صورة نادرة تجمع الملك عبدالعزيز مع الملك فاروق غفر الله لهما

. ينبع مُلتقى الملوك وبداية وضع حجر أساس جامعة الدول العربية الملك عبد العزيز والملك فاروق في سفح رضوى جهينة يُقرون إتحاد العرب في سهل منبسط , بين ( شرم ينبع ) و ( جبل رضوى ) يوم 10 / صفر / 1364 هـ [ 25 / 1 / 1945م ] أُقيمت خلال ثلاثة أيام , مدينة كاملة من الخيام بسرادقات الجلوس والنوم , والفُرش الوثيرة والمقاعد الضخمة الفخمة , تتلألأ الأضواء في كل جانب منها نُقل كل ذلك الى هذا السهل الأجرد , محمولاً من بلدان بعيدة , يصحبه جيش من العمّال , وعدد من المُهندسين والاخصائيين بالاضاءة وتوزيع المياه وتنظيم الحُجر وتنسيق المفارش . حيث قابل الملك عبد العزيز ضيفه ( فاروقاً ) آخر من حكم مصر من أسرة محمد علي . وكان من بواعث هذه الزيارة , شعور الملكين بشدة الحاجة الى وضع حدّ لمخلّفات الماضي القريب , واقامة سياسة ثابته بين الدولتين على أسس من التعاون والتفاهم . وكان من ( مظاهر) الزيارة أن أمر ( الجامعة العربية ) ظلّ الى ذلك الحين , بين المد والجزر . لعبدالعزيز رأي , وللاخرين من زعماء العرب اراء , وتفاهم عبد العزيز وضيفه , على أمور كان من جملتها البت في انشاء الجامعة . وصدرت في خلال الاجتماع أربعة بلاغات رسمية , عن الديوان الملكي السعودي . الأول في 12 صفر 1364 يشير الى أن التقاءهما كان في صباح الأربعاء 10 / 2 / 1364 ( 25 / 1 / 1945 ) و الثاني في اليوم نفسه , بتبادل الأحاديث بينهما في المُخيم الملكي , وان فاروقاً يتوجه بعد ظُهر ذلك اليوم الى المدينه المنورة , والبلاغ الثالث في 14 / 2 / 1364 هـ ( 29 / 1 / 1945 م ) يذكر عودة الفاروق من المدينة الى مخيمه في سفح رضوى يوم 13 / 2 / 1364 هـ وان المُحادثات استمرت في سرادق الملك عبد العزيز الى منتصف الليل . والبلاغ الرابع في 19 / 2 / 1364 هـ ( 2 / 2 / 1945 م ) يذكر تبادل الهدايا والأوسمة وتبادل العلمين السعودي والمصري باحتفال عسكري اشتركت فيه ثُلتان من الجيش السعودي وجيش البحرية المصرية رمزاً للصداقة بين البلدين . ثم يُشير الى انتهاء الزيارة , وان فاروقاً أبحر في الساعة العاشرة والنصف عربية من مساء ذلك اليوم عائداً الى مصر وليس في هذا كله مايشفُ عن روح الاحاديث وتبودلت في عشية اليوم نفسه برقياتان بين الملكين الأولى من يخت فاروق والثانية من سفح رضوى بالتحيات والتمنيات . ماذا تم في المقابلة ؟ وفي مساء اليوم الذي وصل فيه فاروق الى القاهرة 17 صفر 1364 ( 2 فبراير 1945 ) وزعت وزارة الخارجية المصرية على الصحف بياناً عن الرحلة شبه رسمي جاء فيه : كانت الزيارة شخصية ولم تكن للبحث في موضوعات معينة ولكنها في الواقع كانت أعظم من أي زيارة رسمية أوسياسية يقصد بها حل مشكلة معينة لأنها دعمت ماتم من اتفاقات وفتحت الطريق امام اتفاقات جديدة وحلت أموراً ومكنت صداقة وأوجدت محبة وجعلت اتحاد العرب امراً ملموساً . من أصداء اللقاء وكان للقاء صدى بعيد في كبريات الصحف العالمية أذكر على سبيل المثال فقرات منها : قالت جريدة ( صنداي أوبزرفر ) اللندنية : ( أن اجتماع الملكين علامة متواضعة على أن هناك رغبة شديدة في توحيد البلدان العربية في الشرق الأوسط وهي علامة لم تكن منتظرة لأن العلاقات بين مصر والأسرة الوهابية ( كذا ) كانت على أضعف حلاتها منذ الحرب التي نشبت بين محمد على الكبير وراس الأسرة الوهابية في القرن الماضي فإذا كان سليلا هذين البيتين قد أتفقا على ما تقتضيه الضرورة في القرن العشرين ونسيا المنازعات القديمة فإنهما يستطيعان تغيير الموقف السياسي في الشرق الأوسط تغييراً تاماً وقالت ( التيمس ) : ( ان اجتماع الملكين كان نتيجة عظيمة لمؤتمر الاتحاد العربي التمهيدي الذي عقد في مصر في اخر العام الماضي والمعروف انهما يشعران بضرورة توثيق العلاقات بين الدول العربية ولكن يلوح ان ملك المملكة العربية السعودية تناول هذا المشروع بشىء من الحذر على ان موافقته عملياً على البروتوكول تدل على انه يقدر تماماً الأهداف التي يرمي اليها القائمون بحركة الاتحاد العربي وقد ترتب على ماله من نفوذ عظيم في جميع انحاء العالم العربي ان اصبح انضمامه الى البروتوكول بمثابة ضمان لإنشاء الجامعة نهائياً وقد لايكون من الأمور الهامة ان تكون زيارة الملك فاروق لغرض سياسي مقصود ولكن من المحقق ان زيارة ملك مصر مع ماله من علاقات متينة بالعالم الغربي للملك عبد العزيز بن سعود وله المركز القوي في قاعدة العظمة العربية ستعود بانفع النتائج . وقالت ( النيويورك تيمس ) الأمريكية : ( ان اجتماع الملكين له أهمية سياسية كبيرة في شؤون العالم العربي ولا خلاف في انه خطوة كبيرة لتحقيق امال العرب بالوحدة وله اهمية دولية عظيمة لأن مشاكل الشرق الأوسط تتناول العالم بأسره بما في ذلك قضايا فلسطين والنفط والطيران المدني والمنافسات في تلك البلاد المترامية الأطراف . وقالت ( البورص ايجبسيان ) المصرية : ( ان المشاورات العربية التي قامت بها حكومة الوفد قد اصبحت بعد اتفاق الملكين مهمة من مهام الدولة وكل الخلافات في وجهات النظر التي عجز رؤساء الوزارات عن التغلب عليها قد ذللها الملكان فيمكننا أن نقول اليوم ان الوحدة العربية على وشك ان تصبح حقيقة رسمية حية فعالة ) . ثم تقول ( وسيكون اتفاق الملك فاروق مع الملك بن سعود فاتحة لاتفاق امير شرقي الاردن ووصي العراق ورئيسي جمهوريتي سورية ولبنان ) وفي ( الجورنال د يجيبت ) ( ان زيارة الملك فاروق للملك عبد العزيز قد فتحت الطريق امام الحكومات العربية للقيام بعمل سريع منتج يتناول جميع نواحي حياتها العامة . ويؤكد الملك عبدالعزيز ان المبدأ الأساسي الذي يجب ان تقوم عليه الوحدة العربية هوالاستقلال الكامل لكل دولة والاحترام المطلق لحدودها وعدم اندماج دول في اية وحدة سياسية ولكنها وحدة روحية وتعاون في كل النواحي وتضامن في سبيل الدفاع عن كل من هذه الدول اذا هدمت ) وفي مجلة ( تايم ) الأمريكية : ( لم يكن هذا الاجتماع مجرد رمز لاتحاد الطرفين وانما يبشر بالجامعة العربية نفسها وقد كان تحقيق انشاء هذه الجامعة من دون اشتراك المملكة العربية فيها كالسراب في الصحراء وما كان ذلك لمعارضة الملك ابن سعود لهذه الفكرة ولكن لأنه يعتقد ان الله قد عهد اليه بمهمة توحيد صفوف العرب جميعاً وجعلهم امة واحدة ) من منتديات جهينة للكاتب/ أبوعبدالعزيز النافعي المرجع / كتاب شبه الجزيرة في عهد الملك عبدالعزيز لـ خير الدين الزركلي المجلد الثاني الجزء ( 3 ـ 4 ) ص 1151 دار العلم للملايين بيروت الطبعة الحامسة / نيسان ابريل 1992 عن مجلة دارة الملك عبدالعزيز
من موضوع مطول عن تلك الزيارة اقتطفت لكم فقد كانت في أعقاب زيارة الملك فاروق الأول للمملكة العربية السعودية، واجتماعه برضوى مع الملك عبدالعزيز. وكان اجتماع رضوى الذي أشرنا إليه أثناء حديثنا فيما سبق، هو اجتماع تم بين الملك عبدالعزيز، والملك فاروق على سفح جبل رضوى الواقع في محافظة ينبع بمنطقة المدينة المنورة، وكان ذلك في اليوم العاشر من شهر صفر لسنة 4631هـ الموافق لليوم الرابع والعشرين من شهر يناير لسنة 5491م. وقد كان اجتماعا أخويا احتفى الملك عبدالعزيز خلاله بضيفه احتفاء كبيراً، وكان فرصة مهمة لتقوية أواصر المحبة والأخوة لا بين العاهلين فحسب، بل بين البلدين والشعبين. وقد أقيمت المآدب وحفلات العرضة التي شارك فيها الحاضرون من أمراء وغيرهم، وارتدى الملك فاروق الزي السعودي في إحدى المآدب تقديراً لمضيفه. ولعل من أهم الدلائل على نجاح هذا الاجتماع وسعادة الملك عبدالعزيز بما تم خلاله من تبادل الثقة وتقوية الأواصر الأخوية تلك البرقية التي بعث بها إلى الملك فاروق معبراً له عن تلك المشاعر