كثير من الاثار الإسلامية موجودة بين أظهرنا لا نلقي لها بالا ولا يكاد يعرفها إلا المتخصصون .. والصديق الأستاذ عبد الإله العياشي أحد المتخصصين في التاريخ والمهتمين بتتبع الاثار وتوثيقها .. سبق أن حدثني جزاه الله خيرا عن غار المستراح وحدد لي مكانه وهي فائدة يستفيدها المرء من صحبة المثقفين المتخصصين .. وقد انتهزت فرصة زيارتي الأخيرة للمدينة المنورة للذهاب إلى هذا الغار وكان أبو مشاري معي بالجوال يدلني حتى وصلت إلى مكانه تماما





وقد كثر الخلاف بشأن غار المستراح ( والحديث للأستاذ العياشي ) وهو المكان الذي نقل له الرسول صلى الله عليه وسلم عندما جرح في غزوة أحد وموقعه شمال مسجد سيد الشهداء في الحارة المقابلة للمسجد لا يبعد قرابة 500م من مدخلها وعند دخولك للمكان تشتم رائحة زكية لا يعرف من أين مصدرها وعند استدارتك لتشاهد المسجد ينتابك شعور وكأنك تشاهد ساحة المعركة لتلك الغزوة العظيمة

وقد وقفت على الغار وشممت الرائحة ولكنني والحق يقال لم أشعر بأنني أشاهد المعركة .. وأعزو ذلك إلى أنه تنقصني كثير من المعلومات التي يعرفها المتخصصون ويربطونها بأماكنها في الواقع .. والأمر الآخر أنه لا يوجد أي اهتمام بالمكان فهو موجود في داخل حي عشوائي وقد انتشرت حوله حظائر الأغنام وأجزم أن المجاورين له لا يعلمون عنه شيئا ولو سألتهم عنه لقالوا لك غار في جبل لا يحمل أية دلالة .

بينما دلالته جاءت من نقل الرسول صلى الله عليه وسلم إليه ونزف دمائه فيه وتضميد جراحه الشريفة على أرضه بأبي هو وأمي .

هذه الأماكن التي درج فيها الرسول صلى الله عليه وسلم يجب أن تعرف فهي جزء من تاريخنا وعندما نشرح لطلابنا معركة أحد من المهم أن نريهم ساحة المعركة وجبل الرماة وغار المستراح حتى يكتمل تصورهم لها .
نحن لا ندعو إلى تقديسه أو التبرك به أو ارتكاب بعض المحظورات حوله .. فلا يوجد الآن من مواطني هذه البلاد التي تشربت مبادئ الدين الحنيف من يقدس حجرا أو يتبرك بمكان .. وأما إذا كان الخوف ممن يأتي من خارج هذه البلاد فيمكن لنا أن نستغل المكان لتوعيتهم وتنبيههم بواسطة اللوحات الإرشادية أن هذا حجر لا ينفع ولا يضر وإن المهم في الشخوص إليه هي العبرة والتصور ولا شئ غير ذلك .. أما أن تهمل مثل هذه الآثار تماما ولا تذكر إلا في بطون الكتب بحجة حماية جناب التوحيد فهذا أمر يجب إعادة النظر فيه ..

وفي هذا الصدد نحن بحاجة ماسة إلى رأي الدكتور تنيضب الفايدي حول صحة مكان الغار حتى لا يقال أنه لم يثبت أن هذا هو الغار الذي استراح فيه الرسول صلى الله عليه وسلم وبحاجة إلى رأي الدكتور عباس رحيم حول مشروعية إظهار هذا الأثر وغيره من آثار الرسول صلى الله عليه وسلم .. والله الموفق