[align=center]
الدكتور غازي القصيبي ومقاله في الصميم
محمد عبيد غباش.. شكراً! لقد علقّت الجرس!
الذين استمرأوا، عبر العقود الثلاثة المنصرمة، التعامل مع عمالة أجنبية مستقدمة، يدفعها الفقر إلى القبول بأجور دون الكفاف، وتفرض عليها الفاقة تحمل ظروف عمل لا يمكن تحملها، يريدون أن يقنعونا بأن البطالة التي تسفر عن وجهها المرعب في الخليج الآن لا علاقة لها بالعمالة المستقدمة الرخيصة.
هؤلاء الأعزاء يفلسفون ويبتكرون ويحللون، يضعون المخططات ويبدعون المعادلات، ويتحدثون عن قيم العمل، ويتحدثون عن كفاءة الإنتاج، ويتحدثون عن التدريب، ويتحدثون عن «دلع» المواطنين، يتحدثون عن كل شيء ولكنهم يرفضون الحديث عن الأثر المدمّر للعمالة الأجنبية المستقدمة على تشغيل العمال المواطنين.
وأتلقى، بحكم عملي، كل يوم عدة اقتراحات، من مواطنين كرام لا أشك في وطنيتهم، تتحدث عن شركات عملاقة لتوظيف المواطنين، وحلقات من المطاعم والمشاريع الصغيرة تُجعل حكراً للمواطنين، وأشياء كثيرة غريبة من هذا النوع ولا تتحدث عن مربط الفرس: العمالة الأجنبية الرخيصة المستقدمة.
أستعير من الاقتصادي الصديق الدكتور علي بن طلال الجهني رأيا صائباً كرره في أكثر من موضع: «لو فتحت المانيا أبوابها لعمالة أجنبية رخيصة، لما بقي ألماني واحد في مصانع مرسيدس، ولو فعلت أمريكا الشيء نفسه لما بقي أمريكي واحد في مصانع جنرال موترز». أما نحن فقد حولنا أوطاننا إلى وكالات استقدام متخصصة في العمالة الأجنبية الفقيرة البائسة، ثم دفنا رؤوسنا في الرمال أو ربما في الريالات حتى لا نرى الأعداد المتزايدة للمواطنين الباحثين عن عمل.
مشكلة البطالة شئنا أو لم نشأ، هي مشكلة اقتصادية في جوهرها وليس لها من علاج ناجح رضينا أو لم نرض سوى الحل الاقتصادي. وهذا الحل هو ان ترتفع كلفة العامل الأجنبي، إما بالحد الجذري من العمالة المستقدمة أو برفع الرسوم على استقدامها، حتى لا يجد رب العمل أي فائدة من توظيف العامل الأجنبي. ساعتها ينتظم سوق العمل، وتعود قيم العمل، ويصبح للتدريب هدف ومغزى، وتنتهي البطالة بين المواطنين.
لماذا يتدرب مواطن يعرف بعد نهاية التدريب انه لن يجد عملاً، لان العامل الأجنبي الذي تلقى التدريب نفسه يرضى بثلث الراتب؟ وأي جدوى من تعليم المواطنين قيم العمل اذا كانت فرص العمل بعيداً عن متناول أيديهم؟
علقت، يا أخي محمد عبيد غباش (صحيفة «الشرق الأوسط» عدد 12 يوليو 2005)، الجرس بشجاعة عندما قلت: «هل يقبل صنّاع القرار عندنا ان ينافسهم أحد في وظائفهم؟ هناك كفاءات كبيرة ادارية ودبلوماسية في العديد من دول العالم يمكن لها ان تشغل كل المواقع الإدارية الدبلوماسية في الخليج بأجور تمثل عشر ما يدفع حالياً للوزراء والدبلوماسيين وكبار الموظفين فهل نقبل هذا؟».
أيها الأعزاء! عاملوا مواطنيكم كما تحبون أن تعاملوا أنتم وإلا فكروا في وضعكم لو كانت كراسيكم تحتلّها عمالة أجنبية مستوردة، أعلى تدريباً، وأكثر كفاءة!
* وزير العمل السعودي د. غازي القصيبي[/align]
المفضلات