[align=center][/align]
جدة من أحمد الجارالله:
عندما يرفع الشعار »أنا الخليجي والخليج كله طريجي« ويتنفذ لا يكون شعارا فارغا, كما هي الشعارات العاطفية والحماسية الشائعة التي أوصلت الأمة الى اليأس, والتي تنتمي الى القول الفاقد الصلة بالفعل.
ويوم الثلاثاء الماضي اقترن الشعار بالفعل والتنفيذ, ولم يعد النشيد »أنا الخليجي...« شعارا فارغا. ففي ذلك اليوم, الثلاثاء, الواقع في العشرين من ديسمبر 2005م أعلن في الرياض عن انطلاق اعمال التنفيذ لإنشاء أكبر المشروعات التي رخصت لها الهيئة العامة للاستثمار في السعودية تحت اسم »مدينة الملك عبدالله الاقتصادية« باستثمارات تصل الى 100 بليون ريال سعودي, اي ما يساوي 27 بليون دولار اميركي, ومساحة تبلغ 55 مليون متر مربع على ساحل البحر الأحمر بطول 35 كيلو مترا بالقرب من مدينة رابغ الصناعية, وعلى بعد نحو ساعة من مدينة جدة لتكون بمثابة مدينة جديدة على البحر الأحمر. ويضم المشروع الضخم, الذي سينفذه تحالف شركتي »إعمار« الإماراتية و »عسير« السعودية ست مناطق رئيسية هي ميناء بحري عالمي, ومنطقة صناعية, ومنتجعات شاطئية, وجزيرة مائية, وثلاثة أحياء سكنية ومدينة تعليمية. ويوم الثلاثاء الماضي أقيم حفل خاص في الرياض للكشف عن تفاصيل المشروع بحضور خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي العهد وزير الطيران والمفتش العام الامير سلطان بن عبدالعزيز, والشيخ محمد بن راشد اˆل مكتوم ولي عهد دبي وزير الدفاع في دولة الإمارات. ويوفر المشروع الستراتيجي 500 ألف فرصة عمل جديدة, مع توقع انتقال اول مجموعة من الشركات والسكان الى المدينة في غضون 24 ¯ 36 شهرا.
المصادر ذات الصلة الوثيقة بالاوضاع السعودية, ماضيا وحاضرا, اشارت الى المعاني السياسية لمشروع »مدينة الملك عبدالله الاقتصادية, باعتبار أنها المعاني المتجاوزة لمفاهيم الاقتصاد, حسب رأيها... فالمشروع جسد, وربما لأول مرة, التفاعل الخليجي, لجهة ربط المصالح, واشاع التفاؤل في المنطقة.
وعندما أعلنت الموازنة السعودية العامة بأرقامها المترفة قلنا هنا في »السياسة« ان هذه الموازنة كما هي للمملكة كذلك هي لمنطقة الخليج, كون وجود تلازم في اوجه صرفها. وفي الوقت نفسه كشفنا عن سلسلة من مشاريع الإصلاح لمح اليها خادم الحرمين الملك عبدالله في مجالسه والتي ستأخذ طريقها الى التنفيذ حسب ترتيب الاولويات.
وتعود المصادر الى القول أنه بهذا القياس, ووفق معايير الاصلاح, فان مشروع مدينة البحر الأحمر قرب جدة, لا يكون خارجاً عن الاجندة الاصلاحية, بل هو جزء لا يتجزأ منها, مع تمتعه بمزية امكان القراءة السياسية له حيث تجاوز الجانب المحلي إلى الاقليمي وسعى فوراً إلى افتتاح مشاريع ربط المصالح الخليجية, بربط مصالح المملكة بمصالح دولة الامارات, والذي سيقود في المستقبل إلى ربط مصالح كل دول الخليج بعضها ببعض.
الملك عبدالله وعد واوفى, كما تقول المصادر, واثبت بان كل فوائض الموازنة السعودية لن تذهب بعد اليوم إلى جيوب النافذين, بل إلى مشاريع التنمية, والاعمار والاسكان, وإلى مشاريع التأهيل التي لا تعطي السمك, بل تعلم الناس كيف يصطادون السمك.
وفي هذا المضمار تكشف »السياسة« عن ان الملك عبدالله اوقف العطايا (الشرهات) غير الطبيعية والمسرفة, واصبحت ارقامها تصب في بيت المال, كما أوقف استخدام الطائرات الحكومية إلا للمهمات الرسمية, ومنع استخدامها عن النافذين, مهما كانوا, لقضاء مهامهم الخاصة. كما امر خادم الحرمين الملك عبدالله بتوجيه الأموال إلى مشاريع التنمية, وتسهيل مهمات الاستثمار الخارجي, وتحديدا المتعلقة منها بمزاوجة الاستثمار السعودي بالاستثمار الخليجي لانه مقتنع بمبدأ ربط المصالح, وبأن ربط المصالح هو سبيل لاشاعة الأمن والاستقرار في المنطقة. وكذلك فان مشروع »مدينة عبدالله الاقتصادية« , قد جرى ابعاده عن الروتين الحكومي وبيروقراطية جهاز الدولة والتي أمر خادم الحرمين الملك عبدالله بمكافحتها.
ومع افتتاح العمل في هذا المشروع الضخم يتوجه خادم الحرمين نحو انشاء محاكم تجارية لحفظ الحقوق وتطويرها, يتولاها قضاة ضالعون في القضايا التجارية.
وجاء الاعلان عن انشاء المدينة ليضاعف موجات التفاؤل بعهد عبدالله, فمشاريعه الاصلاحية تسربت للناس, واصبحت في علمهم, خصوصا وان الملك لا يتردد في تأكيدها والافصاح عنها لكل من سألوه.
لقد توقفت في المملكة الكثير من النفقات غير المبررة وغير الطبيعية والتي لا تدخل في مشاريع التنمية, ويستفيد منها النافذون في الجهاز الحكومي وبعض ابناء الاسرة الحاكمة. ويرى الناس واوساط المجتمع السعودي في هذه الاجراءات خطوات اصلاحية جريئة, وبدأوا يرون ان المرحلة القادمة, كما يراها الملك عبدالله, ستكون مرحلة تنمية في سائر المجالات, الاقتصادية والثقافية والفكرية بما يعزز مكانة المملكة كقاطرة للداخل السعودي وللخارج الخليجي بكل تنوعاته واهتماماته.
وفي هذا الجانب الموصول بدأ خادم الحرمين الملك عبدالله يستفسر عن معوقات تدفق الاستثمار الخارجي إلى المملكة , بعد ورود شكاوى من كبار المستثمرين من برنامج »السعودة«, الذي يقال ان خادم الحرمين يعيد دراسته الآن, بحيث لا يموت الذيب ولا تفنى الغنم وباهتمام شديد فالصناعيون ورجال الاعمال يقولون انهم جاهزون للتعاون مع هذا البرنامج, اذا لم يدفع الوافدين الى الهرب والعمل في دول خليجية اخرى. وممكن لبرنامج »السعودة« ان تكون له اساليب عدة في التنفيذ, افضل من الاسلوب الحالي, الذي يلزم بتوطين الوظائف من دون اعداد الكوادر المؤهلة.
وفي غمرة هذا التفاؤل في المجتمع السعودي بعهد الملك عبدالله, اصبحت اوساط هذا المجتمع تتطلع الى قيام المشاريع الكبيرة والضخمة خصوصا وان الاموال اللازمة لها متوفرة, ولا تحتاج الا الى التفاهم بين القطاع الخاص والدولة. وفيما يشبه التبليغ تخاطب هذه الاوساط الملك عبدالله, وتقول له يا خادم الحرمين ان المنطقة كلها تابعت تحالفكم الاعماري مع دبي, الذي قال عنه الشيخ محمد بن راشد انه جوهرة تاج القيادة السعودية, بارقام نفقاته المذهلة, والمدة القصيرة لانجازه, ودوره في تجسيد اهمية القاطرة السعودية في ربط المصالح مع الاخرين.
وتعود المصادر الى التذكير ان رحلة استخدام فوائض الموازنة السعودية قد بدأت, وان هذه الفوائض ستظل متوفرة واستخدامها سيظل قائما عبر انفاق عادل وتحت رقابة ولي الامر.
واضافت ان اوساط المجتمع السعودي بدأت تعرف الاجراءات التي اتخذها خادم الحرمين الملك عبدالله في المحافظة على المال العام, وتعتبرها جوهرة الاجراءات كلها. وكذلك بدأت تعرف ان القطر الذي سينهمر بعده المطر قد بدأت تباشيره كون خادم الحرمين الملك عبدالله يدرس الآن مشاريع كثيرة ستأخذ طريقها الى التنفيذ السريع, كما هو مشروع مدينة البحر الاحمر الذي ادهش الجميع في المملكة وفي كل منطقة الخليج.[IMG]