د.عبد الله نزهه

يقول : الكاتب الأمريكي الساخر (( مارك توين ))

(( في الأوّل من إبريل نكتشف الحقيقة الّتي حاولنا أن نخفيها طوال 364 يوماً ... )) .

إنّه يوم الحماقات العالميّة و الأكاذيب الّتي يُفترض أنّها بيضاء و الّتي تتحوّل في أحيانٍ كثيرة إلى كوارث ، و الأهم من ذلك كما قال " مارك توين " أنّه يومٌ تسقط فيه كل الخبرات الّتي اكتسبناها في حياتنا و نصدّق أكاذيب تافهة لمجرّد أنّها ترضي بعض الأهواء في نفوسنا .

نيسان أو " إبريل " الّذي يبدأ دائماً بكذبة مشتق من كلمة " أبرلييس " و هي كلمة لاتينية تعني تفتّح الأزهار ، و لأنّها قصيرة العمر فجمالها أكذوبة ، و يُقال أنّه مشتقٌ من اسم " أفروديت " آلهة الحب و الجمال عند الإغريق ، و لأنّ الحب شديد الندرة ، والقبح أصبح سائداً فهو أيضاً أكذوبة .

في الشمال تختفي الثلوج ، و تهاجر الطيور ، و تخرج الحيوانات من سباتها الشتوي ، وتتفتّح الأزهار الّتي هي رمز لشهر إبريل مثل عطر الجلبان و حجر الماس . أمّا في الجنوب فنعيش بداية فصل الخريف و ننتظر الّذي يأتي و لا يأتي .

في البداية ، و وفق التقاويم القديمة ، كان هذا الشهر هو بداية العام ، و كانت تُقام في هذا اليوم احتفالات صاخبة مليئة بالرقص و الغناء كما يحدث في ليلة رأس السنة الآن ، و لكن في القرن السادس عشر عندما تمّ وضع التقويم الجريجوري

و أصبح يناير هو الشهر الأوّل وتراجع إبريل ليصبح الرابع ، و كانت فرنسا هي أول دولة في العالم تأخذ بهذا التقويم في عام ألف و خمسمائة و اثنين و ستين و لكن لم يسمع الجميع بهذا التغيير لذا فقد ظلّ البعض و على مدى سنوات يحتفلون ببداية العام في نفس الميعاد القديم و أُطلق عليهم " حمقى إبريل " .

و بالرغم من أنّ الجميع يعلمون هذه الحقيقة الآن فإنّ حماقات إبريل لم تنقطع ، فالجميع يتفنّنون في تدبير المقالب في هذا اليوم ، و أصبح من المألوف أن تشير المُدرّسة الوقوره إلى سقف الفصل و هي تصيح بالطلبة : انظروا .. سرب من الإوز الطائر، أو يهتف الموظف بزميله : لقد خفضوا الراتب بنسبة خمسين بالمائة، أو يقول التلميذ لرفيقه : المدارس معطّلة اليوم ، و قد تهتف صديقة خفيفة الدّم بإحدى صديقاتها المتزوجات و تقول : أتعرفين من رأيت اليوم ؟ زوجك المحترم جالس في مطعم مع امرأة ترتدي ثوباً أحمر .



و هكذا لا تقف حماقات إبريل عند حد فهي تبدأ من الجنس و تنتهي في السياسة ، و تخلط الحقائق بالأكاذيب كما يتم خلط الملح بالسكر ، و يُقال إنّ أفضل أكاذيب إبريل هي تلك الّتي يضحك منها الجميع و خاصةً الشخص الّذي كان ضحيّة تلك الكذبة .



و في مقابل هذا نجد حضارةً من نوع آخر، ففي مثل هذا اليوم يحتفل الصينيون بمهرجان الطهارة و الإشراق حيث لا يكذب أحد، و حيث يتبادل الناس زهور المودّة الصّفراء تفاؤلاً بشهرٍ جميلٍ اسمه " إبريل " .