عبدالكريم محمد المطيري

لا غرابة في الشعور بالغربة الذي يجتاحنا.. لا غرابة فقد كان ولا يزال وسيظل، هكذا كنا وهكذا سنكون، كلنا يبحث عن إنسان وكل منا في داخله يسكن ذلك الانسان غربة موحشة تطوقنا بكل قوتها ولا نستطيع حتى أن نتنفس الهواء خارج شرنقتها عنا نحتاج ولا شك لذلك الانسان الذي يبدد كل تلك الغربة التي نشعر بها في داخلنا ذلك الانسان الذي يحتوي كل آهاتنا، بل كل انفاسنا الحائرة.

نبحث عنه حتى داخل ذاتنا، فنجد ملامحه وبعضا من معالم شخصيته ولا نجده نجده يحاول احتضاننا قبل أن نحتضنه يحاول مناجاتنا والهمس بداخلنا أنه موجود حتى قبل أن نحاول التقاط انفاسنا ولكننا لا نجده وكلما بحثنا عنه حولنا، في واقعنا بل حتى في احلامنا لا نجده وكلما حاولنا عبثا أن نوهم انفسنا بوجوده باءت محاولاتنا بالفشل، فنعود للبحث عنه من جديد، ونلجأ لذاتنا نناجي ملامحه غير الواضحة نحتضنها ونبث لها كل آهاتنا لعلنا نرتاح ونهدأ وتستكين انفاسنا.

وبين هذا وذاك نعيش الغربة المؤلمة، وتتعثر خطواتنا بين ألم الواقع وأمل الاحلام فيسرقنا الوقت فتزداد الظروف قسوة والقلب وحشة والايام ضراوة والغربة ألما.

فلكل من وجد ذلك الانسان واقعا لا تفرط فيه، وتجاوز عن الكثير من هفواته واحتضنه حبا وأملا واهمس له واقعا وخيالا.

ولكن من لا يزال باحثا، غلف بالأمل بحثك وقلبك، وعش واقعك كما هو، واصنع حدودا فاصلة بين ما يستوطنك حلما وما يطوقك واقعا، وأكبح جماح حلمك بقيود واقعك حتى لا تخسر الاثنين، واقع حلمك وحلم واقعك.. فبالأمل نعيش واقعنا وبواقعية ناضجة نحتضن احلامنا.

وبين هذا وذاك تمضي أيامنا ويسير بنا العمر بسعادة فلنغلف قلوبنا بحب الحياة وبجمال الأمل فليس منا من لا يشتكي ويتألم،، ليس منا سعيد مطلقا أو تعيس مطلقا. فلننظر لألمنا بإيجابية الأمل، ولنقتنص من سعادتنا مشاعر جميلة نواجه بها ألمنا إن حضر ولنوازن بين ما نريد ونتمنى وبين ما نحن عليه.

وأخيرا

فلنحتضن ذلك الانسان بداخلنا ولنعش واقعنا بأمل وأحلامنا بواقع