بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الموضوع: بيان خطاب المصلي لربه ( الجزء الأول )

الصلاة ذات مكانة عظيمة في الإسلام والعبد في الصلاة يكلم الله بلا ترجمان وليس بينه وبين الله حجاب .
و الخشوع ذو أهمية في الصلاة فعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال الرسول صلي الله عليه وسلم: (( ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم تؤت كبيرة وذلك الدهر كله )) رواه مسلم .
والخشوع ينقسم إلى قسمين:
1- الخشوع الظاهري: هو كون المصلي ساكناً ناظراً إلى موضع سجوده غير ملتفت يميناً ولا شمالاً مبتعدا عن العبث وسبق الإمام وموافقته .
2- الخشوع الباطني: ويكون باستحضار عظمة الله و التفكر في معاني الآيات والأذكار وعدم الإلتفات إلى وسوس الشيطان .

بعض أذكار الصلاة متنوعة فمثلا هناك عدد من أدعية الاستفتاح و عدد من أذكار الركوع كما سيأتي فما هو موقفنا الصحيح من هذا التنوع :
الصحيح أن الانتقال من ذكر للآخر بحيث يأتي في كل صلاة بلفظ مشروع ثابت بالسنة الصحيحة يحقق العديد من الفوائد منها :
1- أحياء السنة وحفظها وعدم التنوع يؤدى إلى نسيان السنة 0
2- أدعى لحضور القلب . والاستمرار على الفظ واحد يجعل الأمر عادة 0
3- تحقيق أتباع الرسول 0
4- التيسير على المكلف وعدم ملله وسآمته 0
( لكن للإحاطة: لا يجوز الجمع بين اثنان من أدعية الاستفتاح في صلاة واحدة )

معاني ألفاظ الصلاة :

أولاً معنى تكبيرة الإحرام " الله أكبر " : أي الله تعالى أكبر من كل شيء في ذاته وصفاته وأسمائه .
الحكمة من الاستفتاح بها : ليستحضر المصلي عظمة من يقف بين يديه فيخشع له ويستحي أن يشتغل بغيره .

ثانياً معنى أدعية الاستفتاح :
1- ( سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك )
معنى سبحانك اللهم : يا الله أنا أنزهك عن النقص في صفاتك والمماثلة بمخلوقاتك .
معنى و بحمدك : الحمد : هو وصف المحمود بالكمال مع محبته وتعظيمه .
الكمال الذاتي (( ليس كمثله شيء )) والكمال الفعلي .
معنى وتبارك اسمك : كمل وتعاظم وتقدس اسمك .
معنى وتعالى جدك : أي أرتفع ارتفاعا معنوياً والجد : العظمة .
والمعنى : علت عظمتك وارتفعت بحيث لا يساويه أي عظمة من عظمة المخلوقين .
معنى ولا إله غيرك : هذه كلمة التوحيد التي أرسل بها جميع الرسل .
ومعناها : لا معبود بحق إلا الله 0

2- ( اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب ، الهم نقنى من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس اللهم أغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد ) .
( اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب )
المباعدة بين المشرق والمغرب هي غاية ما يبالغ فيه الناس والغرض من هذا التشبيه امتناع الاقتراب من الذنوب كامتناع اقتراب المشرق من المغرب .
المعني : باعد بيني وبين الخطايا بحيث لا أفعلها وباعد بيني وبين عقوبتها إن فعلتها .
( اللم نقنى من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس )
المراد : الخطايا والذنوب التي فعلها فينقى منها وهذا التشبيه لقوة التقنية .
وقع التشبيه بالثوب الأبيض لأن ظهور النقاء فيه أشد وأكمل لصفائه بخلاف غيره من اللون .
( اللهم أغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد )
وهذا زيادة مبالغة في طلب التقنية من الذنوب والخطايا والزيادة في الطهارة منه وأخفى آثارها .

3- ( الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه )
معنى الحمد : الوصف بصفات الكمال مع المحبة والتعظيم و الالف واللام في ( الحمد ) لاستغراق جميع أجناس الحمد وصنوفه لله تعالي .
( طيباً ) أي : خالصاً من الرياء والسمعة 0
( مباركاً فيه ) أي : كثير الخير 0

ثالثاً الاستعاذة :
من لطائف الاستعاذة :
1- أنها طهارة للفهم .
2- واستعانة بالله .
3- واعتراف له سبحانه و بحمده بالقدرة .
4- واعتراف العبد بالعجز عن مقاومة العدو الذي يريده وهو لا يراه .

من صيغ الاستعاذة الثابتة في السنة الصحيحة ما يلي :
1- ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم )
معنى أعوذ بالله : أي ألتجئ وأعتصم به سبحانه و بحمده .
معنى الرجيم : فعيل بمعنى : راجم وبمعنى مرجوم .
فهو راجم : أي يرجم غيره بالإغواء فهو يؤز أهل المعاصي إلى المعاصي أزاً .
قال تعالي : (( ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزاً )) .
وهو مرجوم بلعنة الله وطرده وإبعاده عن رحمته قال تعالي : (( فأخرج منها فإنك رجيم وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين )) .
فائدة الاستعاذة هنا : ليكون الشيطان بعيداً عن قلب المرء وهو يتلو كتاب الله حتى يصل له بذلك تدبر القرآن وتفهم معانية والانتفاع به .
2- ( أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه )
معنى من همزه : من الصرع والجنون يعتري الإنسان فإذا أفاق عاد إليه عقله .
معنى ونفخه : فسره الراوي بالكبر . وكأن الكبر من نفخ الشيطان لأنه ينفخ في الشخص بالوسوسة فيعتقد عظم نفسه وحقارة غيره .
معنى ونفثه : فسره الراوي بالشعر .
والمراد : الشعر المذموم كالهجاء .

رابعاً البسملة :
معنى بسم الله الرحمن الرحيم : أي أقرأ باسم الله .

خامساً سورة الفاتحة :
معنى ( الحمد ) : وصف المحمود بصفات الكمال مع كمال المحبة و التعظيم .
و هذا لا يكون إلا لله سبحانه و بحمده .
ال في الحمد : للاستغراق .
( الحمد لله ) أي : جميع صفات الكمال و الثناء و جميع المحامد لله و حده تعالى مع كمال المحبة و التعظيم .
معنى ( رب العالمين ) : الرب هو الخالق المالك المتصرف المربي .
ولا يستعمل لفظ ( الرب ) لغير الله إلا بالإضافة كقولك رب الدار .
معنى ( العالمين ) : جمـــع عالم وهو كل موجود سوى الله من المخلوقات في السموات والبر والبحر .
والعالم مشتق من العلامة لأنه علم دال على وجود خالقه سبحانه 0
معنى ( الرحمن الرحيم ) : اسمان مشتقان من الرحمة على وجه المبالغة .
الأول ( الرحمن ) : أبلغ لعمومه في الدارين الدنيا و الآخرة لجميع خلقه .
وأما الثاني ( الرجيم ) فخاص بالمؤمنين يوم القيامة .
معنى ( مالك يوم الدين ) : ملك يوم القيامة المحاسب في يوم الجزاء والحساب لله .
معنى ( إياك نعبد وإياك نستعين ) : أي لا نعبد إلا الله و لا نستعين إلا بالله .
من فوائد هذه الآية العظيمة :
1- حصر العبادة بجميع أنواعها لله .
2- أن العبادة لا يمكن فعله بالشكل المطلوب شرعا إلا بعون من الله عز وجل .
فإذا تقرر ذلك علمنا ما يلي :
1- أن العبادات كله القولية و الفعلية لله .
2- أن الاستعانة بالمخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الخالق فعل ينافي هذه الآية التي تقرأها كل يوم ما يقارب السبعة عشر مرة أو أكثر .
معنى ( اهدنا الصراط المستقيم ) : أي أرشدنا و وفقنا إلى الطريق القويم طريق الإسلام طريق القرآن و السنة طريق الأنبياء والصالحين .
معنى ( صراط الذين أنعمت عليهم ) : أي أهدانا لنفس الطريق الذي هديت إليه الأنبياء والصديقين والشهداء .
معنى ( غير المغضوب عليهم ) : وهم اليهود لأنهم عرفوا الحق ولم يعملوا به وهكذا من وافقهم .
معنى ( ولا الضالين ) : و هم النصارى لأنهم عبدوا الله على جهل وهكذا من وافقهم .
معنى ( آمين ) : أي اللهم استجب لنا ما سألناك سابقا في هذه السورة .