--------------------------------------------------------------------------------
* * (( قصتي مع عـبارة الـموت )) * *
بسم الله الرحمن الرحيم
قصة حلوه قريتها في أحد المنتديات عن وحده سعوديه أسمها شهــد نجت من العبارة المتوجهه من ضبا إلي مصر
قصه محزنه ومؤثره جداً ، ارجو ان تكون ما هي مكرره و إليكم القصه التي كتبتها بقلمها >>
----------------------------------------
أكتب لكم قصتي هذه بعد ما عايشته في العبارة المنكوبه المتوجهه إلى مصر
فعلا .. قصتي مؤثرة
أنا أحمد الله الآن لأنني حية أرزق فوالله ما كان بيني وبين الموت إلى شعرة واحدة ..
بداية قصتي كانت عندما اتصل بي زوجي وقال لي تجهزي يا شهد سنتوجه إلى مصر عن طريق البحر
كنت مسروره بذلك فهذه أول تجربه لي بالسفر عن طريق البحر ، بدت لي الفكره جميله
وبدأت بالإستعدادات وجمعت جميع إحتياجاتي واحتياجات زوجي ووضعتها بالحقائب
وعندما حان موعد المغادره توجهنا إلى ضبا وفي الوقت المحدد ركبنا العبارة ..
التي هي عبارة الموت كما يسميها البعض أو ( السلام 98 ) ..
كان الوضع ليس هادئا كليا ولا صاخبا بل كان هناك بعض الضجيج من الركاب وليس من العبارة ذاتها ...
كان الجو العام هناك مضطربا وليس هناك أي إرشادات للركاب ولا لأماكن الجلوس ؟!
ذهبنا للغرف الداخليه وجلسنا في غرفه ولكن الوضع لم يعجبنا فسلمناها لعائله أخرى ..
ذهبنا لسطح العباره وجلسنا في أماكن الجلوس المخصصه للركاب وطلبنا بعض الوسائد والبطانيات
لأن الجو كان باردا قليلا
ماهي إلا ثوان قليلة وبدأت العباره بالمشي بدون أي سابق إنذار
وكان الجميع فرحين و في حاله ممتازه !!
مر الوقت وأتى الغروب وكان ساحرا كان مبهجا رومنسيا بمعنى الكلمه
خصوصا أنه كان من سفينه كان كما نراه في الأفلام ولا يصبح حقيقه ..
ولكن بعثر كل هذا الجو الرائع والمنظر الرومنسي اللأخاذ دخان شممناه .. وأحسسنا بأن طاقم العباره في حالة
إرتباك غريبه لم يحس بها أحد من الركاب فلم نعر هذا الأمر إهتماما
ورددت الوهم القائل : هذه أول رحله لي عن طريق البحر ، ويمكن أن هذا الامر شيء إعتيادي ، فلم أعره إهتماما
ولكنني لم أعلم بأن هذا الأمر هي بدايه رحلة الموت لكل من كانوا موجودين معنا !!
وبعد حوالي النصف ساعة أزداد هذا الدخان وأربكني كثيرا .. ومم زاد الأمر سوءًا هو خروج شخص من الأسفل
قائلا : " تعبت من النار اللي بالعفش لازم نطفيها " ، ذهب زوجي يستفسر بالأمر ولكن دون جدوى ..
جلس زوجي في مقعده و بعدها خرجت لأستنشق بعض الهواء النقي خارجا تاركةً إياه جالسا ..
أحسست بأن السفينه مائله قليلا نحو اليمين ؟!
تأملت الجو خارجا ورأيت الشمس تغرب شيئا فشيئا إلى أن تلاشت كليا ورأيت أضواء ضبا تتلألأ في جنح الليل ...
السفينه تكمل المسير مائله جهة اليمين ،، صدقا أحسست بأنها مائله على غير العادة ،
إزدادت البرود ومعها قوة الرياح وأحسست بالقشعريره فهممت بالدخول ..
دخلت إلى الداخل وجلست بمكاني قرب زوجي النائم فأيقظته .. فإنني قد مللت الجلوس وحدي
كان الجو هدئا .. ولم أعلم أن هذا الهدوء هو هدوء ما قبل العاصفة
لم نلبث سوى قليلا حتى أزداد الدخان وأصوات المستغيثين و هروب عمال العباره من الأسفل وبدأ الضجيج قليلا
عندها تجمدت أعصابي ووقف تفكيري وقلت لزوجي " طلعني من السفينه ألحين " من دون تفكير ...
اضطرب الحال والناس في حالة فزع غير معهوده من قبل ...
أزدادت السفينه ميلانها بقوه لليمين والناس في حالة يرثى لها فمنهم من يصرخ ومنهم من يتشبت بشيء
ومنهم من يحاول النجاة خارجا نحو الباب في حالة صراع مع الجاذبية
أصبح سطح السفينه ممتلئ بالناس الذي حاول بعضهم القفز من السفينه والبعض الآخر يبحث عن أطواق النجاة ..
كل هذا والسفينه تبحر ولم نرى قبطان السفينه ولا أعلم هل هو موجود أم لا ...
فجأه و من دون أي مقدمات إرتفعت مقدمه السفينه بينما مؤخرتها تغرق في البحر
عندها تفجرت أفواه النساء بالصراخ والأطفال بالبكاء وامتلأت قلوب كل من كانوا بالسفينه بالرعب ..
هنـــا أيقنت أنها ساعة الغرق وساعه الموت وأن هذا يومي لا محاله .....
أسرع الناس نحو المقدمه ويعم الأجواء بروده غير إعتياديه والأمواج تتلاطم بالناس وكأنهم أحجار
وصراخ النساء يصم الأذان . وكل هذا والسفينه تمشي وكأن شيئا لم يكن ..
بدأ الدخان يعلو علينا ونوافذ السفينه بدأت تتكسر والأبواب بالتهشم والناس يتدافعون نحو المقدمه
في هذا الموقف لم أحس بنفسي ولم أقوى على التفكير فكنت أصرخ من غير وعي وكنت متشبته بزوجي ولم أفارقه
إلى أن أرتفعت السفينه ورأيت آخرها وقد علت عليه مياه البحر ... صرخت مناديه زوجي ولكن بلا مستجيب
والناس يعقون واحدا تلو الأخرى بالمؤخره .. وأحزنني منظر تلك السيده التي تنوح وتبكي وتبحث عن أطفالها
إزداد فعلا إرتفاع السفينه وأصبحت الجاذبيه تسحبنا بقوه نحو المياه والناس يتقاذفون إليها ..
وكلما نظرت إلى أسفل كنت أرى الهلاك بعينه فلم أجرؤ على النظر إلى الأشخاص الذين يُدهسون بالأسفل !!
كل من كانوا على السطح يبحثون عن أي شيء يتشبثون به كـ( أشخاص ، أعمده ، حبال )
فقد كنت أنا ضحيه فتعلق خمسة أشخاص بعبائتي وأنا متمسكة بعمود في السفينه ولم أستحمل جرهم لي و لعبائتي ..
عندها توقف مخي عن التفكير وبقي شيء واحد أفكر به وهو ( التشبث بالعمود )
فألقيت كل تفكير وكل قواي العصبيه والحسية والمعنويه في هذا الأمر ، لم يستغرق الأمر إلا ثواني قليله
وامتزعوا عبائتي من جسدي وكأنما انتزعوا الروح عن الجسد ..
وأنكشف وجهي وشعري ولكن لم تكن هذه مصيبه فالأحداث التي تحدث هي أعظم وأقوى من أن يستحمله بشر ....
وصل ماء البحر إلى نصف السفينه والناس يسقطون إلى الماء وأنا متشبثه بالعمود وبقايا من عبائتي متشبثة معي
وأنا أقول في نفسي : " ماراح أترك ها العمود حتى لو أنسلخ جلدي عن لحمي أو انخلع لحمي عن عظمي " ..
ووقفت لحظه مع نفسي وقلت: " لو طحت وش بيصير لي " عندها تجرأت ونظرت إلى أسفل وياليتني لم أنظر
ورأيت أطناناً من الناس رجالاً ونساء وأطفالا يتكدسون بالأسفل مع أطواق النجاه والحبال والحطام بالماء
وكمٌ هائل من الجثث تطفو معهم .. كانت أول مره لي أرى جثه شخص ما ..
رأيت بأم عيني بأن السفينه بدأت تحترق والناس كانوا يبحثون عن القبطان ولا أعلم ماحدث ،، بدأت النيران تشتعل
ودفعت نفسي بقوه إلى أعلى السفينه لكي أسقط على الجنب ولا أسقط مع من تكدسوا بالأسفل إلى أن وصلت .....
عندها تشهدت وأخذت نفسا عميقا وقفزت بالمياه من غير تردد ...
سبحت إلى أعلى وتنشقت الهواء بقوه ، وكان قلبي يخفق لدرجه أنني احسست بأنه سوف يخرج من صدري
عندها سارعت بالسباحة بعيدا عن السفينه وأرعبني منظرها عندما كانت بشكل قائم مع سطح البحر
وكان نصفها السفلي غارقا بالماء ، والعلوي يحترق جزئيا ..
وصراخ النساء والأطفال وهم يغرقون أحزنني جدا وفكرت في زوجي وماذا حل به وهممت بالبحث عنه فلم أجده
كنت أحاول قدر المستطاع البعد عن الأشخاص لكي لايغرقوني معهم ، كنت أرى مئات الأشخاص يغرقون أمامي
ولا أستطيع انقاذ أحد .. عندها حمدت الله أن والدي كان يحرص على تعليمي السباحه والغطس في صغري ..
ابتعدت قدر المستطاع عن السفينه ووجدت طوق نجاة تمسكت به وهدأت نفسي
إلتفتت إلى السفينه ونظرت إليها نظره مودع ووجدت البحر يلتهمها شيئا فشيئا إلى أن ابتلعها كلها ..
والبحر كان أسودا سواد الليل لم يضئه إلى أضواء النجوم والقمر وكشافات أطواق النجاة الليليه ..
عندها أفزعني جدا منظر القروش التي تواجدت هناك .. والتي تلتهم الناس وتقطعم إلى أشلاء
ودماء المتقطعين تجذب القروش الأخرى نحوهم ..
ومنظر تلك السيده التي رأيت نصفها الأعلى ونصفها الأخر لا أعلم أين هو ؟؟
وكل هذا والناس في حاله صراخ ورعب من بداية هذه المحنه..
تعبت وأنا أسبح بالمياه بالبارده مبتعده عن السفينه ، ولا أعلم إلى أين أتجه أو إلى أين أذهب ؟؟
تشبثت بطوق النجاة تاركه الأمواج تقذف بي يمنه ويسره ، تاره تسحبني للأسفل وتاره للأعلى
وعندها أفرغت كل طاقتي المتبقيه في الدعاء لي ولباقي الناس بالنجاه و الوصول إلى بر الأمان ...
سبحت مبتعده عن السفينه بحوالي خمس أو ست ساعات إلى أن تعبت كليا وانهكت ثم لم أحس بنفس وأغمى عليّ ..
لا أعرف صراحة كيف أغمي علي ولكنني بدون وعي ومن شده الإرهاق توقفت أعضائي عن العمل ..
لم أصح إلى على صوت تلك الباخره السياحية الأردنيه الكبيره ومناداه بعض الناس لي وكانت الساعه تقريبا الـ12 ظهراً
فتحت عيني وأزلت آثار النوم فلم أصدقها وصرخت بأعلى صوتي مستغيثةً بهم ..
أنزلوا السلم ونزل شخص وانتشلني من على الماء ووضعني على سطح الباخره .. وجاءت إمرأتان أردنيتان
حملنني وأدخلوني إلى غرفه من غرف الباخره .. وأعطوني ملابس نظيفه وعبائه
عندما نظرت إلى نفسي بالمرآه لم أصدق عيني هل هذه أنا أم شخص آخر ..
فقد كانت بعض من خصلات شعري متقطعه ومفقوده ووجهي به كدمات كثيره وأظافر يدي متكسره
وكل أكسسواراتي التي كنت أرتديها ضاعت وأيضا ساعتي وحقيبتي بما فيها البوك والجوال !!
وملابسي يرثى لها فهي متبلله ومتشققه ولا أمل من لبسها مرة أخرى أبدا ..
كل هذا حدث لي ولم أشعر به ... سبحان الله
عندها أخذت حماماً ساخنا ولبست الملابس الدافئه الجافه وجلست بالغرفه أبكي على مصير زوجي
ولا أعرف أين أراضيه حاليا ..
دخلت واحده من النساء إثر سماع بكائي
فهدئتني وأعطتني جوالها وكلمت أهلي أطمئنهم على سلامتي وأخبرهم بأن يقابلوني
في المستشفى القريب من الميناء ..
مضت 3 أيام بالباخره وهي من أسوأ الأيام التي مرت علي .. وفرحت عندما قالوا لي لقد وصلنا الميناء
عندها لبست العبائه واستعديت لفتح الأبواب ..... ونزلت من السفينه إلى الأرض وودت أن أقبل الأرض لولا خجلي ..
ومن ثم حولوني للمستشفى وقابلت أهلي هناك .. والحمدلله اتى جميع أهلي بمن فيهم أبي وأمي
وكان شعوري لايوصف ،، وكان الجو مفعم بالفرح والسرور والمحبه والبكاء ....
حمدت الله حمداً كثيراً فما أنجاني إلا رحمة ربي .... سبحان الله رب العالمين
رحم الله جميع الموتى بما فيهم زوجي - رحمه الله - .
رجعت إلى الرياض إلى بيتي ( أرمله ) .. وسوف أعيش بقيه عمري أتذكر تلك الليله المأساويه المرعبه ..
حسبنا الله ونعم الوكيل
لكم اجمل تحياتي
ويسعدكم ربي
م
ن
ق
و
و
و
و
و
ل
المفضلات