جاءتني رسالة على الإيميل تطلب مني إدراج هذا الموضوع ... وللأمانة فهذا هو الموضوع وطلب عدم ذكر إيميله ..
الخطب العقيمة
ذهبت إلى كل مساجد ينبع ، وأقول كل وليس البعض .. لأستمع وأستفيد من مغزى الخطبة ومن حكمة الخطبة ،ولكن ما أراه وما أسمعه جعلني في حيرة من أمري .. ألهذا جعلت خطبة الجمعة ؟
أولاً .. نبدأ بما نراه ..
نرى الشيخ وقد اعتلى المنبر يحمل بين يديه أوراقًا ليلقي ما بها على مسامعنا .. وهنا أمر هام .. فليعلم من لا يعلمون أن الخطاب من ورقة يختلف تأثيره تمامًا عن الإلقاء التلقائي ، واسألوا علم النفس في ذلك ..
ثانيًا .. ما نسمع نجده أنه مكرر ، وكأن الإسلام قد نزل بالأمس ، وكأنه ليست هناك قضايا عصرية تتطلب التطرق إليها ، وهنا قد يهب البعض قائلاً : إنها للذكرى مصداقًا لقول الحق فذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ، و:انه لا توجد آية في القرآن إلا هذه الآية ، وعلى اعتبار ذلك ، أتأخذ التذكرة كل هذه الأوقات وتلك الأزمنة ، وهل لا يوجد في ديننا إلا أن نذكر فقط ، وبأي شيء أذكر هل أذكر بالصلاة والصوم والصدقات والحج فقط ؟ هل جاء ديننا متضمنًا هذه الأسس فقط ؟ لقد مللنا كثيرًا ما يتردد عن عاشوراء ، وعن قيام الليل وعن.. وعن .. يا إخواننا نحن مسلمون منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام ، كل هذه الأشياء أصبحت من أساسيات حياتنا .. نريد يحثنا شيوخنا على العمل ، على التميز .. على التفوق .. على الإبداع .. على التجديد .. على التحديث .. على فقه الأولويات ، هل من الأولوية أن يجتمع الناس أجمعون على كرة القدم في مباراة ولا يجتمعون على فكر متقدم أو ابتكار أو اختراع ؟ ..هل من الأولويات أن يجتمع رجال القوم في جلساتهم على مناقشة المسلسلات والأفلام ، هل تحدث علماؤنا أو مشايخنا يومًا عن فضل العلم والعلماء ؟ عن فضل التقدم والابتكارات ، عن فضل التسابق التقني والتكنولوجي الحادث في العالم من حولنا ؟ عن كيفية النهوض بشباب الأمة حتى على الأقل نصل إلى ربع مستوى دويلة كإسرائيل ؟! يا للعجب !! نرى البكاء من الشيخ ، والتنهيد من المستمعين ، وكل يمضي بعد ذلك إلى حال سبيله .. رفقًا بأمتنا يا شيوخنا .. كفاكم نظرة تحت أقدامكم ، وانظروا مرة واحدة إلى الأمام .. انتشر الإسلام في شرق آسيا بالتجارة ، أي بالشطارة ، أي بالفكر ، ومعه الدعوة إلى الله بالقدوة والصدق والأمانة ، اربطوا بين الدين والحياة ، لو يعلم الله في حياتنا زهدًا دامغًا ، ووقفًا على ركوع وسجود ما خلقنا فيها ، إنما خلقنا فيها لنستعمرها ، ولنخلفه سبحانه فيها ، العمل ، الجد ، التقدم ، النماء ، العلو ، كل هذه سمات ديننا ، أوقات الصلاة في اليوم محدودة ، أوقات الحج والصوم في العمر محدودة ، وماذا عن باقي الأيام والأزمة والساعات ؟؟ ماذا عن حياتنا وازدهارها ، ماذا لو أخذ كل واحد ما ينفع الحياة ، وأخذ الغرب ما ابتكروه وما استحدثوه ؟ هل بقي لنا من الأمر شيء ؟ هل سنركب السيارات ؟ أو نملك الجوالات ، أو الحاسبات ، أو .. أو .. إلخ .. كل هذه الأشياء ملك للغرب يا مشايخنا ، يا من تركبون الكبارس والفوردات ، ليست هذه المركبات ملك لنا ، ماذا لو ذهب كل واحد بما عنده ؟! هل تكفينا في هذه الحالة صيام عاشوراء فحسب ؟ أو قيام الليل فحسب ؟ لا يفهم البعض أنني لا أدعو إلى صيام يوم أو إفطار آخر .. لا ... فنعم الصلاة صلاة الليل وصوم عاشوراء يكفر السنة التي قبله ، وصوم عرفة يكفر سنة قبله وسنة بعده كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ولكن ماذا بعد .. إن كانت هناك دعوة فلتكن شاملة .. لا تعودوا بنا إلى عصر النزول ، كم طبيب في بلدنا ؟ كم مهندس متخصص في بلدنا ؟ كم خبير في بلدنا ؟ إنهم جميعهم أجانب .. هذا دوركم يا مشايخنا .. لا تأخذوا الناس إلى جزء من الدين وتدعوه يترك 99 جزء .. ديننا متكامل ليس به نقص .. اليوم أكملت لكم دينكم ، هذا قول ربنا ، ليس الدين صيام وصلاة وزكاة وحج فحسب ، إنما الدين كل شيء .. أسمعتم يا مشايخنا ... كل شيء .. فأين نحن من أشياء كثيرة .. لست أدري وكفانا تلك الخطب العقيمة.
المفضلات