عبده خال:
اجد نفسي مشطورا بين المهنة وجلد الوزارة, ومنساقا لان اكون في صف المعلمين, خاصة ان الهجوم كان طاغيا وبما أنني من هؤلاء المعلمين, اقول ان مشكلتنا هي الاعتقاد باننا افضل بكثير من ابنائنا ونلغي الفترة الزمنية التي وصلنا من خلالها الى هذا الوعي الذي تتحدثون به.
اكاد اقول ان ابناءنا افضل منا بكثير فقط هم يحتاجون الى الفترة الزمنية التي مضينا فيها حتى وصلنا الى هذا العقد.
ويضيف عبده خال.. انتم تتحدثون عن 500 ألف معلم ومن الجور ان تكون التهمة عامة لهؤلاء ومن الواقع الميداني اقول ان مشكلتنا تكمن مع تنظيرات المجتمع وخطط الوزارة وكذلك برامجها وتجاربها المتغيرة والتي لم تتم استشارة المعلمين فيها.
كل عام ونحن نجرب خطوة ثم ننكص عنها في السنة التالية.. ويوميا نتلقى تعاميم افعلوا كذا وثاني يوم أو في خلال الاسبوع.. افعلوا كذا.. مشكلة التربويين انهم يجابهون كل احتياجات المجتمع وبالتالي يوجه الاتهام لهم بانهم سبب تدمير عقلية المواطن, ويتناسى الكثيرون ان الخلل اجتماعي وليس تربويا, وان التربية لم تعد في المدرسة فقط وانما هي نتاج كثير من الوسائل (تلفاز- ستالايت- جوال) ومع ذلك يظل الاتهام مستمرا للمعلم الامر الذي يحبطه ويحوله الى أداة غير فعالة.
عزلة المعلم عن التخطيط
ويواصل عبده خال: ثمة تخطيط يحدث في معزل عن المعلم وهذا التخطيط لا يستشار فيه وكل شخص يظن في داخله انه القادر على ادارة الـ 500 ألف معلم وارغامهم على فعل شيء فكيف يعطي المعلم ويشارك بهذه الروح المثبطة, وكيف يتعاطى مع عملية تجريبية وهو يدرك انها ستلغى بعد عام.. اعتقد انه بهذه الطريقة لن يتعامل مع اي تجربة تقودها الوزارة بنفس الروح التي تريدها.. وبعد كل ذلك يحاولون الصاق مشكلة الارهاب بالمعلم وهي ليست نتاج مدرسة. ويتابع عبده خال: اتصور ان بناء العقلية المرنة الذي يتحدث عنه معالي الوزير يتطلب ادخال الفلسفة في مناهجنا التعليمية, 40 عاما أو أكثر ولا يوجد لدينا فكر فلسفي.
ويتطرق خال الى نقطة مهمة ويقول: وغياب الفن في المدارس ايضا مشكلة, وقد نساهم بغيابه في صنع أب متطرف أو متشدد حينما يأتي ويرفض ان يقدم ابنه اغنية أو مشهدا تمثيليا في المدرسة ويتهم المعلمين والمدرسة بالعلمانية والالحاد.
اتذكر انني عندما كنت طفلا في المدرسة كنا نقدم المسرح الذي ينمي جوانب عديدة, وتحول الآن الى (انشودة اسلامية).
ويستطرد عبده خال: وفي هذا المجال لم تستفد الوزارة من الممثلين المشهورين والمنتمين للمهنة, اعتقد انها لو استعانت بهم ستستفيد وتنجح في تغيير النمط التفكيري أو الاداري لدى جهات متعددة.
القضاء على تنازع السلطة
** الوزير:
اشكرك.. واعجبني استدراكك, عندما قلت (الفيديو) تم سحبتها في الوقت الذي كان الفيديو آنذاك قد دخل دائرة التحريم والتحليل, وكان الذي يقول لديه فيديو كأنه ارتكب احدى الكبائر, واليوم لم يعد شيئا من ذلك.. وتناسيناه لان المجتمع يتغير والافكار كذلك, اما التربية فهي تتأثر بامور كثيرة منها الاعلام بمختلف وسائله والمنهج الواضح والآخر الخفي سواء من الاب أو الام أو من الاجتماعات السرية أو الرحلات أو انشطة صيفية وغيرها, ولذلك اقول مالم يكن هناك تكامل في التربية والتعليم ووضوح وصراحة وأن يكشف كل واحد منا اوراقه للاخر لن نفعل شيئا.
فهناك مدارس لم يحضر مجالس الآباء فيها الا اثنان أو ثلاثة, أيضا المدرسة منعزلة عن المجتمع الذي لا يتواصل معها (فالاب للاسف يرمي ولده في المدرسة ويريد ان ننجحه ونربيه ونفعل له كل شيء).
وكل هذه الامور ولايزال الحديث لوزير التربية والتعليم: تحتم على الوزارة ان تراجع نفسها في مشاريعها وان يكون المعلم والمدرسة من التطوير والعملية التربوية, بالفعل نحن نحتاج الى اعادة الرؤية حتى لا يكون هناك تنازع بين سلطة الجهاز المركزي في الوزارة وبين الجهة المنفذة للبرامج والتجارب وهي المدارس وادارات التعليم يجب ان يتفرغ الجهاز التخطيطي بأخذ الخبرات وعرضها على الميدان ثم بعد ذلك يتم التكامل واستخلاص النتائج من هذا الواقع والمشاركون فيه والذين يقومون بتطبيقه لتكون الرؤية أوضح وأشمل.
ويواصل الوزير.. قد يستغرب البعض طلب الاستاذ عبده خال بان يكون هناك فكر فلسفي او تدريس الفلسفة في مدارسنا, وأنا أؤيده ولكن ليس من اللازم ان تكون الفلسفة قاصرة على نظرة مفكر واحد وانما شاملة وينطلق منهجها ويعتمد على تعدد الرؤى.
عكــــــــاظ
المفضلات