تَبيان النَبَأ و رَقِابة اللْفظ




الجمعة 11/07/2014


نسمع عن إشاعات تنشر وترسل، دمرت أسرا وفرقت بين أحبة، ضيعت أوقاتاً وأحزنت قلوباً وأورثت حسرة، فتن الكثير بنشرها و ترديدها دون النظر في نتائجها والشرور الناتجة عنها.نشرها سلاح خطير يفتك بالامة ويفرق أهلها، ويسيء ظن بعضهم ببعض، ومن الواجب ان نكون أعواناً على الخير والبر والتقوى، نسعى في جمع الكلمة ووحدة الصف ولم الشمل. ومطلق الاشاعة مجرم في حق دينه ومجتمعه وامته بترديده لها، لما لها من آثار نفسية واجتماعية ضارة، لان في ترديده للاشاعة زيادة في انتشارها، فهو يتلقى الاشاعة المغرضة وكأنها حقائق مسلمة فيلطخ سمعه وبصره بها، والعاقل يحذر كل الحذر من ان يكون مروجا للاشاعات، فاذا ما سمع بخبر ما فلا يستعجل في تقبله دون تحقق واستفهام،والله عز وجل أطلق على مطلق الاشاعات بالمرجف، الخائض في الاخبار السيئة، قال تعالى (لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها الا قليلا ملعونين اينما ثقفوا اخذوا وقتلوا تقتيلاً).
ان الإسلام يحرم إشاعة أسرار المسلمين وكل ما يمس أعراضهم وأمنهم واستقرارهم، حتى لا يعلم الأعداء مواضع الضعف فيهم فيستغلوها أو قوتهم فيتحصنوا منهم، قال تعالى (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا)، والنبي صلى الله عليه وسلم رُميت دعوته المباركة بالإشاعات منذ بزوغها، فتفنن الكفار والمنافقون الذين مردوا على النفاق في صنع الأراجيف الكاذبة والاتهامات الباطلة ضد دعوته، حتى الأنبياء والصالحون لم يسلموا من الإشاعات، فهذا يوسف عليه السلام نموذج من نماذج الطهر والنقاء ضد الإشاعات المغرضة، قال تعالى (كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِين).
والإسلام عالج الإشاعة بأن اعتبرها سلوكاً منافياً للأخلاق النبيلة والسجايا الكريمة، وأبان خطورة الكلمة فتوعّد مروجي الإشاعات بالعذاب الأليم، وجعل علاجها من خلال الناقلين لها، لأن مصدرها قد يكون من أهل الأعداء الذين دأبواعلى بث الاشاعات لحاجة في نفوسهم، (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ).والإشاعات مبنية على سوء الظن، يقول الله عز وجل (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ)،فحث الإسلام على التثبّت والتبيّن في نقل الأخبار، وأن يطلب المسلم الدليل البرهاني على أي شائعة يسمعها، قال تعالى (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)، وقال عز وجل (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ).
كما نهى الاسلام أن يطلق أتباعه الكلام على عواهنه، ويلغوا عقولهم عند كل إشاعة، ويصدقوا كل قول، فهناك أشخاص يحاولون بشتى الطرق جذب انتباه الآخرين عبر هواتفهم الذكية وتطبيقاته الملحقة مثل "الواتس آب"،باختلاق شائعات ونشرها ليتلقاها آخرون ويقدموا بتداولها في ما بينهم، من غير أن يفطنوا إلى كذبها وعدم مصداقيتها، والتفريق بين الصادق والكاذب من الأخبار، وعدم ترديد أو ترويج اي احاديث غير متأكد من صحتها، "كفى بالمرء اثماً أن يحدث بكل ما سمع".
ياسرعبدالعزيز حادي - ينبع