أرامكو ينبع في قلب الحدث الثقافي والعمراني

لسنا بحاجة إلى أن نتغنى بما لدى الآخرين من تراث وحضارة، لأننا نمتلك كنوزًا تاريخية عظيمة، يحق لنا أن نفخر بها ونحافظ عليها

منى يوسف حمدان
الخميس 12/12/2013




كل الحضارات البشرية توثق في سجلاتها عطاءات البشر، وترتقي بين الأمم بالفكر والثقافة والمحافظة على تراثها وآثارها، وتحرص دومًا على المضي قدمًا نحو المستقبل، وهي تقف على أرض ثابتة الرسوخ كالجبال الشامخة، ماضٍ عريق يضرب بجذوره في أعماق التاريخ الذي لا ينسى وامتداد لحضارة لا تنتهي.
في محافظة ينبع هذه الأيام حراك ثقافي عمراني سياحي يتناغم من أجل الإنسان على هذه الأرض الطيبة التي تمتاز عن غيرها بتنوع ينابيعها الثلاث ما بين الصناعية رافد الاقتصاد الوطني، إلى ينبع البحر ونغمات العشق للبحر والسماء والفلكلور الشجي، إلى ينبع النخل بتاريخها التليد.
الإنسان في هذه المحافظة يعيش على أرضها سواء كان من أهلها أو قادمًا إليها من منطقة أخرى استشعر مع الأيام أنها مدينته وأن أهلها هم أهله وخاصته.
ما أروع هذا الإحساس وأنت تعايش مدينة تخطب ود المستقبل، وتتزين كعروس في ليلة زفافها، ولا أجمل منها، هي محط الأنظار اليوم، وفي كل يوم لها إنجاز ومحفل ثقافي وتعليمي وعمراني وسياحي.
مدينة تلقى كل الاهتمام من قيادة حكيمة، وهذه شركة أرامكو الرائدة العملاقة وإن كانت الرافد الأكبر للاقتصاد الوطني ورمز التميز في الأداء والعطاء والإنجاز، ها هي اليوم تُنظِّم في ينبع فعاليات هي الأضخم على المستوى الثقافي، وعلى مدار اثنى عشر يومًا تتنوع الفعاليات من برامج لخبراء التربية والتدريب، إلى فنون الخطابة والإلقاء، إلى مشاركة مُتميّزة من إدارة التربية والتعليم ممثلة في نشاط الطالبات وتفاعل المدارس من قِبَل قيادات تربوية وطالبات مبدعات في تنوع نشاطاتهن، إلى ركن خاص بالخط العربي ومشاركة من قِبَل الجامعة الإسلامية، وركن للصحة وللطاقة البديلة، وترشيد استهلاك الكهرباء، وزيادة الوعي لدى أفراد المجتمع، وركن للأطفال ومسرح متخصص يتبنى المواهب الفنية ويتيح للطفولة البريئة التعبير عن مشاعرها وأحاسيسها عبر النغم الجميل والحركات، ومشاركة الشخصيات الكرتونية المحببة لهم.
ثم تنتقل إلى حديقة مرورية يحاكي فيها الطفل عالم الكبار في الشوارع وقيادة السيارات، ويتعلم فنون القيادة وقواعد المرور، ويحصل على شهادة رمزية تُؤهله لارتياد عالم القيادة.
ثم تنتقل بين جنبات هذا المخيم الثقافي لتطّلع على متحف بحري مُصغّر، وأنت تجلس في جلسة ثلاثية تجعلك تعود بخيالك إلى أجواء الماضي الجميل، ومركاز العمدة، الذي طالما افتقدته وأحن إليه دومًا، وقد عايشته يومًا في بيت جدي -حمدان- رحمه الله.
ما أروع شركة أرامكو التي نظّمت هذه الفعاليات المتنوعة والمتميزة، والتي تلاقي إقبالًا جماهيريًا كبيرًا فاق كل التوقعات في أجواء حميمية تعيدنا للماضي ببساطته وأُلفته ومحبّة الناس فيه، لم تنس أرامكو أن تُشارك الأُسر المُنتجة، وأن تهتم بكبار السن كما اهتمت بصغارهم، استوقفتني امرأة عجوز تجلس على كرسيها تتأمل المكان والناس والسعادة تغمرها، قبّلتها وطلبت منها الدعاء بأن يديم الله علينا نعمه ظاهرة وباطنة.
الكل هنا يرتاد المكان ليستكشف ماذا قدمت أرامكو لتفعيل دورها في خدمة المجتمع، وإذ بهم يخرجون فرحين مبهورين بما شاهدوا وبما نالوا من فكر وثقافة ومتعة حقيقية للعقل والروح معًا.
تحظى ينبع في مثل هذه الأيام من كل عام بمهرجان التراث العمراني وبفعاليات متنوعة تهدف إلى تعزيز دور هذه المحافظة في جذب السياح إليها وهي معروفة بموروثها الشعبي والفن الينبعاوي والأهازيج الشعبية والأكلات الخاصة بأهلها، وما زالت حاضرة بين جيل اليوم كما كانت في الماضي.
الأمانة العامة للسياحة في محافظة ينبع تُركِّز جهودها في إعادة وترميم المنطقة التراثية، وتفعيل هذه المنطقة لتكون قبلة للسياحة في وطننا.
لسنا بحاجة إلى أن نتغنى بما لدى الآخرين من تراث وحضارة، لأننا نمتلك كنوزًا تاريخية عظيمة، يحق لنا أن نفخر بها ونحافظ عليها، ولا يمكن أن نتجاهل هذا الحرص من رئيس الهيئة العامة للآثار والسياحة سمو الأمير سلطان بن سلمان وزياراته المتكررة لهذه المحافظة.
ما أروع هذه الأخبار التي تناقلتها وسائل الإعلام عن مبادرة تطوعية شبابية لخدمة التراث العمراني تنطلق من رحاب طيبة الطيبة، فتحية طيّبة مباركة مداد الخير الذي يعمر كل القلوب المُحبّة للوطن والتراث لصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان أمير منطقة المدينة المنورة، وتحية مماثلة لسعادة محافظ محافظة ينبع على كل هذه الرعاية والاهتمام والحراك الذي تشهده ينبع.
نبض التميز وجودة الأداء:
في ختام كلماتي لابد أن أُسطِّر بكل فخر واعتزاز تهنئة قلبية لكل من حمل راية العلم، وأخلص في أداء عمله، وأبدع في عطائه، فنال حقه من التكريم والإشادة والتميّز.
شكرًا لمن مثّلوا تعليم ينبع في جائزة التميّز الوزارية، من معلمين ومعلمات ومرشدين ومرشدات ومشرفين ومشرفات وإدارات مدرسية، تهنئة خاصة لإدارة التربية والتعليم بينبع هذا التميّز الذي لا يليق إلا بالمتميزون فقط، وان ليس للإنسان إلا ما سعى.