تقع إشبيلية على الضفة اليمنى لنهر الوادي الكبير قرب مصبه في المحيط الأطلسي في إقليم الأندلس , جنوب أسبانيا اليوم , مناخها حار صيفاً , بارد وتتساقط عليها الثلوج شتاءً ويزرع بها الزيتون ودوار الشمس.
فتحت إشبيلية عام 93 هـ بقيادة الفاتح موسى بن نصير بعد حصار لعدة أشهر , حيث كانت أعظم مدائن الأندلس شأناً وأعجبها بنياناً , وكانت داراً للملك قبل القوطيين أيام الرومان , فلما غلب القوطيون على الملك حولوا السلطان إلى طليطلة وبقيت مركزاً دينياً للمسيحيين.
حينما أستدعى الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك , موسى بن نصير إلى دمشق , عين الأخير ابنه عبد العزيز والياً على الأندلس , متخذاً من إشبيلية عاصمة له.
بعد مقتل عبد العزيز بن موسى بن نصير عام 97 هـ انتقلت العاصمة إلى قرطبة، كان العدد الأكبر من سكان إشبيلية من النصارى والبقية من العرب المسلمين . وقد كان للمعاملة الحسنة التي عومل بها العجم هناك أثراً طيباً في قيام روابط وثيقة بين المسلمين والمسيحيين مما أدى إلى نشوء مصاهرات بينهم , فكثر زواج العرب من الاسبانيات , ونشاء من ذلك جيل من الأسبان المسلمين عرفوا بالمولدين وازداد عددهم حتى أصبحوا يؤلفون أغلبية السكان.
بعد الهجمات الشرسة من قبائل النورمان الوثنيين على إشبيلية تم بناء سورها في عهد عبد الرحمن الأوسط وكذلك تم بناء الأسطول البحري لبناء السفن والمراكب , حتى أصبحت إشبيلية الميناء الأول في الأندلس .
اهتم أهل إشبيلية بالطرب والغناء , فقد قيل (( إذا مات عالم بإشبيلية فأريد بيع كتبه حملت إلى قرطبة حتى تباع فيها , وإن مات مطرب بقرطبة فأريد بيع آلاته حملت إلى إشبيلية ))
بقيت إشبيلية مدينة تابعة لولاية الأندلس ثم إلى إمارته بعد عبد الرحمن الداخل إلى أن استقل بها إبراهيم بن حجاج مع قرمونة بعد وفاة عبد الرحمن الأوسط وتولي أمراء ضعاف للأمارة فيما يعرف بدويلات الطوائف الأولى حتى استعادها عبد الرحمن الناصر.
عندما سقطت الخلافة في الأندلس وتكونت دويلات الطوائف الثانية أستقل بأشبيلية قاضيها أبي الوليد إسماعيل بن محمد بن عبَّاد اللخمي.
توالى على حكم إشبيلية بنو عباد , فبعد القاضي تولى ابنه المعتضد وكان متسلطاً جباراً ثم خلفه ابنه العادل المعتمد بن عباد حيث توسعت في عهده مملكة إشبيلية وضم إليها مدينة قرطبة.
بعد عمليات الاسترداد المسيحي للأندلس وسقوط طليطلة كان المعتمد بن عباد أحد الذين استدعوا المرابطين للجهاد هناك وصاحب الكلمة الشهيرة (( رعي الجمال خير لي من رعي الخنازير )) بعد أن هدده الملك القشتالي فرناندو , ويقصد بها لإن يأسره يوسف بن تاشفين ويرعى جماله خير له من أسر القشتالي .
أجاب المرابطون دعوة المعتمد بن عباد وعلماء الأندلس وعبروا المضيق إلى الأندلس ودارت معركة الزلاقه بقيادة ابن عباد وابن تاشفين ألتي أنتصر فيها المسلمون انتصاراً عظيماً على جيش الفونسو.
ثم إن الأمور ساءت بين المرابطين والمعتمد بن عباد فقرروا خلعه , واستولوا على إشبيلية في سبيل توحيد الأندلس من جديد , وأسر المعتمد بن عباد ونفي إلى أغمات في المغرب وتوفي هناك في شوال سنة 488 هـ.
بعد زوال حكم المرابطين تولى شئون إشبيلية الموحدون إلى أن سقطت بأيدي النصارى بيد ملك قشتالة فرناندو الثالث سنة 646 هـ ( 1248 م ) بعد أعمال حربية وحصار طويل فلا حول ولا قوة إلا بالله .
هدم جامع القصبة الكبير بإشبيلية وأقيمت مكانه أكبر كاتدرائية قوطية وثالث أكبر كنيسة في العالم مع الاحتفاظ بمئذنة الجامع وتحويلها إلى برج للنواقيس فيما تعرف اليوم بـجيرالدا , التي أبدع المسلمون في بناءها حيث ترتفع لـ 98 متراً وتتألف من 34 درجة يربط بين كل درجتين رصيف مائل صمم أصلاً لكي يصعد المؤذن إلى أعلى المئذنة راكباً جواده , وتلتف هذه الدرجات حول بناء يدعمها من الوسط.
مئذنة جامع القصبة الكبير ( جيرالدا ) حيث يظهر في الصورة جانب من الكاتدرائية
قصر المعتمد بن عباد حيث دارت قصة الحب الخالدة بينه وبين زوجته اعتماد
http://www.alhejaz.net/vb/showthread.php?t=37989
القصر من الداخل حيث روعة التصميم وترف البناء
المفضلات