لا أدري أين قرأت هذا المقال الذي أحفظه في جهازي ؛؛ مقالا لأحد الكتاب يتحدث فيه عن عرف ساد بيننا في العصور المتأخرة أي الحديثة وهو تخصيص يوم للرجال ويوم للنساء في التسوق وفي المناسبات والمعارض ؛ بينما هم مختلطون في المسجد الحرام نفسه منذ ما قبل الإسلام ، وجاء الإسلام ولم يغير شيئا، وظل الأمر كذلك ، بل اشتهر الشاعر الأموي الشهير عمر بن أبي ربيعة بكثرة ذكره للنساء الجميلات في جنبات الحرم ، وبالرغم من أن هذا غير مقبول ولكن لم يعرف أن السلطات أو الفقهاء قرروا الفصل بين النساء والرجال في الحرم من أجل غزليات عمر بن أبي ربيعة ، وكانت الحادثة الوحيدة المعروفة هي من فعل والي مكة الذي اشتهر بالظلم والدموية / خالد القسري ، وكان واليا للخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، وسبب ذلك كما يذكر المسعودي في تاريخه "مروج الذهب " أن:" أن خالد القسري والي مكة زمن عبد الملك بن مروان سمع منشدا ينشد:
[poem=font="Simplified Arabic,6,blue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
ياحبذا الموسم من موقف =وحبذا الكعبة من مسجد
وحبذا اللائي يزاحمننا =عند استلام الحجر الأسود [/poem]
فقال القسري: إنهن لن يزاحمنك بعد اليوم أبدا... وفرق بين الرجال والنساء في الطواف!
ويضيف الكاتب :
طبعا هذا الإجراء ليس كله لمزيد ورع وتقوى عند هذا الوالي، فهو من أكثر الولاة الأمويين، بالإضافة للحجاج طبعا، الذين ظلموا، وقيل فيه نقد كثير من قبل الفقهاء وعلماء الدين
وعلى عكس ما فعله الوالي القسري، نجد صورة أخرى ، في نفس المكان، الحرم المكي، وفي نفس الزمن، العهد الأموي ، حيث تحدث قصة أخرى ترويها لنا كتب التاريخ ، ومنها شرح نهج البلاغة، ان الفقيه المعروف ابا حازم، سلمة بن دينار، كان يطوف بالكعبة فسمع امرأة حاجة ترفث في كلامها فقال: يا أمة الله، ألست حاجة ؟! ألا تتقين الله!؟ فسفرت المرأة عن وجه صبيح ، ثم قالت له أنا من اللواتي قال فيهن العرجي (الشاعر):
[poem=font="Simplified Arabic,6,blue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
أماطت كساء الخز عن حر وجهها =وألقت على المتنين بردا مهلهلا
من اللاء لم يحججن يبغين حسبة =ولكن ليقتلن البريء المغفلا! [/poem]
عندها قال أبو حازم: فأنا أسأل الله ألا يعذب هذا الوجه بالنار! فبلغ ذلك سعيد بن المسيب (من كبار العلماء في وقته) فقال: رحم الله أبا حازم ، لو كان من عبّاد العراق لقال لها: اغربي يا عدوة الله ، ولكنه ظرف نساك الحجاز!
وختم مقاله :
هذا الظرف الذي تحدث عنه سعيد بن المسيب، وفعله الفقيه أبو حازم، هو ظرف يفتقده بعض المتدينين في عصرنا الحاضر!!!
والذي نريد أن نقول من هذا كله ؟!
لعل في الشذرات التراثية السالفة ، بعض الدلالة على أننا نحن الذين نحدد: أي تراث نريد ، وعليه نقرر أي مستقبل نمشي فيه...
مشوار طويل ، ومتعب ، ولكن لا بد من إنارة الطريق، ولو أزعج وهج الشمع من لا يحبه!
المفضلات