾. ( ) كما كان لمصر أهمية كبرى لدي أهل الحجاز وأيضا عند أهل المغرب ﴿فقد كانت مصر سوقاً رائجاً لبيع منتجاتهم التي يحملونها معهم، ويشترون منها ما يبيعونه في الأراضي الحجازية، ويحدث الشيء نفسه في طريق عودتهم إلى بلادهم عبر مصر، إذ يشترون من الحجاز ما يحتاج إليه أهل مصر. فمصر بالنسبة لهؤلاء الحجاج والمعتمرين تسهل لهم أداء شعائرهم الدينية، ومكان مهماً للتبادل التجاري، فالتطوع من قبلهم للدفاع عن مصر كان محبباً إلى نفوسهم وفي الوقت نفسه أداء لفريضة الجهاد﴾. ( )
﴿ولما كان ميناء القصير يعتبر المنفذ الرئيسي الذي يفد منه هؤلاء المجاهدون من مينائي ينبع وجده على البحر الأحمر، وفي طريقهم إلى قنا عبر الصحراء الشرقية، حيث ينضمون إلى المقاتلين المصريين والمماليك﴾ ( ). فكان هؤلاء هم يمثلون الدماء الجديدة التي تغذي الحركة المقاومة للغزو الفرنسي.
لقد كان ميناء القصير بؤرة متجددة لتجمع المقاتلين الحجازيين تستقبل أفواجاً من المتطوعين ينهمرون كأمواج ذلك البحر الذي تطل عليه هذه المدينة الصغيرة. أدرك الفرنسيون أنه لا استقرار لحملتهم في مصر إلا بإيقاف شلالات المجاهدين الذين يتدفقون من ميناء القصير فيثيرون حماس الأهالي بصورة أزعجت السلطات الحربية الفرنسية، فكان من الضروري الاستيلاء على هذا الميناء لغلق هذا المنفذ؛ لحرمان المصريين من مساعدة إخوانهم في الدين.
في الفترة من26 إلى 30 ديسمبر1798قام0-(نابليون (بزيارة السويس لتفقد حالتها على الطبيعة وارتياد المواقع المجاورة لها، بما في ذلك عيون موسى، وكان قد غادر القاهرة في 24 ديسمبر وبصحبته عدد من كبار قادة الجيش وخبرائه وهناك راودته فكرة احتلال القصير عن طريق البحر بواسطة أسطول صغير يتم إرساله إليه.
وأثناء هذه الزيارة أصدر نابليون أوامره بتاريخ 29 ديسمبر1798إلى الجنرال بيرتتيه (Berthier)بتكليف مسيو فيرود (Feraud)مهندس البحرية ببولاق بالسفر إلى السويس في صبيحة أول يناير1799 ومعه ستون بحاراً وكافة الصناع الموجودين ببولاق، من المتخصصين في أعمال النجارة والنشر والجلفطة، سواء من الفرنسيين أو الأتراك، على أن يأخذوا معهم عددهم وأدواتهم. واختتم نابليون أوامره بقوله: ﴿وسيجد مسيو فيرود تعليماتي بشأن مهمته عند وصوله إلى السويس، وعليه أن يأخذ معه بوصلتين﴾. ( )
وفي اليوم التالي من زيارته للسويس (30 ديسمبر1798م) أصدر بونابرت أمراً إلى الكوونترادميرال جانتوم (Ganthaume) ببناء أربع قطع من سفن المدفعية وتسليحها بأسرع وقت، وأن تطلق عليها الأسماء الآتية: هي تاليامنتو" Taglimento ( )، و"كستيليوني Castiglioni ( )، ومليزيمو Millesimo ( )، وازنسو Isonzo ( ) بالإضافة لعدد آخر من السفن الحربية المتنوعة بغرض حماية البحر الأحمر وحراسته فيما بين السويس والطور وجزيرة شدوان"..) ( ثم أوكل نابليون تنفيذ مهمة احتلال القصير إلى الأمير ال جانتوم (Ganthaume) منذ 15 كانون الثاني / يناير ۱۷۹۸) . (
وبعد عودته إلى القاهرة بثمانية أيام (15 يناير 1799م)، أصدر نابليون أوامره للكونترادميرال جانتوم بالتوجه للسويس ليقف على ما تم انجازه من السفن، ومن ثم الإقلاع من هناك بالأسطول الجديد المكون من القطع الأربعة السابق ذكرها إلى ميناء القصير للسيطرة عليه واحتلاله. وكان نابليون قد أبلغ جانتوم بأنه سيرسل إليه ضابط من سلاح المهندسين وآخر من القوات البرية في خلال يوميين تكون مهمتهما تولي زمام القيادة في القصير، على أن يعود (جانتوم) إلى القاهرة في موعد أقصاه 8 فبراير1799م.
ثم أمر نابليون ﴿أن تضم كل قطعة من هذا الأسطول 80 رجلاً يكون أربعون منهم من الفرقة المالطية وعشرة من رجال المدفعية، وهؤلاء يتعين بقاؤهم في القصير_ وثلاثون رجلاً من نصف اللواء الثاني والثلاثين، كما أمر بإنزال مدفعين من مدافع الميدان عيار 4 ونصبهما في قلعة القصير، إن لم يكن بها مدافع﴾. ( )
وقبل إقلاع الأسطول بفترة قصيرة، تراجع نابليون عن فكرة قيادة (الكونترادميرال جانتوم) لهذا الأسطول وتم استدعائه إلى القاهرة وتم إسناد مهمة أخري إليه وإلحاقه بالحملة المتجهة إلى سوريا، فأسند نابليون قيادة الأسطول إلى الليتنانت كولو (Lieutenant Collot) وكانت مهمة كولو تتلخص في أربعة نقاط رئيسة طبقاً لما أورده كمال الدين حسين في كتابه وهي:
﴿أولاً: التوجه إلى القصير والاستيلاء على جميع سفن المماليك الموجودة في هذا الميناء؛ لقطع الإمدادات القادمة للمماليك من الحجاز.
ثانياً: الاستيلاء على القصير وقلعتها، وإنشاء مركز دفاع حصين على أحسن مستوى في القصير، لإعادة الحركة التجارية مع بلاد البحر الأحمر.
ثالثاً: تخصيص عدد من زوارق المدفعية للتجوال أمام القصير لمراقبة الميناء.
رابعاً: الاتصال بالجنرال ديزيه قائد الحملة في الصعيد﴾. ( )
أقلع كولو بأسطوله من السويس في 2 فبراير 1799. ووصل الأسطول الفرنسي أمام القصير في 7 فبراير 1799، لقد كان حظه سيئاً فكما يقول كرستوفر هيرولد ﴿ووصول الأسطول الفرنسي والأسطول المكي في وقت واحد، وهو اتفاق ما كان في استطاعة بونابرت أن يتكهن به﴾. ( ) فلقد وصل الأسطول إلى ميناء القصير في نفس اللحظة التي كانت ترسو بها سفن الفوج الثاني من المتطوعين من أهل الحجاز، يقودهم الزعيم الروحي لهذه المقاومة الشرسة الشيخ محمد الجيلاني. ﴿كان اختيار الوقت غير موفق، فحملة العرب القادمين من مكة تحركت، وفجرت إحدى سفن الفرنسيين وذبح البحارة على الأرض﴾. ( ). وكما يذكر كمال الدين حسين همام ﴿كانت السفن الثماني الموجودة في قبالة البلدة، مختلفة الأحجام. وفي تقديره _ يقصد كولو _ أن الكبيرة منها يمكن أن تحمل 12 مدفعاً، وكانت جميعها مشحونة برجال مسلحين﴾. ( ) كما كان حسن الجداوي هناك أيضاً على رأس قوة من المماليك ينتظر وصول الشيخ الجيلاني ومن معه لتأمين طريق وصولهم إلى اللقيطة ثم حجازه مقر قيادة الشيخ الجيلاني. بالإضافة إلى كتيبتين من فرسان حجازه) ( طبقاً لروايات متواترة من أهل الصعيد _ وتؤكدها بعض المصادر الفرنسية. كانت هذه القوة المملوكية قد أخذت موقعها داخل قلعة القصير فتحصنت بها. أما مجموعة فرسان المجاهدين الحجازيين كانوا يسيرون بخيولهم قرب شاطئ البحر في انتظار وصول الشيخ الجيلاني والفوج الثاني من المتطوعين.
ويصف كمال الدين حسين هذا المشهد فيقول: ﴿لمح كولو عن بعد، صواري عدد من السفن راسية في المرفأ وكأنها مصفوفة صفاً على امتداد الشاطئ، ثم لمح مبنى القلعة، وكان يرفرف على أحد أبراجها علم أحمر، وعلى برج آخر علم أبيض، ولكنه لم يتبين وجود مدافع أو مزاغل في القلعة، إلا أنه لاحظ أنها شبيهة بالقلعة الكبرى الموجودة في عجرود. وبعد ذلك لاحت له المدينة رابضة عند الشاطئ﴾. ( )
بدأ كولو يستطلع بمنظاره من فوق سفينة القيادة تاليامنتو الوضع في الميناء ﴿ألقى كولو نظرة شاملة على البر ، فأبصر جموعاً من الرجال المسلحين وإحدى عشرة سفينة وخلفها عدد من الزوارق تقوم بنقل الرجال من الشاطئ إلى تلك السفن، كما أبصر بعض الرجال بالقرب من الشاطئ، يمتطون جيادهم وينتقلون جيئةً وذهاباً، وكانت ثمان من تلك السفن ترفع أعلاماً حمراء ، واثنتان ترفعان علمين مخططين بالأبيض والأزرق، وسفينة واحدة ترفع علماً متعدد الألوان بين الأحمر والأصفر والأخضر، كما كانت إحدى دور المدينة ترفع علماً أحمراً ....وفي الساعة الثانية بعد الظهر، تمكن كولو من رصد جميع التحركات العسكرية الجارية فيما بين البحر والقلعة وأبصر معسكراً للعرب خلفه مجموعة من الفرسان تقدر بكتيبتين. وفي الجانب الأيمن من القلعة في مواجهة البلدة_ كان يوجد عدد كبير من جنود المشاة، وعدد آخر مماثل، بالقرب من البلدة. بالإضافة إلى ذلك كانت البلدة كلها محاطة برجال مسلحين. فاقترب بأسطوله من الشاطئ ليستجلي حقيقة الأمر﴾. ( )
ويبدو أن كولو لم يكن يفهم ما يحدث على أرض الميناء، ولم تكن لديه معلومات كافية عن هذا الفوج الكبير من المتطوعين الذي بدأ يهبط على شاطئ البحر. فاندفع بقواته الصغيرة وسط هذا البحر من المتطوعين والمماليك وأهل الصعيد. ولم تكن الأمور تسير وفق خطة معدة من قبل جيش الجيلاني لكنها إرادة الله التي جعلت الأمر يحسم سريعاً لصالح الجيلاني ورجاله في أول معركة له على أرض مصر وفي أول ساعة له على أرضها.
﴿أمر كولو بإلقاء المرساة عند الكتلة المرجانية، كما طلب من قائد السفينة كاستيلوني التي كانت على مقربة منه أن يلقى مرساة سفينته عن شماله. أما السفينة مليزمو فكانت على مسافة قصيرة منه، بينما كانت السفينة ايزونسو على مسافة ميل تقريباً من خلفه﴾. ( )
﴿وما أن اقترب الأسطول من الشاطئ إلا وقوبل بالقنابل. وتبادل الطرفان إطلاق النار، فهبت ريح شديدة فدفعت الأسطول الفرنسي نحو الشاطئ، واشتعلت النيران في سفينة القيادة تاليامنتو وتلقت ثلاث طلقات فانفجرت وغاصت في اليم﴾. ( )
﴿وكان بعض رجالها التعساء من الأحياء، يستنجدون بنا ويمدون إلينا أيديهم كي ننتشلهم من البحر، وآخرون كثيرون يبذلون قصارى جهدهم للوصول إلينا سباحة، ولكن الريح والأمواج ألقت بهم إلى شاطئ البحر أو أخذتهم باتجاه سفن العدو ...وكاد أحدهم أن ينجح في الوصول إلى حافة السفينة (مليزمو)، ولكنه قتل بطلقة من مدفعية العدو.﴾ ( )
بدأ النصر يلوح في الأفق بالنسبة لجيش الجيلاني، وبدأ الارتباك يبدو واضحاً في صفوف الفرنسيين، وكادت بعض التصرفات المرتبكة أن تكلف الفرنسين خسائر ضخمة، فقد ﴿مالت السفينة المنكوبة وهي مشتعلة نحو السفينة كاستيلوني، فكادت أن تشتعل هي الأخرى لولا أن سارع رجالها إلى قطع حبال مراسيها وساعدتها الرياح على النجاة من الخطر المحدق بها .كما سارعت السفينتان الأخريان أيضا إلى قطع حبال مراسيهما... ونظراً للرياح العاتية والأمواج العالية، لم نستطع إنقاذ أحد من الرجال، بل وظلت سفننا هائمة على وجهها يومين أمام القصير دون أن نتمكن من دخول المجرى الملاحي للعودة إلى السويس، وأخيراً ... وفي اليوم الثالث ، وصلنا قبالة جزر جويل. لكن ريحاً مضادة فجئتنا ليلاً فردتنا إلى الوراء. وبعد معاناة شديدة، وصلنا إلى جزيرة شدوان مع طلوع النهار، فمكثنا فيها يومين، ثم أقلعنا منها يوم 12 فبراير، وفي صباح اليوم التالي 13 فبراير وصلنا قبالة الطور، حيث أبصرنا عدداً من المراكب التي كانت تتأهب للإقلاع.... وأخيراً وصلنا إلى السويس في 19 فبراير1799﴾. ( )

لقد كانت هذه المعركة لحظة فارقة في تاريخ المقاومة. وكان من أهم الانتصارات العسكرية للمقاومة، وكان هذا أول نصر يحققه المجاهدون في مسيرة جهادهم وأهمها في نظري على الاطلاق.
فلقد كانت نتيجة المعركة مؤلمة بالنسبة للفرنسيين حيث ﴿لقي حتفهم في هذه الموقعة في مياه القصير، سبعة وخمسون رجلاً من رجال الأسطول الفرنسي، كما أسر أو قتل من لاذ منهم بالفرار إلى البر﴾. ( ) وكعادة تزيف الحقائق التي اتبعتها الحملة نجد القائد شيسوتان يقلل عدد القتلى للنصف تقريبا ويذكر أنهم "24 قتيلا فقط". ( )
لقد تم هذا الانتصار في اللحظات الأولي لوصول الشيخ الجيلاني لأرض مصر، مما عزز عند العامة من أهل الصعيد أنه رجل مبارك، وهبه الله من الكرامات والخوارق مالم يهبه لأحد غيره على أرض مصر. فسارع كثير من المترددين والمذبذبين لحسم أمرهم والانضمام إليه، وبدأت تكثر حوله الأقاصيص والمبالغات حتى اعتبره بعض العامة والمغالين أنه المهدي المنتظر الذي سيظهر أخر الزمان، فهو صاحب بيعة في الحرم، ومن ذرية محمد صلى الله عليه وسلم، واسمه محمد وهي علامات يجب أن تتوافر في شخصية المهدي الحقيقي كما ورد في كتب السير والأقدمين.
كما كانت هذه المعركة بمثابة رسالة تحذيرية وتهديدية قوية الأثر، أضعفت من الروح المعنوية لجنود الحملة. فالحروب التي أعقبتها لم تكن بالحروب السهلة أو القصيرة كما كانت من قبل، بل شهدت ثباتاً واندفاعاً للمقاومين من جيش الجيلاني على وجه الخصوص. فقد كان وصول الجيلاني وتحقيق أول نصر له شحذ للهمم، واستنهاض للعزائم وزيادة للحماس والإيمان لدي رجال الصعيد والمماليك، فقد أدركوا من خلال هذا النصر أن ما كان حلماً أو وهماً قد صار حقيقة بوجود هذا الرجل مما دفعهم لضرب أروع الامثلة في التضحية والجهاد.
لحظة فارقة في تاريخ المقاومة. وكان من أهم الانتصارات العسكرية للمقاومة، وكان هذا أول نصر يحققه المجاهدون في مسيرة جهادهم وأهمها في نظري على الاطلاق.
فلقد كانت نتيجة المعركة مؤلمة بالنسبة للفرنسيين حيث ﴿لقي حتفهم في هذه الموقعة في مياه القصير، سبعة وخمسون رجلاً من رجال الأسطول الفرنسي، كما أسر أو قتل من لاذ منهم بالفرار إلى البر﴾. ( ) وكعادة تزيف الحقائق التي اتبعتها الحملة نجد القائد شيسوتان يقلل عدد القتلى للنصف تقريبا ويذكر أنهم "24 قتيلا فقط". ( )
لقد تم هذا الانتصار في اللحظات الأولي لوصول الشيخ الجيلاني لأرض مصر، مما عزز عند العامة من أهل الصعيد أنه رجل مبارك، وهبه الله من الكرامات والخوارق مالم يهبه لأحد غيره على أرض مصر. فسارع كثير من المترددين والمذبذبين لحسم أمرهم والانضمام إليه، وبدأت تكثر حوله الأقاصيص والمبالغات حتى اعتبره بعض العامة والمغالين أنه المهدي المنتظر الذي سيظهر أخر الزمان، فهو صاحب بيعة في الحرم، ومن ذرية محمد صلى الله عليه وسلم، واسمه محمد وهي علامات يجب أن تتوافر في شخصية المهدي الحقيقي كما ورد في كتب السير والأقدمين.
كما كانت هذه المعركة بمثابة رسالة تحذيرية وتهديدية قوية الأثر، أضعفت من الروح المعنوية لجنود الحملة. فالحروب التي أعقبتها لم تكن بالحروب السهلة أو القصيرة كما كانت من قبل، بل شهدت ثباتاً واندفاعاً للمقاومين من جيش الجيلاني على وجه الخصوص. فقد كان وصول الجيلاني وتحقيق أول نصر له شحذ للهمم، واستنهاض للعزائم وزيادة للحماس والإيمان لدي رجال الصعيد والمماليك، فقد أدركوا من خلال هذا النصر أن ما كان حلماً أو وهماً قد صار حقيقة بوجود هذا الرجل مما دفعهم لضرب أروع الامثلة في التضحية والجهاد.