د.عبدالعزيز جارالله الجارالله
قد لا يكون هناك ربط مباشر ما بين مؤتمر صعوبات التعلم الذي افتتح مساء الأحد الماضي وبين ما قاله الشيخ عبدالمحسن العبيكان والذي نسب إليه إذا كان صحيحاً في جريدة المدينة يوم الاثنين الماضي، حيث نسب للدكتور عبدالمحسن العبيكان قوله: "إنه لا يجوز ترك عقوبة الضرب في المدارس ومن أنكر ذلك فهو متأثر بالحضارة الغربية وما فيها من زيف ومعرض عن نصوص الوحيين وقال بأن أحوال الطلاب لا تستقيم إلا بأسلوب العقاب... ومنع الضرب في المدارس جعل الطلاب الذين دللوا أكثر من اللازم لا يهتمون بالتعليم وحفظ المعلومات والاستذكار واحترام المعلمين". انتهى.
الربط غير المباشر أن مؤتمر صعوبات التعلم يلفت الأنظار إلى أن هناك تسرباً في التعليم العام والتعليم العالي لأن طلاباً مصابين بإعاقة خفيفة وغير ظاهرة ليس في السمع والبصر والحركة وإنما باستيعاب المعلومات وصعوبات في التعليم... وهؤلاء يحتاجون إلى تعليم خاص ووقت لتدريبهم وإيصال المعلومات إليهم حتى لا يتسربوا من التعليم... والعديد من المعلمين ليس لديهم الخبرة والمعرفة الكافية لحالات هؤلاء الطلاب ولو أخضعناهم إلى قانون العقوبات والزجر والردع فإما دفعناهم إلى الهروب من التعليم أو مارسنا فعل الضرب المستمر دون جدوى.
إذا كان القول منسوباً للشيخ العبيكان فإني أذكر بأشياء كثيرة وهي:
أولاً: إن عقاب الضرب سيقع على طلاب المرحلة الابتدائية (الصفوف الدنيا) الصف الأول والثاني الابتدائي وهو في سن السابعة والثامنة والتاسعة، وهؤلاء لا يستطيعون أن يدافعوا أو يحموا أنفسهم إذا وقعت عليهم قسوة وظلم من معلم أو إدارة المدرسة.. أما طلاب المرحلة الثانوية فيعرف الجميع أن المعلم (يعجز) ولا يستطيع ضربهم وعقابهم لأن لديهم ردة فعل قد تفشل العملية التربوية والتعليمية.
ثانياً: ان عقوبات الضرب لا تكون بسبب التهاون في الصلاة أو ترك بعض الواجبات الدينية أو خطأ سلوكي، وإنما بسبب عدم استيعاب الطالب ربما لعدم قدرة المعلم على إيصال المعلومة الدقيقة والصحيحة.
ثالثاً: ان المواد المسببة للضرب هي عادة المواد العلمية مثل مادة العلوم، والرياضيات، والكيمياء، والفيزياء، والأحياء، واللغة الإنجليزية. وهذه المواد تعتمد على الفروق الفردية ونسبة ذكاء ومهارة الطالب.
رابعاً: المواد الدينية أقل المواد التي يعاقب عليها الطالب، والتي ربما توجب العقاب الجسدي كما ذكر الشيخ العبيكان: من نفى أسلوب العقاب بالكلية فقوله يتصادم مع ما شرعه الله عزَّ وجلّ في كتابه الكريم وما سنّه رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في سنّته الصحيحة.
وأخلص إلى القول إن التعليم الآن مرتبط بسلامة وعافية الطالب الذهنية وخلوه من صعوبات التعلم وإن العقاب الجسدي (الضرب) سيدفع ثمنه طلاب المرحلة الابتدائية وهؤلاء فئة لا تستطيع أن تدافع أو تعبِّر عن نفسها... وربما يقعون ضحية بعض المعلمين ممن لا يقدرون المسؤولية أو من هم مصابون باضطراب سلوكي أو لديهم روح العدوانية والانتقام.. أما طلاب المرحلة الثانوية ستكون ردة الفعل والمشهد مختلفاً، لأن لا أحد من المعلمين يرغب أن يتورط معهم إذا عرفنا أن بعض الطلاب قريب جداً من سن المعلم.. وأذكر الجميع أن التعليم لا يمر فقط من بوابة الضرب والإيذاء الجسدي فهناك تعليم ناجح وفاعل قدم من خلال اللعب و(التدليع) والتحبيب ومن خلال الأنشطة اللاصفية... والكثير من المعلومات تحصلنا عليها من التلفاز والإنترنت ووسائل الإعلام دون أن يكون هناك رقيب أو معلم يحمل العصا ويلوح بالعقاب الجسدي.
المفضلات