[ALIGN=CENTER]الكذب حبله يمتد الى معظم الناس[/ALIGN]
أعتقد أن الكذب ظاهرة إنسانية، قديمة جداً. متى كذب أول إنسان في هذه الدنيا؟ لا ندري. كل ما نعلمه، أن أحدنا - في قديم الزمان - كذب، وأن أحداً آخر صدقه، ثم اكتشف كذبته، وردها بأكذب منها. الآن، فيما نظن، لا يجتمع اثنان من نوع واحد، أو من نوعين، إلا وبينهما كذبة: كذبة سوداء أو بيضاء، أو رمادية!.
هكذا يقول واقع الحال. في مجتمع اليوم في البيت، والشارع، والمكتب، والسوق، وفي الأستوديو والمسرح، و ... و. الكذب، موجود. ومنتشر، وفي تصاعد: الزوج أو الزوجة، يكذب أي منهما على الآخر. والآباء والأمهات يكذبون على الأبناء، والعكس وارد بشدة. البائع يكذب على المشتري. وأعظم دولة في العالم تكذب على كل الدول.
الكذب، عند البعض غاية. وهو عند البعض الآخر وسيلة. وهو في الحالتين، بألوانه الثلاثة: الأسود والأبيض والرمادي، تحاربه كل الديانات. ويكفي هنا الاستشهاد بالحديث (حدثنا أَبُو بَكْرِ بنُ أَبِي شَيْبَةَ أخبرنا وَكِيعٌ أخبرنا الأعمَشُ ح وَأخبرنا مُسَدَدّ أخبرنا عَبْدُ الله بنُ دَاوُدَ أخبرنا الأعمَشُ عنْ أَبِي وَائِلٍ عنْ عَبْدِ الله قالَ قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِيّاكُم وَالْكَذِبِ فإِنّ الْكَذِبِ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النّارِ، وَإِنّ الرّجُلَ لَيَكْذِبُ وَيَتَحرّى الْكَذِبِ حَتّى يُكْتَبَ عِنْدَ الله كَذّاباً، وَعَلَيْكُمْ بالصّدْقِ فَإِنّ الصّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرّ وَإِنّ الْبِرّ يَهْدِي إِلى الْجَنّةِ، وَإِنّ الرّجُلَ لَيَصْدُقُ وَيَتَحَرّى الصّدْقَ حَتّى يُكْتَبَ عِنْدَ الله صِدّيقاً".)
الكذب حبله قصير. هكذا يقول المثل الدارج. والذي يعني أن الكذبة مصيرها الافتضاح بعد وقت قصير. لكن مشكلتنا مع الكذب تظل مشكلة طويلة جدا. ذلك لأن الحبل ما أن ينتهي بافتضاح كذبه، حتى يبدأ بكذبة جديدة!. مشاكل هذا العالم كثيرة جدا، لكن تبقى الكذبة هي أم المشاكل. ورغم أن هذا العالم، بذل جهودا جبارة للخروج من مشاكله الاجتماعية والاقتصادية ومشاكل حروبه وأمراضه، إلا أنه لم يبذل مجهودا يعتد به في محاربة الكذب. كل ما فعله لمحاربة هذه الآفة السوداء، هو تقنينها بكذبة بيضاء فيما يعرف باليوم العالمي للكذب: الأول من ابريل!. في أكتوبر هذا، قلنا للكذب (نحن وراءك والزمن طويل) طرقنا أبواب عقول رجال ونساء وفتيان، فتحوها ونحن نسأل عن. الكذب!.
أبو سعيد، لم يرد أن يذكر اسمه. اكتفى فقط بهذه الكنية، ليقول لنا ما يقول عن الكذب: الكذب، صفة ذميمة في كثير من الأحيان.. ومتى تكون غير ذلك؟!. فقط حين يراد بالكذبة، إصلاح ذات البين!. أبو سعيد يحاول أن يبرر نظريته. وهي نظرية بلا سند. فيقول: هنالك ما يمكن أن نطلق عليه الكذب الإصلاحي!. مثل ماذا يا أبو سعيد؟. مثل أن تكذب، لإصلاح علاقة زوجية على وشك الانهيار، أو علاقة بين صديقين، أو الخروج من خناقة عائلية!. سألته: أنت شخصيا، هل تكذب أحيانا؟. فقال: أنا بشر. إنني اضطر أحيانا للكذب على زوجتي، مثل أن أزيد في قيمة هدية مني إليها، حتى تنال إعجابها!!.
خرجنا من دماغ أبو سعيد إلى عقل أحمد الطالب الجامعي، الذي اكتفى فقط باسمه الأول. قال أحمد وهو يضحك: إذا قلت لك إنني لا أكذب، فإنني أكون قد كذبت عليك!. حسناً، على من تكذب؟ أجاب: أحيانا على أهلي حين أهمل واجبا، أو على أساتذتي حين أتأخر عن المحاضرات، وأحيانا اكذب حتى على نفسي! فأقول لنفسي: أنت صادق جدا! على الرغم أنني أكذب!. هل الكذب انواع؟. كله نوع واحد. وإذا قلنا أن هنالك كذبا أسود وكذبا ابيض، نكون قد بررنا لأنفسنا أن نكذب!.
فادي يعترف أنه يكذب، لأنه يريد المجاملة. فيقول: أحيانا أمدح شخصا، من اجل كسب وده. أمدحه بما ليس فيه!. هل هذه ظاهرة عامة عند الناس؟. خاصة، اولئك الذين يحاولون التقرب إلى الآخرين. انهم يمدحون معاملتهم الرقيقة التي قد لا تكون موجودة أصلا!. الكذب إذن هو نوع من النفاق الاجتماعي؟.
وفاء، الطالبة الجامعية، قالت إنها ضد الكذب بألوانه الثلاثة، قالت: إن الكذب عندها خوف والصدق شجاعة. أبو سعيد قال: إن هنالك كذبا إصلاحيا، وهو ليس كذبا. وإنما هو محاولة إصلاح، إنه أسلوب كحلحلة المنازعات والخلافات.
هل تمارسه أحيانا؟. أعني ذلك النوع من الأسلوب: إنني لا أكذب، ولا أمارس مثل هذه الأساليب. إنني إنسان واضح، وصريح مع نفسي قبل الآخرين!.
دخلنا على الأخصائية النفسية إيمان، وسألتها: متى يصبح الكذب حالة مرضية؟. فقالت: حين يكون القصد منه (التعويض): تصادف كثيرا في الحياة، خاصة العملية من يلجأ إلى الكذب لنيل احترام، أو اكتساب مكانة يعجز عن الوصول إليها عمليا. الأطفال عادة يكذبون. كيف نتعامل معهم؟ يجب أن يكون بعيدا جدا عن أسلوب الضرب، أو الاستهزاء. يجب مناقشتهم بهدوء، وتبيين مضار الكذب على حياتهم، وحياة من حولهم. ويجب ان نبين لهم أن الله لا يقبل الكذابين، وكذلك المجتمع وحتى أصدقاءهم الأقربين. ثم ينبغي أن نعلم الطفل فضيلة الصدق. وفضيلة الإعتراف. وينبغي أن يكون ذلك، بعيدا عن أسلوب الترهيب أو التخويف، لأن التخويف أحيانا يؤدي إلى.. الكذب
هذا وبالله التوفيق – أخوكم : أبو ماجد
المفضلات