في مواجهة الداخل لخيمة المهرجان من الجهة الجنوبية تجد سالم غنيم السيد منكبا على حرفته منهمكا في عمله لا يهتم بما يدور حوله .. فإذا ما اقتربت منه رأيت عجبا من الفن الخالص في صناعة نماذج الرواشين .زخارف رائعة ونقوش بديعة محلاة بالذهب والفضة تخرج من بين أنامله فتخلب اللب وتخطف الأبصار






ولما رأيت إبداعه سألته هل درست هذا النوع من الفن ؟
قال لم أدرس هذا الفن وإنما نزلت عليه نزولا

إنه نزول مبارك الذي يجعلك تبدع فيه إلى هذا الحد
قال : كنت شغوفا برؤية الرواشين منذ نعومة أظفاري وكنت أراقبها في غدوي ورواحي وأطيل النظر إليها وأتعجب كيف استطاع صانعها أن يعمل هذه النقوش البديعة والزخارف الرائعة وكانت أغلب واجهات منازل ينبع البحر تتحلى بمثل هذه الرواشين .. وأقول في نفسي لا شك أنهم يجلبونها من خارج ينبع البحر .إلى أن اهتديت بالصدفة إلى محل نجار بجوار مدرستي يصنع هذه الرواشين هو العم حمزة أبو يونس رحمة الله عليه فكنت أمر من أمام محله وأتوقف لأرمقه بعيني وهو يصنع هذه الرواشين بنفسه وتعتريني الدهشة فتمتلك علي كياني من دقته في عمله وجمال الزخارف التي تخرج من بين يديه .. وكنت أتمنى من أعماقي أن أصبح مثله

المهم في الأمر أن تعلقي بهذا الرجل دفعني إلى أن أهرب من المدرسة يوميا لأقف أمامه وهو يقوم بعمله وقد لاحظ رحمه الله تعلقي بالصنعة فأتاح لي الفرصة بأن أقترب منه أكثر وأصبح يطلب مني أن أساعده في تثبيت بعض الأخشاب أو في مناولته العدة ثم بعد ذلك زادت ثقته بي وأصبح يوكل لي بعض المهام البسيطة كنشر السدايب أو تثبيت بعض القطع الزخرفية .. وكنت لماحا في التقاط المهارات التي يتمتع بها
وأذكر أنني جمعت بعض قطع الأخشاب الزائدة وأخذتها إلى المنزل وصنعت منها روشانا صغيرا .. وأحضرته له ولما رآه دهش كدهشتي من صناعته أو أكثر وقال أنت أستاذ يا سالم .
ومنذ ذلك الحين وأنا متعلق بهذه الحرفة وأحبها من كل قلبي .. وقد صنعت الكثير من الرواشين المزخرفة بعضها بعته بيعا وبعضها أهديته إهداء
ثم تحولت بعد ذلك من صناعة الرواشين إلى صناعة الأعواد والقوانين وزخرفتها عندما كان سوقها رائجا
والآن أمتلك محلا في منزلي أزاول فيه هذه الهواية التي أجد فيها متعة لا تعدلها أي متعة




حقا أنها قصة كفاح وإصرار على تعلم حرفة وصل بها إلى حد الإبداع .. وأتمنى من الهيئة العليا للسياحة أن تتبنى هذه الحرفة وتطلب من الأستاذ سالم السيد أن يدرب مجموعة من الشباب على هذه الحرفة الفنية الرائعة حتى نحفظها من الانقراض