رحيل العصامي.. الإعلامي بدر كريّم

هاشم: تخرج على يديه كثير من الكفاءات الإعلامية
الزيلعي: بسيرته الحافلة أصبح نموذجا ومثالا للطموح والمثابرة





خيرالله زربان - فهد زيدان - علي السعلي - جدة محمد البيضاني - الباحة

الأحد 14/06/2015


فجع الوسط الإعلامي والثقافي صباح أمس السبت، برحيل الدكتور بدر بن أحمد كريّم، بمستشفى الحرس الوطني في الرياض بعد صراع مع المرض، وستتم الصلاة عليه عصر اليوم الأحد في مسجد الملك خالد بأم الحمام في الرياض.. وقد أشاع رحيله حالة من الحزن العميق في الوسط الإعلامي والثقافي والأدبي، لما قدمه الراحل من إنجازات عديدة في هذين المجالين، فضلا عن نشاطاته الاجتماعية والخيرية العديدة، وقد بادر عدد من المثقفين والأدباء والإعلاميين في التعبير عن مدى حزنهم لهذا الفقد الكبير، معددين مآثر الفقيد، مسترجعين ما قام من أعمال وإنجازات خالدة في ذاكرة التاريخ، وعصية على النسيان.. وفي هذا الصدد تحدث لـ»المدينة» نجله ياسر بدر كريم وهو يغالب الدموع مرددًا في بداية كلامه «إنا لله وإنا إليه راجعون»، ماضيًا إلى القول: نحمد الله على كل حال، أتحدث معك الآن من داخل الطائرة وهي ستقلع بي إلى والدي كما في كل مرة للاطمئنان عليه؛ ولكن هذه المرة أنا ذاهب لوالدي وهو قد فارق الحياة.
وأضاف ياسر: كنت قد زرت والدي قبل مدة قصيرة جدا، وكانت حالته مستقرة، بل إنه كان حريصًا على متابعة الأخبار، ودقيقًا في سؤاله عن كل شيء ولكن قدر الله وما شاء فعل. حيث كان في بداية مرضه يعاني من التهاب في الرئة، وتطور الحال حتى وصل إلى تكوين ورم سرطاني، وكانت حالته مستقرة تقريبًا في مستشفى الحرس الوطني بالرياض، حتى وافته المنية هذا اليوم (أمس) ولا نستطيع القول إلا إنا لله وإنا إليه راجعون.
وحول آخر موقف أو وصية كانت من الفقيد قال ياسر: كان دائمًا يوصينا بتقوى الله في كل حال وأن نكون أقرب إلى الله.. نعم رحل والدي وستبقى ذكراه خالدة. خسرناه وخسره الإعلام، والحمد لله على كل حال.

النجم اللامع
وتحدث الدكتور عبدالله مناع عن الراحل الدكتور بدر كريم قائلا: كان - يرحمه الله - نجمًا لامعًا، وإعلاميًا متميزًا، وصاحب إنجازات إعلامية في مشواره الجميل. بنى مجدًا عصاميًا، وذا موهبة فريدة، وظهر زمنه الإذاعي في أواخر الخمسينيات من خلال برنامجه «في الطريق» الذي يقدم أهم القضايا المطروحة آنذاك، فكان - يرحمه الله - نجمًا إذاعيًا من الطراز الأول، وفي زمن التلفاز ظهر - يرحمه الله - في تغطيات الملك فيصل ظهورًا أشاد به الجميع، فكان محترفًا ومرغوبًا.
ويمضي مناع في حديثه مضيفًا: وبدر كريم كان لي معها ذكريات جميلة، حين كتبت مسلسلا بعنوان «ذكريات رمضان» وأخرجه هو - يرحمه الله - وكتبت مسلسلا آخر بعنوان «الخاسكية»، من خمس حلقات لم يكتب له النور. فهو مبدع في كل حالاته. وفقده - يرحمه الله - يعتبر خسارة كبرى للوطن، حقق مجده بنفسه، فقد كان عصاميًا علميًا وإذاعيًا وتلفزة. يرحمه الله رحمة واسعة ويسكنه فسيح جناته، ويرحم جميع موتى المسلمين. والبركة في ابنه الإذاعي ياسر ليسير على خطى أبيه.

صديق العمر
ويقول الدكتور هاشم عبده هاشم: بدر كريّم تاريخ إعلامي سواء على مستوى الإذاعة المسموعة أو المرئية أو العمل الصحفي، فالرجل بتاريخه الطويل يعتبر مدرسة، وخصوصًا في المجال الإذاعي، حيث تخرج على يديه كثير من الكفاءات الإعلامية في مجالي الإذاعة والتلفزيون، وحتى في مجال الصحافة عندما عمل بها لفترة طويلة في جريدة «عكاظ»، ومارس الكتابة من خلال مساهماته في أكثر من صحيفة، وأيضًا من خلال مؤلفاته العديدة في الإعلام وتاريخه، وهذا يؤكد على عظمة الراحل، بما يجعل من رحيله خسارة ليست لأهله وأسرته فحسب؛ بل للوطن بشكل عام.
ويمضي هاشم في حديثه مضيفًا: والحقيقة أنا كنت من أكثر الناس تأثرًا برحيل الأستاذ الدكتور بدر كريم؛ لأنه يمثل لي صديق العمر لأكثر من (40) عامًا، وله أفضال كثيرة على الجميع، وأنا في مقدمتهم، فقد ساهم في تقديم الكثير من الإعلاميين، وهو قامة كبيرة. كم لا أنسى زمالته في مجلس الشورى، فكل هذا يؤكد أن هذا الرجل كبير، ويستحق منا الحفاوة والاهتمام.
نموذج ومثال
من جانبه أوضح الدكتور أحمد الزيلعي، عضو مجلس الشورى أن الإعلامي الراحل الدكتور بدر كريم كان رجلا عصاميًا، حتى أصبح نموذجًا ومثالا للطموح والمثابرة، كما كان باحثًا ومؤلفًا. ولقد تقلد العديد من المسؤوليات في حقل الإعلام حتى وصل إلى منصب المدير العام للإذاعة السعودية، والمدير العام لوكالة الأنباء السعودية (واس).
وأشار الدكتور الزيلعي إلى أن الإعلامي بدر كريم كان يمتاز بصوت ونبرة جميلة، كما أن له برامج كانت رائعة ومنها برنامج «على الطريق»، وأصدر كتابًا عن الملك فيصل حمل عنوان «سنوات مع الفيصل»، والذي روى فيه مواقف إعلامية مع الملك فيصل - رحمه الله - كما أصدر كتابًا تناول فيه سنوات التنمية السبع التي قدمها جلالة الملك خالد - رحمه الله- ورصد فيها الدكتور بدر كريم - رحمه الله - مجموعة من القضايا في حياة الملك خالد - رحمه الله - والتي تعبر عن مواقفه منها، وما حققه من نقلات تنموية نوعية في عهده. وقد وقع الكتاب في قرابة 157 صفحة وضم 12 مبحثا.

إعلامي محنك
ويقول الإعلامي سلامة الزيد: حقيقة أننا فقدنا أحد رجالات الإعلام لدينا في المملكة، وهو من رجالات الإعلام الذين استمروا منذ عهد الملك فيصل - يرحمهما الله - كان إعلاميًا محنكًا، ورجلا إداريًا حازمًا، كان - يرحمه الله - لا يرضى بالتقاعس إبان عمله في الإذاعة، وللأسف لم أسعد بالعمل معه، وبكل صراحة نحن فقدنا رجلا ذا خامة صوتية نادرة، كنّا نعشق صوته، ونستمع إليه في كل مرة، رحل الفقيد وترك خلفه إرثًا كبيرًا، ولا يسعني إلا أن أقدم العزاء لكل من يعشق هذا الصوت، فرحمه الله رحمة واسعة، وأدخله فسيح جناته.

أستاذ اﻷجيال
ويعود الإعلامي علي السبيعي مستذكرًا مناقب وصفات الراحل الدكتور بدر كريم بقوله: لم يكن بدر كريم - رحمه الله - رائدًا ونموذجًا عصاميًا للإنسان المكافح أو المهني الحريص فقط؛ بل كان أستاذ اﻷجيال التي تربت على فخامة صوته، ودقة عباراته، وروعة أدائه اللغوي، وأنا واحد منهم. وقد التقيت به في أثنينية خوجه إبان تكريمه فيها، وسجلت معه حوارًا صحفيًا، وطلب مني رفقته في السيارة، وأخذ يحدثني عن ذكرياته وعلاقاته، وخصوصًا مع الفنان طلال مداح - رحمه الله.
ويضيف السبيعي: كان أبو ياسر هو بدر كريم الذي لم تغيره المكانة اﻷكاديمية، أو الوجاهة الاجتماعية، أو المستوى المهني، وكان فخرًا لي أن ألتقيه مرة أخرى في حفل قدمته، وأشاد بلغتي وأسلوبي، فهو الأستاذ المتيم بمهنته التي يفرح بنجاح تلاميذه، كما أحب أن أشير إلى جانب التأليف لدى الدكتور بدر كريم فهو قد سد خانة في تاريخ إعلامنا الوطني، وكل ما آمله أن يطبع ما فرغ منه ويعاد طباعة ما قد نشر كي يكون بين أيدي الجيل، لكي يتعرف ويعرف سيرة ذلك الجيل الذهبي، الذي كان أحد رموزه المضيئة إن لم يكن الأكبر بدر كريم.
ويختم السبيعي بقوله: رحم الله اﻹعلامي الشامل الدكتور بدر كريم، وغفر له. وأقدم تعازيي لأسرته الكريمة، وخصوصًا ابنه اﻹذاعي الصديق ياسر بدر كريم.
مدرسة نادرة
وعلى ذات النسق المستعيد لمآثر الفقيد يقول الدكتور سليمان العيدي: ماذا نقول في حق هذا الرجل؛ وهو أحد أعمدة الإعلام السعودي، وأحد مدارسها.. لا شك أن رحيل الدكتور بدر كريم خسارة كبيرة للإعلام ككل، وهو من الرعيل الأول، وهو من مؤسسي الإعلام السعودي في فترة كان الإعلام فيها معدومًا نوعًا ما، فكان بدر كريم طاقة إعلامية كبيرة، وقد أتحفنا بإنجازاته البرامجية والإدارية، وحتى القيادية؛ سواء عندما كان معدًا أو مذيعًا أو مديرا، حتى في لحظة بناء الإعلام الجديد.
ويتابع العيدي حديثه مضيفًا: والدكتور بدر يعتبر من الأساتذة الذين نفتخر بهم، وكنا نرافقهم، وكنا نتعلم منهم، حتى في الأداء وطريقة التقديم كان هو المعلم، وكان مديرًا ناجحًا في كل إداراته، ومرجعًا للإعلام السعودي، وتغطي جوانب كبيرة منه، وكل من رافق هذا الرجل يشهد أنه مدرسة نادرة لن تتكرر، وهو مرجع يعود إليه جميع الإعلاميين للاستفادة منه ومن خبراته الكبيرة. حقيقة إننا خسرناه، ولا نستطيع القول إلا رحم الفقيد رحمة واسعة، وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان.

مرافق الملوك
ويشارك والتربوي والإعلامي خالد محمد الحسيني بقوله: عرفت الإعلامي الكبير الأستاذ بدر أحمد كريّم في عام 1398هـ عندما أوفدت من صحيفة البلاد لتغطية زيارة الملك فهد - رحمه الله - عندما كان وليًا للعهد للباحة، وكان معنا ضمن الوفد عدد من الإعلاميين، بجانب الدكتور علي النجعي مدير عام التلفزيون، والمذيع المعروف يحيى كتوعة - رحمه الله - وبقينا في الباحة فترة عشرة أيام قبل وبعد الزيارة. ثم التقيت به في مناسبات كثيرة ومنها حفل أقامه صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز - رحمه الله - في فندق الهدا لوزراء الداخلية في 1400هـ. وكان بيننا تواصل دائم عبر الهاتف، وأهداني بعض كتبه، كما التقيت به في حفل أقامته الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة قبل ثلاثة أعوام، وأجريت معه دردشة نشرت في جريدة البلاد. ويستطرد الحسيني في حديثه قائلا: إن الراحل بدر كريم رجل عصامي، استطاع أن يكمل دراسته وهو يعمل في الإذاعة بالشهادة الابتدائية، حتى نال الدكتوراه، وأصبح أستاذًا للإعلام في جامعة الإمام محمد بن سعود، ولازلت أذكر برنامجه الشهير في أواخر الثمانينيات الهجرية في إذاعة جدة «في الطريق»، وبرنامجه في أول بداية التلفزيون «أعرف مهنتي». يتحدث عنه زملاؤه في الإذاعة بأنه رجل منظم وحازم، يتابع عمله طوال اليوم، أضاف لوكالة الأنباء السعودية عندما أسندت له مسؤوليتها الكثير، كما اختاره الدكتور هاشم عبده هاشم نائبًا لرئيس التحرير في عكاظ.
ويختم الحسيني بقوله: يعد بدر كريم أول من رافق الملوك في رحلاتهم الرسمية الخارجية، ومنهم الملك فيصل - رحمه الله - ولازلنا نذكر برنامج «تحية وسلام»، والذي كان حلقة وصل بين الطلاب في الخارج وأسرهم في المملكة. نعم إن الراحل اسم إعلامي لامع على مدى أكثر من ستة عقود، كان صاحب صوت إذاعي مميز، ويستحق منا أن نوثق مسيرته وأعماله لأنه بدأ من أول الطريق. رحمه الله رحمة واسعة، والعزاء لأسرته وأبنائه، وللدكتور أيمن وياسر.

رمز وطني
واكتفى الدكتور سعود كاتب بالقول: حزينًا أتحدث عن رمز من رموز الوطن، وعلم من أعلامها في شتى المجالات، فهو بحق يستحق التكريم، لا على مستوى الوزارة فحسب؛ بل من الجميع، خصوصا الأوساط الإعلامية. فهو - يرحمه الله - تقلد العديد من المناصب الوظيفية، ويعرف عنه أنه كان ذا أخلاق عالية، وتعامل راقٍ مع الجميع. وكلنا نشعر بالحزن الشديد لفقده - يرحمه الله.
له برامج إذاعية سكنت قلوب الناس بصوته الأخاذ الجميل، وتغطيات متلفزة تعلم الأجيال منها إلى الآن، ولم تزل بدر كريم شخصية مرموقة في قلوب محبيه تحتاج إلى تكريم.