اسمحوا لي بطلب مشاركتكم لي قراءة هذه القصيدة الرائعة للشاعر الرائع الأستاذ ابراهيم الوافي نقلتها لكم من منتدى الشعر المعاصر :
1 )
من أين آتي الآن بالشطآن
هذا البحر مسعور الدوارْ
ياللحصارْ
الوقت في التابوت ملفوفًا
بأوراق التذكُّر
والقصيدة أنكرت ماختار أجدادي لها ...
من أين آتي الآن بالنعناع والليمون والرمَّان
والسفر المهرَّب من جوازات المطارْ ؟!!
من أين آتي الآن بالماضين في كل الممرات الأنيقةِ
يسألون بريقها عن رغوة العينينِ
عن أنثى تمرّر خطوها المبحوح فوق رخامها
وتبلُّ رابعة النهارْ ..!!
(2 )
هذي القصيدة والنساء ..!
يرقصن كل نساء هذا البحر حول توجُّعي
يكتبنَ فيه السطر والكلمات والكتب الجديدةْ
كل النساء إذا تلوت قصيدتي كنَّ القصيدةْ ..!
كل النساء نوارس في البحر
حين وقفت في الميناء
جئن من الغيوب سحابة
أغويتها بالبحر والإعصار والمدن الجديدةْ
هذي القصيدة والنساءْ ..
لكنك ( الأنثى ) الوحيدةْ ..!!
(3)
الباب مفتوح على أمسي
ستأوي ألف مفردةٍ إلي ..!
طال الغيابُ .. ووجهك المخفور مأثور لديْ
مازلتُ محمولا على الأكتاف
فوق الريحٍ
نقشٌ في يديّْ
إن لم تجيئي الآن ..
لن تسعى العصافير التي نقرت على رأسي بقايا الخبز
في زمن الخطيئةْ ...
إن لم تجيئي الآن
من يحنو علي ..؟!
(4)
( لافضَّ فوكْ )
ستقضُّك الأحلام يا زمني
ولن تصطادك النجمات في الليل الحزينْ ..!
سيمر بابك شاعرٌ ومهاجرٌ
أو عابرٌ بالضوء في زمن يفوز بأثمن
النجماتِ بعض العابرينْ ..!
إني أراه الآن مد لقلبه جسرًا
وللكتفين متكأ ..ومطَّ شفاته للوقت
يسأل عن دمي المهدور حين يراكِ
تنشغلين بالكلمات والشعر ( الحنين ) ..!
إني أراه الآن يمسح لحيةً
ستقيه شر الحاسدينْ ..!
إني أراه الآن فاستمعي اليّْ
إن لم تجيئي الآن ..
من يبكي عليّْ ؟!!
(5 )
لاشيء غير الماء
صوتُ الريحِ يعبث بالبقايا
من زبانية الخليلْ ..!
لاشيء هيَّا غادري الشطآنَ
صبِّي فوق رمل الشمسِ
كوب الزنجبيل ..!
هيا اسمعيني صوتَ بحَّارٍ
أتى من آخر الذكرى
وغني بالمواويل التي عزفتْ
لأعراسِ الأصيلْ
هيا امنحيني بعض ما أفضيتُ
للحظاتِ
حين سمعت أنفاسَ الثواني
فوق معصمكِ المبخَّرِ
بالحنين المستحيلْ .. !!
(6 )
لاشيء غير الشعرِ
ممتدًّا كماء النهرِ
مرصوفًا بابوابِ المدينةْ ..!
لاشيء هيا نلتقي فوق الرصيفِ
ونسأل الكلماتِ في أي الغصونِ
تنامُ قمبرةٌ حزينةْ ..؟!
هيا نرى الدنيا كما جاءتْ مصفَّدةً
فهيَّا نسلك الدرب التي تأتي بصوتِ الريحِ
من خلفِ الحكاياتِ الأمينةْ ..!
هيا اسلكي بي البحرَ
شقِّي حنقَهُ نصفين
حتى لاتؤرجحنا السفينةْ ..!!
(7)
لاشيء غير الفجرِ
شاعت فيه أصواتُ المآذنْ
فسمعت خلف الصمت صوت أبي يناديني
على باب الوضوءْ ..!
قم واغسل الكفين والقدمين
والرأس المبلل بابتهالاتِ اللجوءْ
قم يا بنيْ ...
لاشي إلا الله جلَّتْ قدرة الباري
على خلقِ الرصانةِ والهدوء ..!!
يارب إن القوم يستوفون من وجعي
فكيف أبوء بالكلمات والأوزان ِ
كيف أصافح الشيخ الخليلَ
وهذه الأنثى ( القصيدة ) خلف شبَّاكي تموء .!!
(8)
( لافضَّ فوكْ )
لاشيء إلا أنتَ
والماضون في درب القصيدة
ينفثون التبغَ في وجه الكلامْ
لاشيء إلا أنتَ
فاستيقظ إذا ما الليلُ نامْ ..
لاشيء هيّا
قبَّلي الصفحاتِ
ثم تململي فوق الحروف
وأخرسي طفل الظلامْ ..!
( 9 )
من أين يأتي الحزنُ
والكلمات كالأسماكِ تفرخُ بيضها في البحرِ
لاتخشى ملوحته ولا تخشى الدوارْ ..!
من أين يأتي الحزن
والأخبار نائمة ..فلا طفل يموت ولا دمار
جدِّي مضى ...
قد كان يستمع الإذاعات التي قالت :
بأن الحرب تقتطف السنابلْ
وبأن جيشًا بندقيّ الضوء
سوف يقود ( إسرائيل ) للبحر المناضلْ ..!
جدي مضى
وبقيت وحدي الشاعر الألفي
مشبوها باطلال الحبيبةْ
وبوسم ناقتها التي دُهِست على درب الحضارةْ ..!
قد كنتُ أتلو الشعر للنوَّارِ ...
حين تبتلوا بالجهل
قاطعني فم الغرباء يسأل
ـ آ خرَ الأموات ـ كاهنُهم
لمن هذي التي غرقت بشبر النثرِ
هذي الناقة العوجاء من أي القبائلْ ؟!
من أين يأتي الحزن
والأشياء من حولي تآكلْ ؟!
قطَّرتُ شعري في عيونِ الغيبِ
والرمد المعتَّق يعمي الأبصار
والغرباء مشغولون بالوسم الخليلي المقاتلْ ..!
جدي مضى ..
لكنما الصوت الإذاعي الرخيم يرنُّ في الأسماع
( إنَّ الحرب تقتطف السنابلْ )
من أين يأتي الحزنُ
والأنثى التي أغريتها بالشعر
لا ليلى ولا عفراء
تأتي الآن :
( بلقيسا ترافقها طواويسٌ وتتبعها أيائلْ ..) ..!
( بلقيس ( جاءت ) أجمل الملكات في تاريخ ( قائلْ ) ....!!!!
( 10 )
للشمس أن تبكي
وللريح التأثُّر
للسماء الغيم
لي عيناك رمَّدها الغيابْ
آوي إليك الآنَ
لكنْ بيننا وطن ورمَّانٌ
وقنديل اغترابْ
هو نصفُ بابْ
للموتِ سلَّمة سأرقى فوقها
وأعيد ربط حذائي المصنوع من جلد الترابْ
قالوا الظعائنَ ..
قلتُ ( فارهة تمر )
قالوا تموت الآنَ
قلت الموتَ أغنية الرعاة ..
وصوت فلاحٍ ضجرْ
قالوا الرثاءَ
فقلت من ماتت حبيبته
سيكتب بعدها سطرين ..
ثم يزور شبَّاك القمرْ ..!
قالوا النساءَ
فقلت هنَّ الآن في داري
وإني في سفرْ
فلنستمرْ ..
لليل كوخ ساهرْ ..
وفراشة تتلو تواريخ السهرْ !!
( 11)
الآن أسند جبهتي
فلقد كتبتُ إليك :
إن الشمس نادتني
وراء البحرِ
والأطفال يلتفُّون
باللعب الطفولي الحزينْ ..
مازال نصف الكوب منتظرًا ...
كأنَّ الليلَ لايأتي
ولا تخطو الدقائق
باتجاه الشوق ...:
تحتفلين بالألوانِ والكلماتِ
والقلق الدفينْ ..
وتعانقين الضوء
قنديلاً نفاه الصبح
فانكفأت أشعته
وأعطت مهلة للريح
كي تجتاحَ خوف العابرينْ .. !
الآن أسند جبهتي ..
فلقد كتبتُ إليك متكأً
ونافذةً
وبحرًا نرجسيَّ الماءِ ..
عطرًا ظل منتظرًالأنثى
وجهها قدرٌ
وعيناها حنينْ ..!
لاشيء إلا أنت
والشبَّاكُ
والمطر الذي يشتاقه الأطفالُ
فاكهة بعمر الياسمينْ .!
لاشيء إلا أنتِ والأصدافُ
أسرابُ النوارسِ
أولُ الأوزان
لاعلل تجيء ولا زحافْ
مما أخافْ ..
عيناك نصٌ ليلكي الحرفِ
موزون على بحر السنينْ ..!
الآن جفَّ النهرُ
أسند جبهتي الأخرى على كتفيكِ
أمسحُ آخر القطراتِ من عرق الظهيرةِ
ثم أخلع معطف الظل القبيحْ
الآن جفّ النهرُ
فليتخّللِ الكفُّ المبخَّرُ
فروة الشعرِ القليلِ
لأستكينْ .!!
( 12 )
شاعرٌ لايفيءْ
كوكبٌ لايضيءْ..!!
الفتاةُ ملبَّدةٌ بالنجومِ
وأمي تنادي لجارتها أن تجيءْ .. :
( جارةٌ تلك أم قنبلةْ
تمسكُ العمر من أسفلهْ
تنثر الودع الفوضوي
وتطلبُ صوتَكِ أن يسأله
جارةٌ تلك أم معضله ..؟! )
سوف تعرف أمي أخيرًا بأني
ترجَّلتُ عن وهم ( فاتنْ )
وأنَّ الفتاةَ ملبَّدة بالنجوم
وأن المدائنَ غيرُ المدائنْ ..!
( جارة تلك أم حنظله ..؟!
زرعتْ في فمي بلبلا
واستراحتْ قليلا
ألصقت في جبيني فتاةً
وعادتْ لكي تستريحَ قليلا
ثم جسَّت ضلوعي
فلم يدعِ الشوقُ متَّسعًا للمكانْ
جئتِ من كل فجٍّ عميقٍ
تمدِّين سجَّادةً للنوارس
للبحرِ
للاجئين
وللعنفوان ..! )
أدمعتْ حينها عينُ أمي
ونادت لجارتها أن تفيء
الفتاةُ ملبَّدة بالنجوم
وشاعرها كوكب لايضيء ..!!
( 13 )
كيف لي بعد أن لمَّني البحرُ
في رغوةٍ أن أعودَ
إلى النهرِ غصنا لزيتونةٍ ذابلةْ ..! ؟
كيف لي أن أمرَّ ببابكِ
لا أسألُ الريحَ
عن جهةِ القافلةْ .. ؟!
الصباحُ الذي ينتقي الطيبين صباحي
الجراحُ التي خالجتهم جراحي ..!
قلتُ للوقتِ :
يا سيدي :
من تكونُ التي منحتْ شَعرها قبلةً
ثم غابتْ
من تكونُ التي كفرت بالهوى
ثم تابتْ ؟!
كيف لا أسأل الطيبين الذين يقولون
إن المدينةَ
ليستْ كما وردتْ في كتابك
... ليست مدينتك ( الفاضلة ) ..!
قلتُ للقلبِ
من أين نبدا
أي السجائر
تحتاجها الآن كي تحترقْ ..؟
أنَّ ثم اختنقْ
كاد أن يتبلَّل بالموتِ
حتى غرقْ ..!
كيف لي بعد أن لمَّني
البحر في رغوةٍ
أن أعودَ إلى مقصفِ
الحبِّ
أعنية في فم النادلة ..!!!؟
المفضلات