د. عبد العزيز جار الله الجار الله
في أحد المساءات شاهدت باب جارنا مفتوحاً.. كنا نقارب منتصف الليل فشعرت بخوف واستغراب وبادرت بإغلاقه ودخلت في تفكير عميق.. باب جارنا مفتوح ليلاً؟!
سؤال يحمل غرابة ونحن ننتمي الى ثقافة الصحراء، البيئة التي لا ترضى عاداتها وتقاليدها أن تغلق الباب بل تلح تلك التقاليد المتوارثة على فتح الباب للضيوف والمساكين وعابري السبيل، فما الذي تغيّر في دواخل إنسان هذه الأرض وما الذي حدث لتلك التقاليد العريقة حتى أصبح إغلاق الأبواب سمة المدن والقرى والأرياف. وأنا في ذاكرتي غير البعيدة شاهدت بأم عيني مزارع ليس لها أبواب وأريافاً ابوابها لا تغلق إلا كما يقال (ردم ومجافي) والكثير من الأبواب تغلق (مواربة) وحتى الابواب لا يحكم اغلاقها الا خوفاً من السباع والكلاب الضالة وحيوانات (الهميل).
ما الذي جعلني أشعر بالخوف والاستغراب لأن يبقى باب جارنا مفتوحاً ليلاً ولا يغلقه، أكان مصدر الاستغراب شجاعة أو عدم مبالات هذا الجار بما يسمع من الحكايات المتواترة والمتناقلة عن سرقة المنازل في وضح النهار فكيف ليلاً؟ ومصدر خوفي ان السرقة لا تنتهي عند حد السرقة بل يمتد الحدث الى جريمة وإيذاء للأجساد.
السرقات قد لا تكون ظاهرة لكنها في طريقها إلى الظاهرة، فسرقة المنازل والجوالات والسيارات، واسطوانات الغاز، والحقائب، وأجهزة الكمبيوتر، والمحلات التجارية، وخزانات التموينات، سرقات متعددة وأبطالها أجانب وسعوديون وعصابات مختلطة من كل الجنسيات والأعمار، حيث تبدأ السرقات بالجوالات وتنتهي بسيارات البنوك.. وأقسام الشرطة تعلن عن قبضها على العصابات فتتولد عصابات جديدة. الأهالي والمواطنون وحتى المقيمين يشتكون ويوصلون بلاغاتهم الى اقسام الشرط ولكن الأمر يتزايد.. إذن ما الحل؟!
كان لا بد أن يشكل لهذا الغرض ادارة مستقلة لمكافحة السرقات مثل ادارات مكافحة المخدرات والغش والتزوير ويساند تلك الادارة اجهزة الشرطة وجميع الأجهزة الرقابية بهدف الرصد والمتابعة والدراسة والمكافحة لمحو هذا الناشئ قبل أن يتحول الى ظاهرة عامة تعم جميع قرى ومدن المملكة.. فترك أمر التصدي للسرقات على الشرطة فقط هو خطأ يُرتكب، وهذا الحل الذي تعتقده الشرطة لا يعالج المشكلة تماماً، بل قد يحد قليلاً منها ولن يوقف الفعل الذي سيكبر ويصبح ظاهرة
المفضلات