عن الشيخ / عبد العزيز بن باز

: 1. يسبغ الوضوء وهو أن يتوضأ كما أمره الله ، عملاً بقوله سبحانه وتعالى : ] يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصلاَّةِ فَاغْسلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْن [ [المائدة : 6] ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( لا تُقْبل صلاة بغير طهور ، ولا صدقة من غلول )) [رواه مسلم في صحيحه] ، وقوله صلى الله عليه وسلم للذي أساء صلاته : (( إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء )).

2. يتوجه المصلي إلى القبلة - وهي الكعبة - أينما كان بجميع بدنه ، قاصداً بقلبه فعل الصلاة التي يريدها من فريضة أو نافلة ، ولا ينطق بلسانه بالنية ، لأن النطق باللسان غير مشروع ، لكون النبي صلى الله عليه وسلم لم ينطق بالنية ولا أصحابه.

ويسن أن يجعل له سترة يصلي إليها إن كان إماماً أو منفرداً ، لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك .

واستقبال القبلة شرط في الصلاة إلا في مسائل مستثناة معلومة موضحة في كتب أهل العلم .

3. يكبر تكبيرة الإحرام فيقول : ( الله أكبر ) ناظراً ببصره إلى محل سجوده .

4. يرفع يديه عند التكبير إلى حذو منكبيه ، أو إلى حيال أُذنيه .

5. يضع يديه على صدره ، اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد ، لثبوت ذلك من حديث وائل بن حجر وقبيصة بن هلب الطائي عن أبيه رضي الله عنهما .

6. يسن أن يقرأ دعاء الاستفتاح وهو : (( اللّهُمّ باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب ، اللّهُمّ نقِّني من خطاياي كما يُنَقَّى الثوبُ الأبيض من الدنس . اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرَدَ )) متفق عليه من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وإن شاء قال بدلاً من ذلك : (( سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك ، وتعالى جدُّكَ ، ولا إله غيرك )) لثبوت ذلك عن النبي e وإن أتى بغيرهما من الاستفتاحات الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا بأس ، والأفضل أن يفعل هذا تارة وهذا تارة ، لأن ذلك أكمل في الاتباع . ثم يقول : (( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم )) . ويقرأ سورة الفاتحة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : (( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب )) .

ويقول بعدها : (( آمين )) جهراً في الصلاة الجهرية وسراً في الصلاة السرية ، ثم يقرأ ما تيسر من القرآن ، والأفضل أن تكون القراءة في الظهر والعصر والعشاء من أوساط المفصل ، وفي الفجر من طواله أو أوساطه - أعني في المغرب - كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ويشرع أن تكون العصر أخف من الظهر .

7. يركع مكبراً رافعاً يديه إلى حذو منكبيه أو أُذنيه ، جاعلاً رأسه حيال ظهره ، واضعاً يديه على ركبتيه ، مفرقاً أصابعه ، ويطمئن في ركوعه ثلاثاً أو أكثر ويستحب أن يقول مع ذلك : (( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، اللهم اغفر لي )) .

8. يرفع رأسه من الركوع رافعاً يديه إلى حذو منكبيه أو أُذنيه قائلاً : (( سمع الله لمن حمده )) إن كان إماماً أو منفرداً ويقول حال قيامه : (( ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ، ملء السماوات وملء الأرض ، وملء ما شئت من شيء بعد )).

وإن زاد بعد ذلك : (( أهل الثناء والمجد ، أحق ما قال العبد ، وكلنا لك عبد ، اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد )) . فهو حسن ، لأن ذلك قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأحاديث الصحيحة .

أما إن كان مأموماً فإنه يقول عند الرفع : (( ربنا ولك الحمد )) إلى آخر ما تقدم . ويستحب أن يضع كل منهم يديه على صدره ، كما فعل في قيامه قبل الركوع ، لثبوت ما يدل على ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث وائل بن حجر ، وسهل بن سعد رضي الله عنهما.

9. يسجد مُكبراً واضعاً ركبتيه قبل يديه إذا تيسير ذلك ، فإن شقَّ عليه قدَّم يديه قبل ركبتيه ، مستقبلاً بأصابع رجليه ويديه القبلة ، ضاماً أصابع يديه . ويكون على أعضائه السبعة ، الجبهة مع الأنف ، واليدين والركبتين ، وبطون أصابع الرجلين ، ويقول : (( سبحان ربي الأعلى )) ويكرر ذلك ثلاثاً أو أكثر .

ويستحب أن يقول مع ذلك : (( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك .. اللهم اغفر لي )) ، ويكثر من الدعاء ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( فأما الركوع فعظِّموا فيه الرّبّ وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء ، فقمن أن يستجاب لكم )) .

وقوله صلى الله عليه وسلم : (( اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ، فأكثروا الدعاء )) [رواه مسلم في صحيحه] . ويسأل ربه له ولغيره من المسلمين من خيري الدنيا والآخرة ، سواء كانت الصلاة فرضاً أو نفلاً ، ويجافي عضديه عن جنبيه ، وبطنه عن فخذيه ، وفخذيه عن ساقيه ، ويرفع ذراعيه عن الأرض ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (( اعتدلوا في السجود ، ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب )) [متفق عليه] .

10. يرفع رأسه مكبراً ، ويفرش قدمه اليسرى ويجلس عليها ، وينصب رجله اليمنى ، ويضع يديه على فخذيه وركبتيه ، ويقول : (( رب اغفر لي ، رب اغفر لي رب اغفر لي ، اللهم اغفر لي ، وارحمني ، واهدني ، وارزقني ، وعافني ، وأجبرني )) ، ويطمئن في هذا الجلوس حتى يرجع كل فقار إلى مكانه كاعتدال بعد الركوع لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطيل اعتداله بعد الركوع وبين السجدتين .

11. يسجد السجدة الثانية مكبراً ، ويفعل فيها كما فعل في السجدة الأولى .

12. يرفع رأسه مكبراً ، ويجلس جلسة خفيفة مثل جلوسه بين السجدتين ، وتسمى جلسة الاستراحة ، وهي مستحبة في أصح قولي العلماء ، وإن تركها فلا حرج وليس فيها ذكر ولا دعاء ، ثم ينهض قائماً إلى الركعة الثانية معتمداً على ركبتيه إن تيسر ذلك ، وإن شقَّ عليه اعتمد على الأرض بيديه ، ثم يقرأ الفاتحة وما تيسر له من القرآن بعد الفاتحة وما تيسر له من القرآن بعد الفاتحة ، كما سبق في الركعة الأولى .

ولا يجوز للمأموم مسابقة إمامه ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حذّر أمته من ذلك ، وتكره موافقته للإمام ، والسنة له أن تكون أفعاله بعد إمامه من دون تراخ ، وبعد انقطاع صوته ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( إنما جُعل الإمام ليؤتم به ، فلا تختلفوا عليه ، فإذا كبّر فكبروا ، وإذا ركع فاركعوا ، وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا : ربنا ولك الحمد وإذا سجد فاسجدوا )) الحديث متفق عليه .

13. إذا كانت الصلاة ثنائية - أي ركعتين - كصلاة الفجر والجمعة والعيد ، جلس بعد رفعه من السجدة الثانية ناصباً رجله اليمنى ، مفترشاً رجله اليسرى واضعاً يده اليمنى على فخذه اليمنى ، قابضاً أصابعه كلّها إلا السبابة فيشير بها إلى التوحيد عند ذكر الله سبحانه وعند الدعاء ، وإن قبض الخنصر والبنصر من يده وحلق إبهامها مع الوسطى ، وأشار بالسبابة فحسن ، لثبوت الصفتين عن النبي صلى الله عليه وسلم . والأفضل أن يفعل هذا تارة ، وهذا تارة ، ويضع يده اليسرى على فخذه اليسرى وركبته ، ثم يقرأ التشهد في هذا الجلوس وهو : (( التحيات لله ، والصلوات والطيبات ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً عبده ورسوله )) ثم يقول : (( اللهم صلّ على محمد ، وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد ، وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم ، وآل إبراهيم ، إنك حميد مجيد )) .

ويستعيذ بالله من أربع فيقول : (( اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن فتنة المسيح الدجال )) .

ثم يدعو بما شاء من خيري الدنيا والآخرة ، وإذا دعا لوالديه أو غيرهما من المسلمين فلا بأس ، سواء كانت الصلاة فريضة أو نافلة لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود لما علَّمه التشهد : (( ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو )) وفي لفظ آخر : (( ثم ليتخير من المسألة ما شاء )) وهذا يعم جميع ما ينفع العبد في الدنيا والآخرة ، ثم يسلم على يمينه وشماله قائلاً : (( السلام عليكم ورحمة الله .. السلام عليكم ورحمة الله )) .

14. إن كانت الصلاة ثلاثية كالمغرب ، أو رباعية كالظهر والعصر والعشاء ، فإنه يقرأ التشهد المذكور آنفاً مع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم ينهض قائماً معتمداً على ركبتيه ، رافعاً يديه إلى حذو منكبيه ، قائلاً : (( الله أكبر )) ويضعهما - أي يديه - على صدره كما تقدم ، ويقرأ الفاتحة فقط .

وإن قرأ في الثالثة والرابعة من الظهر زيادة على الفاتحة في بعض الأحيان فلا بأس ، لثبوت ما يدلّ على ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي سعيد t ، وإن ترك الصلاة على النبي e بعد التشهد الأول فلا بأس ، لأنه مستحب وليس بواجب في التشهد الأول ، ثم يتشهد بعد الثالثة من المغرب ، وبعد الرابعة من الظهر والعصر والعشاء ، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ، ويتعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ، وفتنة المسيح الدجال ، ويكثر من الدعاء ومن الدعاء المشروع في هذا الموضع وغيره : (( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار )) كما تقدم ذلك في الصلاة الثنائية .

لكن يكون في هذا الجلوس متوركاً واضعاً رجله اليسرى تحت رجله اليمنى ، ومقعدته على الأرض ، ناصباً رجله اليمنى ، لحديث أبي حميد في ذلك ، ثم يسلم عن يمينه وشماله ، قائلاً : (( السلام عليكم ورحمة الله .. السلام عليكم ورحمة الله )) .

ويستغفر الله ثلاثاً ويقول : (( اللهم أنت السلام ، ومنك السلام ، تباركت يا ذا الجلال والإكرام ، لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، لا حول ولا قوة إلا بالله ، اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجدّ منك الجدّ ، لا إله إلا الله ، ولا نعبد إلا إيّاه ، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن ، لا إله إلا الله ، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون )) .

ويسبح الله ثلاثاً وثلاثين ، ويحمده مثل ذلك ، ويكبره مثل ذلك ، ويقول تمام المائة : (( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير )) . ويقرأ آية الكرسي ، و (( قل هو الله أحد )) ، و (( قل أعوذ برب الفلق )) ، و (( قل أعوذ برب الناس )) ، بعد كل صلاة . ويستحب تكرار هذه السور الثلاث ثلاث مرات بعد صلاة الفجر وصلاة المغرب ، لورود الحديث الصحيح بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، كما يستحب أن يزيد بعد الذكر المتقدم بعد صلاة الفجر وصلاة المغرب قول : (( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يُحيي ويميت وهو على كل شيء قدير )) عشر مرات ، لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم .

وإن كان إماماً انصرف إلى الناس وقابلهم بوجهه بعد استغفاره ثلاثاً ، وبعد قوله : (( اللهم أنت السلام ومنك السلام ، تباركت يا ذا الجلال والإكرام )) . ثم يأتي بالأذكار المذكورة ، كما دلّت على ذلك أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، منها حديث عائشة رضي الله عنها في صحيح مسلم ، وكل هذه الأذكار سنة وليست بفريضة .

ويستحب لكل مسلم ومسلمة أن يصلي قبل صلاة الظهر أربع ركعات ، وبعدها ركعتين ، وبعد صلاة المغرب ركعتين ، وبعد صلاة العشاء ركعتين ، وقبل صلاة الفجر ركعتين الجميع اثنتا عشرة ركعة ، وهذه الركعات تسمى الرواتب ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحافظ عليها في الحضر .

أما في السفر فكان يتركها إلا سنة الفجر والوتر ، فإنه كان عليه الصلاة والسلام يحافظ عليهما حضراً وسفراً ، ولنا فيه أُسْوَةٌ حسنَةٌ ، لقول الله سبحانه : ] لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [[الأحزاب : 21]،وقوله عليه الصلاة والسلام : (( صلوا كما رأيتموني أصلي )) رواه البخاري .



والله ولي التوفيق .