الشعر صعب وطويل سلمه =إذا ارتقى فيه الذي لا يعمله
ومع صعوبة الشعر إلا أن هناك من ارتقى سلمه فهناك الكثير من المبدعين والإبداع في الشعر مجاله واسع ومن الصعب أن نحصر الإبداع على شخص دون غيرة فنقول فلان ملك الشعر ولكن نستطيع أن نقول من ملوك الشعر عندما نرى تفرده في غرض أو مجال من مجالات الإبداع وهناك على سبيل المثال من إتصف شعره بالحكمة فأصبحت أبيات قصائده حكم وأمثال يرددها الناس وهناك من برز في الوصف أو حسن الإيقاع في الألفاظ والقوافي من هذا المنطلق أحببت أن أتحدث عن هؤلاء الملوك وستكون البداية مع
ملك الوصف الشاعر سليمان بن شريم
لن أتحدث عن الشاعر وأقدم نبذه عنه حتى لا أطيل ولكن سيكون حديثنا عنه من خلال قصيدة تعتبر في نظري عقد فريد إحتوى على مجموعة من الدرر فيها من الوصف الجميل ماخلد هذه القصيدة ( السامرية ) وجعلها غنية عن التعريف
سرى البارق

سرى البارق اللي له زمانين ماسرى
صدوق المخايل بارقه يجذب الساري
يبدأ الشاعر بالتحدث عن البرق كعادة الشعراء في زمانه فيصف البارق ــ الذي ربما يرمز لشيء آخر عند الشاعرولكنه وصفه بأنه برق أتى بعد مدة من الإنقطاع وأن هذا البرق صدوق أوحقوق وأنه لشدة لمعانه ووميضه يجذب الساري وهو الماشي ليلا كلمة فصيحة.
على فرعة الوادي وسيله تحدرا
تغني طيور الما على حاير الجاري
هنا ينزل الشاعر مع نزول المطر وما يعنيه من حياة للقلوب إلى فرعة الوادي أي أعلى الوادي ويسيل ثم يتوقف عند غدير حاير والحاير هو مايبقى من السيل بعدالجريان وعادة يكون في مساحة منخفظة فيصبح ماحولة روضة جميلة مزدانة بالربيع وتغرد الطيور عليها وتسجع بالألحان.
بعد هذا الوصف الجميل لحالة الطقس ثم النزول على هذا الموقع الجميل يذكر لنا الشاعر ماذا يعني له هذا المكان ؟
مرابي غزال بعد عرفه تنكرا
عليه الله أكبر كل ماحل به طاري
نعم هذا المكان والواحة الجميله هي مرابي غزال والمرابي هي مكان الطفل الذي تربى وترعرع فيه فيقال مرابي أو مراتع أوملاعب فيذكر الشاعر أن هذا المكان كان مسرحا لطفولة وشباب غزال ــ فيشبه محبوبه بالغزال ــ بعد عرفه تنكرا أي أنه كان بينهما سابق معرفة فهما ينتميان لذات المكان , ولكن مرور الزمن أخلف الأحوال وحل التنكر بعد المعرفة , ثم بعد ذلك يقول الشاعر عليه الله أكبر كلما حل به طاري وهو دعاء لمحبوبه وليس عليه كما يدعو بعض الشعراء الآن بطريقة لا تمت للشعر والحب والأحاسيس بصلة , كلما حل به طاري أي كلما تذكرت هذه المرحلة وهذا إلماح من الشاعر يدل على كثرة التذكر والاسترسال مع أحداث تلك الفترة .
نطحني بدق الهيل حدر المشجرا
جميل المحاسن لا ضخيم ولا عاري
هنا مايسمى بحسن التخلص وهوالأنتقال فبعد وصف الأجواء ثم المكان وبعد إمتطاء راحلة الزمن ينتقل الشاعر إلى المحبوب فيبدأ أولا بوصف اللقاء والتقابل فيقول : نطحني أي أنه لقاء دون سابق موعد قابله وجها لوجه وقد كان يرتدي
دق الهيل وهو قماش من أقمشة الأحساء ووضع فوقه قماش مشجر وهذه من البسة زمان الشاعريقول نطحني بدق الهيل حدر المشجرا وحدر تعني تحت أو أسفل وطبعا من خلال وصف الشاعر للموقف واللباس يتضح أن هذه الأقمشة وطريقة إرتدائها هي أحدث ألوان الموضة في ذلك الزمن يبدأ بعدها الشاعر من الشطر الثاني في وصف المحبوبة ونبحر معه في جماليات الوصف الرائع الذي هو ميزة تفرد بها الشاعر ونال الصدارة بدون منازع من خلال أوصاف لم يسبقه إليها شاعرحتى ليخيل إلي أن الحروف عند الشاعر ابن شريم غير الحروف التي نستخدم فالسين والراء عندما تقرأها في أبيات الشاعر كأنها غير الحروف التي ننطقها فلها سحر خاص ينقلك إلى عالم آخر ومشاعر يسمو معها كل عاشق للحرف وكل باحث عن الإبداع.
جميل المحاسن لاضخيم ولا عاري
المقصود هنا بجميل المحاسن هو حسن القوام المتناسق الخالي من العيوب فهو لاضخيم أي سمين ضخم الجثة ولا عاري شديد النحافة ولنا وقفة هنا مع هذا الترتيب الذي سبق الشاعر فيه الزمان
لماذا ذكر الشاعر القوام مباشرة بعد اللباس ؟
مع هذا السؤال ومع بداية وصف المحبوبة يكون نهاية الجزء من الحديث عن ملك الوصف سليمان ابن شريم
تحيتي للجميع
عبدالإله