من ترميم المنازل إلى استـثـمارها

بقلم الكاتب / سعيد السريحي
إعادة بناء وترميم المنازل الأثرية في مدن المملكة لا يمكن له أن يحقق الجدوى المتوخاة منه ما لم يكن مرتبطا ببرنامج متكامل يمكن من استثمار هذه المنازل استثمارا يغطي الجوانب الثقافية والاجتماعية والاقتصادية المختلفة التي تمثلها، إذ إن مجرد الترميم سوف يحولها من منازل قديمة مهجورة إلى منازل حديثة مهجورة كذلك، وليس بمثل ذلك يتحقق مفهوم الإحياء الذي تتحقق من خلاله استعادة التاريخ الذي تمثله تلك المنازل وترسيخ الهوية التي توثق علاقة الإنسان بالمكان الذي ينتمي إليه ويسكن فيه.

ولا يمكن اعتبار المناسبات الموسمية العابرة التي تشهدها مدن المملكة المختلفة كافية لإحياء تلك المنازل حين تقام بعض فعاليات المناسبات فيها أو في شوارعها وأزقتها، ذلك أن ارتهانها لهذه المناسبات لا يحول دون أن تعود مجرد منازل مهجورة إذا ما انتهت تلك المناسبات.

لذلك لا بد من برامج متكاملة تمكن من استثمار تلك المنازل طوال العام شريطة أن لا يكون لتلك البرامج آثار سلبية على تلك المنازل تؤدي إلى استهلاكها والإضرار بها ولذلك لا بد من أن تخضع هذه البرامج لرقابة صارمة تحول دون أي سوء استخدام لتلك المنازل.

والتجارب العالمية في هذا المجال يمكن لها أن تقف دليلا على الطيفية التي تحقق الاستثمار الأمثل لهذه المنازل، وكيف أن بعضها تحول إلى فنادق ومطاعم ومراكز ثقافية وصالات للفنون ومعارض للتشكيل وقاعات للموسيقى، وكيف حولت هذه الاستثمارات المناطق التاريخية إلى مناطق تضج بالحياة والحيوية وتقوم شاهدا على أصالة المكان وتميز هويته المنتمية للمكان والزمان الذي يتم استحضاره عبر تلك المنازل.