ذاكرة الأمم لا يمكن أن تنسى ما فعله الرجال، والذاكرة الحية هي التي تمشي باستمرار، تتكئ على المنجزات، وتستند على الأفعال، تحيا دوماً بما يضخه الأوفياء الذين يستطيعون تحويل مسارات أوطان، في لحظات فاصلة وحاسمة. ففي مثل هذا اليوم، بايع الشعب عبد الله بن عبد العزيز ملكاً، خلفاً للراحل فهد بن عبد العزيز، وفي مثل هذا اليوم، قال الوطن كلمته، وامتدت كل الأيدي لتعاهد عبد الله وسلطان، على الوفاء والبيعة، في أعظم مسيرة التفاف حول قائد يشهدها شعبنا في تاريخه المعاصر، يؤكد بها ومن خلالها، أن العقول الواعية من أبناء الأمة وبناتها، هي التي تختار وتقرر وتبايع بكل أمانة وصدق بعيداً عن أية مزايدة أو تشدق أو رياء.
فعندما خرج الشعب بكل عفوية للمبايعة، فإنه كان بذلك يضرب المثل الأعلى والقدرة على تجاوز أحزانه، بالالتفاف والتلاحم حول من اختاره ليكمل أغلى مسيرة، وهو الذي كان يتابعها ويشارك في دعمها وبنائها، وليتأكد العالم كله أن هذا الشعب بقيادته ومواطنيه، يسير في سرب واحد نحو مصير واحد وبآمال وأحلام واحدة.
عبد الله بن عبد العزيز، شخصية استثنائية جاءت في ظرف استثنائي، تحوطه كل تطلعات المواطنين، وتحفه دعواتهم بما لمسوه منه أباً حانياً وأخاً عطوفاً، لذا كانت كلماته تتدفق لإخوانه وأبنائه دون حجاب أو حاجز، فتمس واقعهم وقلوبهم، واستطاع بجدارة أن يملك ما هو أهم من كرسي الحكم، ومن بريق الدنيا، ألا وهو قلوب مواطنيه ومشاعر شعبه، ليكون ذلك هو التاج الحقيقي.
أغلى بيعة لأغلى قائد ومن أخلص شعب، في فترة شهدت الكثير من الإنجازات التي وضعت الوطن في المقدمة، والمواطن في القلب، ذلك هو ملخص عام واحد فقط .
(مراقب)