رئيس تحرير صحيفة الوطن المستقيل (جمال خاشقجي) لـ (عناوين):أتمنى العودة للوطن ولو خيرت بين الصحف السعودية لاخترتها دون غيرها
** خرجت بشكل مفاجئ من الوطن.. هل استقلت أم أُقلت؟
بل استقلت.
** طُرحت الكثير من الأسباب لخروجك من الوطن لا نعلم أيها الحقيقي.. لكن بصراحتك المعهودة ما الذي دفعك للاستقالة، ودعني أحدد لك سببا واحدا.. هل هو مقال الألمعي؟
مقال الألمعي لم أكن راضياً عنه، ولم أطلع عليه بل قرأته مثل أي قارئ عادي حيث كنت وقت نشره في إجازة خاصة قصيرة خارج المملكة في دولة الإمارات.. صحيح أن على رئيس التحرير رؤية كل شيء لكنني لم أطلع عليه و(أُجيزه) للنشر بل كان هناك شخص آخر هو من أجازه للنشر، ولقد غضبت من نشره وعاتبت من سمح بنشره لكنني كرئيس التحرير يجب أن أتحمل المسئولية، ومع ذلك أنا أؤمن بحرية الرأي وأن من حق من يرغب أن ينشر وفق الأسلوب المناسب للنشر دون التجاوز، ومقال الأخ الألمعي لامس موضوع يشكك في أصل أصيل من أصول الدعوة السلفية التي تقوم عليها حركة الإصلاح في التخلص من البدع وفلسفة الأضرحة والمزارات والتي قام بها مصلحون أنقياء في هذا البلد، وعموماً هناك كثير من الفلسفات الدينية الإسلامية كالسنوسية والمهدية في السودان والهند والجزائر وغيرها.
** لكننا سمعنا عن أخبار وجهود من أعلى المستويات تبشر بعودتك من جديد.. ما صحة ذلك؟
لم أسمع شيئاً .. وأتمنى العودة للوطن .. ولو خيرت بين الصحف السعودية لاخترت الوطن دون غيرها.
** يقولون أن النقاط على حروف مسيرتك الصحافية ظلت معلقة حتى الآن؟
النقاط على حروف حياتي كلها لا تزال معلقة .
** ما هو الفرق الجوهري بين جمال خاشقجي رئيس التحرير المقال عام 2003م ، ورئيس التحرير المستقيل عام 2010 م ؟
في الأول دورة مكثفة في مدرسة تركي الفيصل فهو مدرسة في فن التواصل وفي الثاني خبرات صحفية متنوعة من الزملاء في الوطن وكل شيء نصله كان يتم بالمناقشة والبحث لدرجة الخلاف ما بين الزملاء، فقد عملت مع فريق عمل على مستوى عال من التمكن والتميز برئاسة رئيس مجلس الإدارة صاحب السمو الملكي الأمير بندر بن خالد و الزميل حاتم مؤمنة وبقية الزملاء لأن صحيفة الوطن هي للوطن المملكة.
** إلى أي مدى تشعر بأن (الصحافة) تمنح الصحفي شعوراً عميقاً بأنه سيخرق الأرض، وسيبلغ الجبال طولا، وسيغير الواقع بقلمه؟
كنت دوما واقعيا، حتى وأنا أحلم فإنني أحلم بواقعية، وبالتالي لم أفكر يوما في تلك القوة الخارقة للصحافة، خاصة في بلدي، الصحافة لها نفوذها وقدراتها ولكن في حدود الحبر المتاح والمقدر لها بمقدار .
** تنقلت طوال أكثر من (25 ) عامـاً بين أكثر المناطـق الإسلامية "سخونة"، بماذا خرجت من هذه التجربة الصحفية الميدانية العريضة ؟ وماذا بقي - حتى الآن - من الصحفي المميز (جمال خاشقجي) ؟
شكرا للإطراء ، يكفيني الشعور بالرضا أن أكون صحفيا محترفا ، ومحترف لا يعني جيد أو سيئ ، لقد جعلت الصحافة مهنتي فلم أمارس بجوارها تجارة أو عقار أو تدريسا ، لذلك سيبقى الصحفي معي ولا أريد أن أتخلص منه لأني أحن دوما للعودة، ولدي الكثير والكثير من الذكريات والصور والأشرطة والأوراق التي لا زلت أحتفظ بها و أتمنى أن أحولها إلى كتب، شهدت الكثير خلال الربع قرن خاصة فيما يخص " الحركات الإسلامية " وهو موضوع لا يزال ساخنا .
** تحدثت بحماسة منقطعة النظير في الأسبوع الماضي والذي قبله عن صحيفة الوطن الإلكترونية (وطن أون لاين)، كيف ترى مستقبلها الآن؟
صحيفة الوطن أون لاين الإلكترونية .. توجه جديد في الإعلام، وإذا لم نكن في الوطن نحن الإعلام الجديد غيرنا سيكون، وأنا أقول ذلك لأن صحيفة الوطن تمتلك البنية التحتية المناسبة للإعلام الجديد لذا من الضروري التواكب معه، والوطن أون لاين ستضم بالإضافة للأخبار والمتابعات الصحفية الصوتيات والمرئيات والتفاعل السريع مع رغبات القارئ، وهي في رأيي أهم من اليومية وأكثر تفاعلاً وهي المستقبل، والصحافة الورقية في رأيي أيامها محدودة لكن لا يمكن الجزم بوقت محدد لتوقفها في عشر سنوات مثلاً بل هي تخضع لعقل القارئ، وقد يفاجئنا القاري بأن يرجع للصحف الورقية ويقول ازعجتونا بزحمة الإنترنت وغيرها .
** بصراحة شديدة.. هل ندمت على شيء اتخذته في الوطن (قرار، موقف، رأي، مقال.. إلخ)؟
أوه .. أوه من الطبيعي أن نعمل ونخطئ ونندم، ولكن بالنسبة لي ليس الندم بمفهومه الخاطئ بل الندم على أن كان من المفروض عمل كذا بدلاً من كذا وكذا وهو مبرر وله أسبابه لأننا عملنا في الوطن بهدف تحقيق شيء إيجابي..
** غيرت شكل وشخصية الوطن الإخراجية وترويستها الخارجية وأغضبت الكثيرين.. هل كان رغبة منك في التخلص من تركة من سبقوك لوضع بصمة جمال خاشقجي الخاصة؟
لا .. ليس بهذه البساطة في الطرح بل كان لدينا في الوطن بشكل عام توجه جديد أوضحته في حينه.. وحول هذا الموضوع ذكرتني بموقف بعض الكتاب الذين كانوا محبطين من الشكل الجديد ويقولون أنه صادم، وكذلك القراء، بعض القراء حتى أكون دقيقا غضبوا كثيراً من التغيير.. وفي رأيي أن هذا الغضب كون الوطن صحيفة تمثل لهم فكرة أو تيارا أكثر من كونها مجرد صحيفة فقط.
** لكنك لم تجاوب على السؤال أ. جمال لماذا غيرت الشكل الذي تعود عليه القراء؟
لقد استعنا بخبرات أجنبية واطلعنا على عدد من التجارب ورأينا أن المستفيد هو القارئ، وتأكد لنا أنها ستكون في المقدمة قبل الجميع شكلاً ومضموناً وبالفعل مع مرور الوقت اختفت الأصوات الغاضبة تدريجياً.. ولا زلت أراهن على شريحة القراء الشباب .
** يلاحظ ومنذ عودنك الثانية للوطن أنك لم تعد تتخطى إشارات ممنوع المرور، و أن (الوطن) أصبحت أكثر (هدوءاً) وأقل مشاكسة، وزادت الخطوط الحمراء.. هل تتفق معي ؟
بدون أي تواضع أقول الوطن هي التي تقود، وهي من يطرح القضايا أولاً، ثم يتبعنا الآخرون.
** قلم , وميول لجهة ما .. هل تضمن مستقبلا جيدا في صحافتنا؟
لا .. الصحافة حرفه تحتاج إلى خبرة ومهنية وحب .
** من النادر أن نقرأ لك مقالا لا يتحدث عن السياسة .. هل الأمور الأخرى لا تستحق كتاباتك؟
يقول جورج اوريل " جميع القضايا هي قضايا سياسية " .
** قلت ذات مرة :" السيدات السعوديات لا يدافعن عن حقوقهن.." . لكنك لا تمنحهن المساحة للدفاع عن حقوقهن في جريدتك ؟
كل يوم " صوتها " يلعلع في الصفحة قبل الأخيرة .
** الغيرة الإعلامية .. ماذا تعني لك ؟
تنافس ، نعم أغار عندما أرى صحيفة أخرى سبقت الوطن إلى خبر .
** لماذا لا يزال (البعض) يعتقد أنك تقود الحرب الصحفية ضد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟
معاذ الله أن أفعل، ولكن الهيئة " تتفاعل " كل يوم مع المواطن وبالتالي يحصل تماس، وأحيانا يكون هذا التماس سلبيا وبالتالي تحضر الصحافة، كم مرة اشتبكت هيئة المواصفات والمقاييس مع مواطن يتسوق مع زوجته ؟
** يقال أنك كنت تحمل لواء دعوة الاختلاط في المجتمع من خلال ما تطرحه في الوطن .. ما صحة ذلك ؟
هذا غير صحيح كنا ندعو للاختلاط العام من الناحية التنموية التي تعود بالنفع على المرأة والمجتمع، فلا يخف على الجميع أن المرأة عندما تعمل تكون عنصرا فاعلا ومنتجا تصبح لها اليد العليا في رفع مستواها وإصلاح حالها في المجتمع وتعزيز دورها المهم .ولم نكن ندعو لأي نوع من الاختلاط الآخر .
** بعد استقالتك المفاجئة ..كيف تتقبل الانتقادات والهمز واللمز حولك؟
الانتقادات أهلا بها، أما الهمز واللمز فليس من خلق المسلم، وعلى كل حال لا أحد يضيق بالاهتمام فكما قيل " حبني أو اكرهني...المهم أن لا تهملني " .
** مقالك الشهير (أي سعودية نريد ؟ ) أثار الكثير من ردود الفعل؛ أما زلت مقتنعاً بما كتبت في ذلك المقال ؟
بالطبع ، فلم يطرأ شئ يجعلني أعود عما كتبت، والذين مارسوا بعض " الصخب " بعده انتصروا لشيخهم فقط ولم يناقشوا فكرة المقال ، ومن ناقش قولني ما لم أقل كعادتهم دوما عند الاختصام واتهمني في ديني وعقيدتي ، يا الله كم يفرح هؤلاء أن يكفر الناس أو يمرقوا من الدين كأن جنة الله ضيقة ، تعالى سبحانه عما يقولون وما أوسع رحمته بعباده.
** بحكم قربك من الأحداث لماذا يتهم (الليبراليون) (الإسلاميين) بأنهم يقفون خلف فشل أغلب مشاريعهم "التنويرية" في المجتمعات الإسلامية ؟
الإسلاميون أنواع والأصل فيهم أنهم شركاء في " التنوير " والنهضة والإصلاح ، هناك متطرفون في الجانبيين ، البعثي مثلا " ليبرالي " تماما في السهرات إياها، وظلامي غير متحضر عندما يباشر وظيفته في المخفر أو المخابرات .
** إبان توليك رئاسة الوطن .. هل كنت تشعر بأن هناك من يؤلب عليك السلطة .. ولنكن أكثر شفافية هل بعض الملتزمين كانوا يضايقونك؟
هذا صحيح وليس عليك إلا أن تبحث في مواقع الإنترنت وتسمع خطباء المساجد لتجد حالة احتقان ضد الوطن، لكننا استطعنا تفكيك بعضها لكنها حالة احتقان وأسميها صناعة الكوابيس.
** ما هي نصيحتك لرؤساء التحرير السعوديين الآخرين ؟
أستغفر الله ، معظمهم أساتذة لي .
** حسْن النية.. هل يكفي ذلك في الصحافة ؟
يكفي " أن يوديك في داهية " !
** متى تكون الصحيفة "متعة" رئيس التحرير ، قبل أن تكون "بهجة" القارئ ؟
إذا لم " يبتهج " القارئ بالصحيفة يجب حينها ألا تطول " متعة " سعادة رئيس التحرير بها.
** طموحك الشخصي أين يقف؟
طموحي شخصي وبسيط، أن أمتلك يوما مزرعة في المدينة المنورة ، أجلس في الديوان ، أمام البركة والنخيل ، من حولي أهلي وكل من أحب، جميعهم سعداء ، وأسمع صوت مؤذن الحرم من بعد ينساب بآذان العشاء ، الله . أنه شعور لذيذ حقا .
** ما هي مشاريعك المستقبلية الآن؟
أخذ إجازة وراحة وأتمتع بوضعي الاجتماعي الجديد (زواجي الجديد).
المفضلات