حين يقول أحد الوالدين (( نعم )) ويقول الآخر (( لا )) !
يريد طفلك أن يخرج من البيت، ليلعب مع أبناء حارته، فترفض الأم، لأنه نظيف وسيفقد هذه النظافة في جسمه وملبسه ويعود إليك متسخ الجسم والثياب أولأن الأولاد الذين سيلعب معهم غير مؤدبين وسيتعلم منهم ولدك الألفاظ النابية وسوء الأدب، أولأنك تخشى أن يتعارك معهم فيؤذوه.. أولغير هذه الأسباب.. لكن والدته تخالفك، وتأذن لأبنها بالخروج للعب مع أصدقائه.. معللة ذلك بضرورة الحركة للطفل.. وبأهمية الشمس والهواء الطلق لصحته.. وبأنه لا بد أن يختلط بأترابه حتى يتعلم التعامل مع الآخرين ويمارسه.
ويحار الطفل بينكما: من يطيع؟ أمه أم أباه؟ وقد عُلم وفُهِّم أن عليه أن يطيع كليكما!
إن هذين الأمرين المختلفين يتركان أثراً سيئاً في نفس الطفل، ويحولان دون بناء شخصيته بناء سليم صحيح.
ماهو الحل إذن؟
الحل يكاد يكون واضحاً.. وليس هناك غيره.. وهوالاتفاق المسبق بين الوالدين على موقف واحد. إجابة واحدة. يظهر فيها الوالدان متفقين أمام أبنائهما.
ففي المثال السابق، كان يمكن للوالدين أن يتفقا على الحالات التي يمكن لولدهما أن يخرج فيها للعب مع أترابه، فإذا كانت الأم تحذر اتساخ جسمه وثيابه.. فيمكن أن يتفقا على أن يخرج ولدهما للعب قبل موعد استحمامه المعتاد.. وإذا كانت تخشى مما يتعلمه ولدها من كلمات نابية.. فيمكنهما أن يختارا الأولاد الذين يسمح له باللعب معهم.. وإذا كانت تخاف على ولدها من إيذاء زملائه له.. فيمكن تنبيه ولدهما على عدم بدء الاعتداء على أحد.. دون أن يذل لهم ذلاً يذهب بكرامته.. وأن يدافع عن نفسه.. أو أن ينسحب إلى البيت إذا حدث عراك عنيف بين الأولاد..
وهكذا يستطيع الوالدان وضع حلول لكل الاحتمالات التي يمكن أن تراها الأم سبباً يدعوإلى منعها ولدها من اللعب مع أترابه.. حرصاً على مافي هذا اللعب من فوائد عظيمة ومتع كبيرة تتحقق للطفل.
وكثيرة هي الأمثلة على خلاف الوالدين على أساليب تربية أولادهما.. وإعطائهما أوامر متناقضة لأولادهما: أحدهما يقول: افعل.. والآخر يقول: لا تفعل.
طبعاً هناك مواقف طارئة، فقد لا يكون ممكناً أن يتفق الوالدان على موقف واحد تجاهها مسبقاً، فكيف يفعل الوالدان إزاءها؟ إضافة إلى مواقف لم تكن قد خطرت على بال الوالدين ليتفقا مسبقاً عليها؟ فكيف يكون التصرف المثالي؟ هنا يحسن أن لا يخالف أحد الوالدين الوالد الآخر في الأمر الذي وجهه إلى الطفل، ويؤجل معارضته له إلى ما بعد قيام الطفل بالأمر وفي غيبته حتى لا يشهد خلاف أبويه. ومثال ذلك أن تُفاجأ المرأة بزوجها يكلف ولدها بحمل شيء ونقله إلى مكان آخر.. وهي ترى أ ن هذا الشيء ثقيل جداً على الطفل.. وأن وزنه لا يتناسب مع سنه.. من الخطأ هنا أن تقول الزوجة لزوجها أمام طفلهما: أليس في قلبك رحمة.. كيف تريده أن يحمل هذا؟ إنه مازال صغيراً! وكان على الأم أن تنتظر لتفاتح زوجها بهدوء في غياب الطفل.. وليس أمامه.. وتشرح له كيف أن تكليفه غير مناسب لسن ولدهما..
وإذا كانت خشيتها على الطفل تدفعها لعدم الانتظار إلى ما بعد فيمكنها أن تقوم بمساعدة الطفل في حمل ما كلفه به أبوه أوحمله عنه.. دون أن تطلب منه رفض أمر أبيه له.
المصدر : كتاب مشكلات تربوية في حياة طفلك
لمحمد رشيد العويد
المفضلات