سبقني من هو أكثر حكمة، وأعمق فهما، وأكثر رقة، حين خاطب الآباء قائلا: «إذا كبر ابنك خاويه»، أما أنا فأقول لكل والد ووالدة يا أخي لا تكن أباً.. ويا أختي لا تكوني أماً، بل العبوا غير هذا الدور عندما تكونون بين أبنائكم. أنتم تعلمون أن العالم من حولنا (نحن الكبار) يتغير بسرعة كبيرة، ويتغير بسرعة اكبر مما نتصور في عالم الصغار، وكل ما زاد بنا العمر قلت سرعة التغيير بالنسبة لنا وزادت بالنسبة لهم، عدا حجم التأثير فيما بين عالمي الكبار والصغار جراء هذه التغيرات، فالتأثيرات بالنسبة لنا تكون محسوبة نوعا ما محددة الأثر، لكنها بالنسبة لعالم الصغار فهي قطعاً كبيرة وغير مفهومة، ولا يعلم المساكين أين ستقذفهم، ولا نعلم نحن كيف نعالج تلك الآثار حين يطلب منا التدخل لفرط جهلنا بها. عالم الأبناء شيق وممتع.. إنه باختصار عالم آخر، يُنصح كل والد أن يدخله ولا يطلب من أبنائه أن يدخلوا عالمه كوالد، فمن المؤكد أنه لو نزل إلى عالمهم لفهمهم، وسيشعر أنه ضيف مرحبٍ به، ومن المؤكد أيضا أنهم لو صعدوا إلى عالم الوالد لتاهوا فيه وسيشعرون حتما أنهم غرباء عليه مصيرهم الطرد من قبله. عندما يدخل الوالد عالم الصغار سيدخله دون استئذان لأنه سيكون واحداً منهم، وسيهتمون بتعريفه على هذا المجهول بالنسبة لوالدهم، ويشعرون بلذة حين يكتشفون أنهم يعرفون شيئاً يقومون بتعليمه لوالدهم، ولذتهم تكون أكبر حين يكتشفون أن والدهم شخص آخر، غير ذلك الذي دائما يأمرهم بحل الواجبات المدرسية أولاً بأول ويطلب الهدوء بالمنزل والنوم مبكرا...الخ، عندها وببراءة الأطفال وعفوية الصغار سيقومون بالتقريب بين عالم الكبار وعالم الصغار.
كل والد لديه رسالة ما أو مجموعة من الرسائل يود أن يمررها إلى أبنائه بكل يسر وسهولة كما يفعله الأقران والأتراب، وما من وسيلة أفضل من أن يقوم الوالد بدور القرين، والقرين في هذا العصر تغير في الشكل والمضمون فلم يعد اليوم هو ابن العم أو صديق الحارة أو زميل الدراسة بل هو شخص متخفٍ لا نعرف سنه وجنسه وملته يعيش في مكان ما في هذا الكون الواسع يصاحب أبناءنا وبناتنا في أجهزة الكمبيوتر وعبر شبكة الانترنت

بن جبير
عكاظ